دعم مصر أم تهديد للخليج؟ عماد أديب يطالب بـ25 مليارا والسيسي يتمنى تريليون دولار سنويا

كومبو الإعلامي المصري عمرو أديب وشقيقه عماد الدين أديب
عماد أديب (يسار) طالب دول الخليج بدعم بلاده وشقيقه المذيع عمرو أديب روّج له تلفزيونيا (وكالات)

القاهرة- جدل واسع وتساؤلات عن الأهداف، شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بمصر إثر مقال للإعلامي عماد الدين أديب يتحدث فيه عن أهمية دعم الدول العربية لمصر في مواجهة تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية.

وحذر أديب في المقال من عواقب كارثية تهدد أوروبا والدول العربية إذا لم تقم بدعم الاقتصاد المصري بشكل عاجل ومباشر بمبلغ 25 مليار دولار، تحملته الموازنة المصرية نتيجة لتلك الحرب، وفق قوله.

واختلف المتابعون في تفسير كلمات أديب، فبينما أكد البعض على أهمية المقال وصحة التحذيرات التي أطلقها، رأى البعض أن المقال يعبر عن حالة تشاؤم واضحة، فيما اعتبرها آخرون -طبقا للمعروف عن علاقة أديب بالسلطات المصرية- تعبيرا عن رؤية أجهزة مصرية وطلبا مباشرا من الدول الخليجية.

تريليون دولار سنويا

في هذا السياق، ربط البعض بين مقال أديب وتصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح أمس الاثنين، والتي دعا خلالها دول الخليج إلى تحويل ودائعهم في البنك المركزي المصري إلى استثمارات، مضيفا "نحاول من جانبنا أن نجعل هذه الودائع استثمارات، ونحن لدينا مشروعات كثيرة، فمصر بها 100 مليون وفرص كثيرة".

جاء ذلك خلال حوار السيسي مع عدد من الإعلاميين بعد حفل افتتاح مشروعات الإنتاج الحيواني والألبان والمجازر الآلية بمدينة السادات شمال القاهرة، وخلال الحفل أكد السيسي أن مصر تحتاج إلى دخل سنوي بمقدار تريليون دولار، وعندها فقط يمكن محاسبته، مضيفا أنه "ينام ويحلم بـ10 تريليونات دولار"!

وحث السيسي القطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني على المساهمة في مساعدة الناس، للحفاظ على استقرار الدولة وتخفيف الضغوط عن المواطنين وليس مجرد الاستثمار فقط.

وقال "كلامي عن حالة الاستقرار والرضا المجتمعي لا يستهدف حفظ النظام أو حفظ الرئيس بل حياة 100 مليون مواطن، لا تناموا لأن الظروف التي نمر بها لا يعلم متى تنتهي والموضوع ضاغط والله تعالى هو المطلع".

عواقب وخيمة

وتحت عنوان "مصر: من يعوّض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية – الأوكرانية؟"، قال عماد أديب إن القاهرة تنتظر من أشقائها في الخليج ألّا تُترك وحدها في مجابهة الأزمة الاستثنائية الضاغطة التي تهدّد الاستقرار السياسي في البلاد، مؤكدا أن الحرب تسببت في زيادة 25 مليار دولار، على الموازنة المصرية، وأن هذه الزيادة قد تهدد مستقبل العلاقات المصرية الخليجية.

وقلّل أديب من أهمية الدعم العربي لمصر عبر ودائع دولارية في البنك المركزي المصري، لأنه مجرد "مسكّن للآلام"، بينما يكمن الحلّ الجذري في توفير شحنات من الطاقة بأسعار مقبولة وتسهيلات في الدفع مع فترة سماح، ودخول استثمارات خليجية في الاقتصاد المصري.

وأوضح أن مصر تستطيع تحمل الأزمة الاقتصادية الحالية حتى نهاية العام الجاري، وبدءا من العام المقبل سيكون هناك احتمالان أحدهما "الاحتمال الآمن"، وهو تدبير موارد من الدولارات الطازجة وحقنها في جسد الاقتصاد المصري لإنعاشه في مواجهة الأزمة، وذلك عن طريق مشروع دعم عربي دولي.

في المقابل، وضع أديب مجموعة سيناريوهات كارثية -كاحتمال ثان- أهمها أنه سيصب في مصلحة الدول غير العربية الشرق أوسطية "إيران وتركيا وإسرائيل"، وسيؤدي إلى إعادة حالة الفوضى التي صاحبت أحداث يناير/كانون الثاني 2011، حسب تعبيره، كما سيؤدي إلى كابوس النزوح البرّي الكبير عبر الحدود مع ليبيا وفلسطين والسودان، والهجرة بالملايين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، وعبر البحر الأحمر إلى دول الخليج.

اهتمام إعلامي مصري

الإعلام المصري أبدى اهتماما واضحا بالمقال، وحرصت أغلب البرامج على استعراض المقال بشكل تفصيلي، وإن اختلفوا في التعليق على محتواه.

