كيف ينفذ تنظيم الدولة هجماته في سوريا رغم إعلان القضاء عليه؟.. خبيران يكشفان إستراتيجيته الجديدة

مع تتبع مسار تنظيم الدولة العسكري في سوريا أخيرا، لم تخض عناصره عمليات عسكرية للاستيلاء على نقاط أو فرض سيطرة على مساحات جغرافية، إذ باتت إستراتيجية التنظيم تعتمد على عمليات أمنية خاطفة

مدونات - داعش تنظيم الدولة
تنظيم الدولة تبنى مؤخرا عدة هجمات استهدف معظمها قوات النظام السوري (رويترز)

شمال سوريا- بعد أكثر من 3 سنوات على إعلان القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ومقتل زعيمه عبد الله قرداش، في شهر فبراير/شباط الماضي بغارة أميركية على شمال سوريا، لا يزال التنظيم يثبت حضورا في الميدان السوري وينفذ هجمات عسكرية واسعة تستهدف بالدرجة الأولى قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها.

ورغم أن التنظيم لا يمتلك سيطرة حقيقية على الأرض، وليس بحوزته مناطق من مدن أو قرى في سوريا، فإن هجماته تعكس أن عناصره يمتلكون القدرة على المناورة والحركة في الجغرافية السورية، وإن كانت تنحصر في البادية والمناطق المتاخمة لها بمحافظات الرقة وحمص ودير الزور.

والأحد الماضي، قتل وجرح 5 عناصر من قوات النظام السوري في ريف الرقة، بعد أن هاجم عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية حافلة تقلهم، حيث تبنى التنظيم الهجوم بعد ساعات من إعلان النظام السوري عنه.

وبعد أقل من 24 ساعة، هاجم التنظيم أيضا موقعا عسكريا لقوات النظام السوري في منطقة جبل البشري ببادية الشام، وقتل 3 عناصر وأصاب آخرين بجروح، ليكون بذلك نفذ هجومين في ذات المنطقة خلال 48 ساعة فقط، وفق مصادر خاصة للجزيرة نت.

خريطة افتراضية

ويمكن رسم خريطة افتراضية لانتشار عناصر تنظيم الدولة في سوريا بناء على نشاط عناصره والأهداف العسكرية، وفق الباحث في مركز جسور للدراسات أنس شواخ، قائلا إنه يتخذ من البادية بشكل رئيسي مناطق اختباء وانتشار وقواعد عمليات، ينطلق منها لشن هجماته ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية.

وأشار شواخ -في حديث للجزيرة نت- إلى أن أبرز نقاط انتشار عناصر للتنظيم تتركز في مناطق بادية الرويشد والروضة والهول في الحسكة، وجبل البشري في الرقة، والشولا في دير الزور وبادية تدمر في ريف حمص.

ورأى شواخ أنه من الصعب القول إن تنظيم الدولة يظهر ويختفي في سوريا، لكن الأمر متعلق بزيادة نشاطه العسكري وانخفاضه في حالات محددة وفق الظروف العسكرية والأمنية، في كل منطقة على حدة ينتشر فيها عناصره.

وبحسب الباحث، فإن عمليات التمشيط التي يقوم بها طيران التحالف الدولي بين الحين والآخر في نقاط انتشار تنظيم الدولة في سوريا، تؤثر على نشاطه وتنخفض عملياته، وكذلك الأمر يحدث عندما يتم استهدافه من قبل القوات الروسية.

U.S. Forces Conduct Operations In Northern Syria
عملية للقوات الأميركية شمال سوريا استهدفت مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (غيتي)

حرب المنطقة

مع تتبع مسار تنظيم الدولة العسكري في سوريا أخيرا، لم تخض عناصره عمليات عسكرية للاستيلاء على نقاط أو فرض سيطرة على مساحات جغرافية، إذ باتت إستراتيجية التنظيم تعتمد على عمليات أمنية خاطفة.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي السوري فراس علاوي، أن تنظيم الدولة بات يخوض ضد النظام السوري وقواته ما يسمى بـ"حرب المنطقة" أو حرب الجغرافيا، من خلال اعتماده إستراتيجية الإغارة بأعداد محدودة لمهاجمة الأرتال والنقاط العسكرية على حدود البادية.

ويصف علاوي التنظيم -خلال حديثه للجزيرة نت- بأنه خبير في البادية، لافتا إلى أنه جهز منذ عام 2015 مغاور ومخابئ سرية لأسلحته، في وقت يستخدم في عملياته الأخيرة أسلحة خفيفة ومتوسطة، ويعتمد على وسائط خفيفة للتنقل مثل الدراجات النارية وسيارات الدفع الرباعي.

وحول حجم القوة العسكرية، أكد علاوي أن التنظيم يمتلك خلايا عسكرية بأعداد لا يمكن الاستهانة بها، مشيرا إلى أن الطيران الحربي غير مجد لاستهداف التنظيم ضمن مساحات مفتوحة وواسعة في البادية.

ووفق المحلل السياسي، فإن تنظيم الدولة هو ذريعة كل القوى المتدخلة في الشأن السوري، "فالتحالف الدولي يقول في بياناته إنه جاء لقتال التنظيم، والروس يقولون إنهم موجودون لقتال التنظيم، حتى النظام السوري يقول إنه يقاتل التنظيم".

"تدريب إرهابيين"

مع كل هجوم ينفذه تنظيم الدولة الإسلامية على قوات النظام السوري، يتعامل إعلام النظام مع الحدث وفق روايات لا تستند لأدلة أو معطيات ملموسة، إذ يسرد رواية المؤامرة ونظرية الإرهاب المدعوم من "أعداء سوريا".

وفي معرض تعليقها على هجوم التنظيم الأخير على حافلة جنود النظام في الرقة، اتهمت وكالة "سانا" الحكومية، القوات الأميركية الموجودة في قاعدة التنف بنقل "إرهابيي" تنظيم الدولة من العراق إلى محيط القاعدة، لإعادة تدريبهم وتسليحهم، "تمهيدا لنشرهم في البادية السورية، وتنفيذ هجمات إرهابية ضد الدولة السورية ومواطنيها".

المصدر : الجزيرة