الإعلامي المقرب من السلطات المصرية، عمرو أديب، شقيق كاتب المقال، أفرد ما يزيد على 30 دقيقة للتعليق عليه والتأكيد على أهميته والدعوة للاستجابة له.

فيما قال المذيع محمد الباز إن المقال يحمل روح تشاؤم واضحة، ورفض السيناريوهات الكارثية التي عرضها أديب، وأشار إلى أن الدعم العربي "لا يأتي مجانا".

طلب دعم أم تهديد؟

بعيدا عن الإعلام المصري، أثار مقال أديب جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى البعض أنه رسالة واضحة وطلب دعم من الأشقاء العرب في ظل ظروف استثنائية غاية في الصعوبة.

ورأى مغردون أن المقال يحمل تهديدا مبطنا للدول العربية والأوروبية، في حال عدم دعم الاقتصاد المصري، بالفوضى وغض الطرف عن الهجرة غير الشرعية لأوروبا ودول الجوار، ورفض عدد منهم تخويف العالم من هجرة المصريين إليهم بهذا الشكل.

وبينما رأى البعض أن الدول الخليجية لن تمنح مصر مثل هذه المساعدات، بسبب استهلاك المساعدات السابقة في إحداث "استقرار وهمي" وتوجيهها لأغراض مختلفة عن التي خصصت لها، طالب البعض -ساخرا- أسرة أديب بتوجيه جزء من ثروتها لدعم الاقتصاد المصري في أزمته.

تفنيد المقال

عدد من المتخصصين حرص على تفنيد ما جاء في مقال أديب، خاصة فيما يتعلق بالأرقام التي عرضها سواء للتعبير عن حجم الأزمة، أو جهود الحكومة لمواجهتها، ومنها منصة "صحيح مصر" المعنية بتصحيح المعلومات، التي أوضحت عدم صحة عدد من الإحصائيات التي عرضها أديب بمقاله.

كما رأى الباحث الاقتصادي المصري عبد الحفيظ الصاوي، أن النظام المصري لم يستجب لنصائح خبراء المال والاقتصاد، حول سوء سلوكه الاقتصادي واختياراته المالية، فمنذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، وخيارات مصر الاقتصادية لا تناسب احتياجاتها، فالجميع يتفق على ضرورة بناء قاعدة إنتاجية للسلع والخدمات، تقوى الناتج المحلي لمصر، وبخاصة في ظل اعتمادها على الخارج بشكل كبير.

وقال الصاوي عبر مقال بالفيسبوك، إن النظام استمر في إهدار الموارد المالية المحدودة، وكذلك ما حصل عليه من مساعدات وقروض خارجية، في مشروعات البنية التحتية غير المطلوبة في الأجلين القصير والمتوسط، كما أهدر الكثير من الموارد في إقامة العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك الإنفاق على التسليح، وكانت النتيجة اتساع دائرة الفقر لتشمل أكثر 30% من الشعب المصري، وهناك نسبة تقترب من تلك النسبة معرضة للفقر بشهادة البنك الدولي.

بدوره، تمنى أستاذ الاقتصاد وإدارة الأعمال السابق بجامعة بوردو الأميركية عماد الوكيل، أن يكون لدى النظام المصري رجل رشيد يحاول إيقاف الانزلاق إلى الهاوية، لأن الوضع كارثي والنظام لن يتحمل إلى نهاية العام.

وفي منشور عبر صفحته بالفيسبوك، اعتبر الوكيل أن انخفاض التصنيف الائتماني تسبب في توقف بيع السندات المصرية، بعد أن باع النظام منها بمليارات الدولارات بالفعل.

أعباء الديون

وتلتهم أعباء الديون الداخلية والخارجية إيرادات الدولة المصرية بالكامل، حيث تصل نسبتها 110% من إجمالي الإيرادات العامة، أي نحو تريليون و655.7 مليار جنيه (89 مليار دولار) (690.2 مليار جنيه فوائد و965.5 مليارا أقساط ديون). في حين أن إجمالي الإيرادات المتوقعة يبلغ تريليونا و517.9 مليار جنيه (81.6 مليار دولار)، بحسب البيان المالي للموازنة العامة للدولة للعام المالي (2022-2023).

وزادت الفجوة بين الدَّين الخارجي والاحتياطي النقدي في مصر بنحو 4 أضعاف خلال 12 عاما، بحسب بلومبيرغ، حيث قفز الدين الخارجي إلى 145.5 مليار دولار، وهبط الاحتياطي النقدي إلى نحو 37.1 مليارا، وكان الاحتياطي النقدي عام 2011 نحو 36 مليار دولار والدين الخارجي 34.9 مليارا.

ونتيجة الالتزامات الكبيرة، ستصبح مصر أكبر مُصدِّر للديون السيادية بين الأسواق الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، بإصدارات تبلغ 73 مليار دولار خلال العام الجاري، مقابل 63 مليارا العام الماضي من خلال إصداراتها من السندات، حسب توقعات مؤسسة "ستاندرد آند بورز" (S&P) المالية.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي