تزامنا مع مسيرة الأعلام.. مستوطنون يقتحمون الأقصى ويرفعون العلم الإسرائيلي في باحاته والاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين

مستوطنون متطرفون يحملون الأعلام الإسرائيلية في منطقة باب العامود (الأوروبية)

بالتزامن مع ما تسمى "مسيرة الأعلام" في القدس المحتلة اقتحم ألفا مستوطن صباح اليوم الأحد باحات المسجد الأقصى المبارك بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، في حين أخلت قوات الاحتلال منطقة باب العامود واعتقلت عشرات الفلسطينيين.

في المقابل، دعت هيئات فلسطينية المقدسيين إلى الاحتشاد في باب العامود والبلدة القديمة لمواجهة المسيرة.

وفي أحدث التطورات، شارك عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير في مسيرة الأعلام التي بدأها المستوطنون باتجاه باب العامود في القدس المحتلة، علما أن بن غفير كان أيضا في مقدمة مقتحمي باحات الأقصى في فترة ما قبل الظهر، وأطلق تصريحات وصف فيها عمليات الاقتحام وتحضيرات المستوطنين لما تسمى مسيرة الأعلام بأنها يوم سعيد للقدس، وفق تعبيره.

وسبق ذلك مواجهات اندلعت بين فلسطينيين ومستوطنين داخل المدينة القديمة للقدس، حيث تدفق عشرات المستوطنين على منطقة باب العامود إثر هذه المواجهات، فيما أفاد مراسل الجزيرة بنقل الهلال الأحمر شابين فلسطينيين من البلدة القديمة يرجح أنهما أصيبا في هذه المواجهات التي أصيب فيها أيضا عدد من المستوطنين.

وكانت قوات الاحتلال أغلقت منطقة باب العامود بالسواتر الحديدية استعدادا لمرور مسيرة الأعلام عصر اليوم، وجاء هذا الإغلاق إثر مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين بعد وصول مجموعة من المستوطنين يحملون أعلاما إسرائيلية.

كما تداول نشطاء صورا لكسر أقفال مئذنة باب المغاربة واعتلاء أسطح المسجد القبلي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

ورفعت فتاة فلسطينية علم فلسطين في وجه المستوطنين ليحاول جنود قوات الاحتلال اعتقالها وانتزاع العلم من بين يديها، لكن الفتاة الفلسطينية تمكنت من الإفلات من الجنود وأبقت العلم الفلسطيني مرفوعا.

وقد رفع مستوطنون الأعلام الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى ومحيطه، وأدوا رقصات علنية في باحاته، وسجدوا -للمرة الأولى- بشكل جماعي وفي وقت واحد داخل الحرم القدسي دون أي تدخل من شرطة الاحتلال.

وكانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت فجر اليوم الأحد باحات الأقصى من جهة المصلى القبلي تمهيدا لاقتحامه من قبل المستوطنين، كما أغلقت قوات الاحتلال المصلى القبلي بالسلاسل الحديدية وحاصرت المصلين داخله.

وأفادت مصادر في دائرة الأوقاف الإسلامية بأن مستوطنين رشوا غاز الفلفل على المصلين بالقرب من باب الحديد.

وقال مراسل الجزيرة إن مستوطنين رفعوا أسلحة نارية في وجه مصورين يغطون اقتحامهم باحات المسجد الأقصى.

وسمحت شرطة الاحتلال لعضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير باقتحام باحات المسجد الأقصى صباح اليوم بعد أن منعته عدة أسابيع.

وقبل اقتحامه المسجد الأقصى أكد بن غفير -في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية- أن تهديدات حركة حماس تشجعه أكثر، قائلا "هل نقوم بإغلاق دولة إسرائيل بسبب تهديدات حماس؟ اليوم يهددون في الأقصى وغدا باب العامود ويافا واللد وتل أبيب".

وقال بن غفير إنه جاء إلى الأقصى ليقول لحماس إنهم ليسوا أصحاب المكان، على حد زعمه.

واعتدت شرطة الاحتلال بالضرب على عدد من المصلين في باحات الأقصى، واعتقلت 4 شبان، وأخرجت آخرين بالقوة من المسجد.

وقالت مراسلة الجزيرة في القدس نجوان سمري إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تغلق المسجد القبلي وتحاصر المعتكفين داخله لتأمين اقتحامات المستوطنين.

وأضافت أن قوات الاحتلال اعتلت أسطح المسجد القبلي ومنعت دخول الشبان الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى منذ صلاة المغرب أمس السبت.

كما منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين والمصورين الفلسطينيين من دخول الأقصى وهددتهم بالاعتقال.

في المقابل، يقوم الفلسطينيون الذين نجحوا في دخول المسجد منذ أمس بالتكبير وأداء صلاة الضحى في ساحات المسجد الأقصى للتشويش على اقتحام المستوطنين.

وقالت مصادر للجزيرة إن المفتش العام للشرطة الإسرائيلية يدير بنفسه عمليات تأمين اقتحام المستوطنين باحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة.

وأعلنت شرطة الاحتلال حالة الطوارئ القصوى، ونشرت آلاف الجنود لتأمين اقتحامات المستوطنين ومسيرة الأعلام، كما قامت بشن حملة اعتقالات استباقية طالت عشرات الشبان الفلسطينيين، وأصدرت قرارات بإبعاد مئات الشبان المقدسيين عن المسجد الأقصى.

ويعتزم آلاف المستوطنين المتطرفين تنظيم مسيرة يحملون فيها العلم الإسرائيل للاحتفال بما يسمونه "توحيد القدس" في الذكرى السنوية لاحتلال القدس الشرقية.

وقال مراسل الجزيرة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت تلقى اليوم الأحد تقارير أمنية بشأن الاستعدادات لمسيرة الأعلام في القدس.

ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى وأداء صلوات تلمودية بحماية شرطة الاحتلال.

وحمّل بيان للخارجية الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن الاقتحامات ونتائجها وتداعياتها على المنطقة، كما طالب المجتمع الدولي والإدارة الأميركية بالخروج عن صمتهم وتحمل مسؤولياتهم تجاه القدس.

إخلاء باب العامود

وفي منطقة باب العامود القريبة من المسجد الأقصى، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 28 فلسطينيا من باب العامود والبلدة القديمة للقدس.

واندلعت مواجهات محدودة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال بعد وصول مجموعة مستوطنين تحمل أعلاما إسرائيلية إلى باب العامود.

من جانبه، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمه تعاملت منذ الصباح وحتى اللحظة مع 8 إصابات بالرصاص المطاطي والضرب وغاز الفلفل خلال اعتداء شرطة الاحتلال والمستوطنين على الفلسطينيين في محيط وداخل البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة.

وقال مراسل الجزيرة إلياس كرام إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أغلقت منطقة باب العامود وأخلتها من الفلسطينيين لإتاحة الفرصة للمستوطنين للسيطرة عليها قبل انطلاق مسيرة الأعلام.

وتشير توقعات إسرائيلية إلى أن نحو 8 آلاف مستوطن سيسمح لهم بالدخول عبر باب العامود إلى داخل البلدة القديمة في القدس المحتلة وصولا إلى الحي الإسلامي وانتهاء بحائط البراق، أما الجزء الأكبر من مسيرة الأعلام فسيتوجه إلى منطقة باب الخليل، ومن هناك ستدخل البلدة القديمة وتتوجه إلى حائط البراق.

وإزاء هذه التطورات، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن ما سماه رفع العلم الإسرائيلي في "العاصمة الإسرائيلية أمر طبيعي"، حسب تعبيره.

وطلب بينيت خلال اجتماع حكومي من المشاركين الاحتفال بمسؤولية واحترام، على حد تعبيره، مشددا على أن القدس لن يتم تقسيمها.

وفي أول رد فعل لها على تصريحات بينيت، قالت الرئاسة الفلسطينية إن التصريحات الإسرائيلية هذه لن تعطي الشرعية للاحتلال للسيطرة على مدينة القدس، وإن القدس الشرقية بمقدساتها الإسلامية والمسيحية ستبقى العاصمة الأبدية لفلسطين.

كما أكدت الرئاسة الفلسطينية -في بيانها- أن القدس بمقدساتها ليست للبيع، وأن السلام لن يكون بأي ثمن.

دعوة للنفير

وفي الضفة الغربية، دعت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية المواطنين إلى المشاركة في مظاهرات ووقفات احتجاجية سيتم تنظيمها عصر اليوم في عدد من الميادين المركزية في محافظات الضفة الغربية لرفع العلم الفلسطيني والاحتجاج على ما تعرف بمسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس المحتلة.

وأكدت القوى الفلسطينية ضرورة الاشتباك مع الاحتلال في مناطق التماس المختلفة بالضفة في حال اقتحم المستوطنون المسجد الأقصى المبارك خلال مسيرة الأعلام؛ للتعبير عن غضب الشارع الفلسطيني تجاه ممارسات الاحتلال والمستوطنين في مدن الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.

كما دعت الهيئة الإسلامية والمسيحية لنصرة القدس والمقدسات المواطنين في مدينة القدس وداخل الخط الأخضر إلى الاحتشاد في ساحات باب العامود والبلدة القديمة وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك للتصدي لمسيرة الأعلام الإسرائيلية.

وطالبت الهيئة -في بيان صحفي- أصحاب المحلات التجارية في البلدة القديمة بفتح محلاتهم وعدم الانصياع لأي محاولة من الشرطة الإسرائيلية لإرغامهم على إغلاقها.

كما وجهت الهيئة المواطنين والمؤسسات إلى رفع الأعلام الفلسطينية في جميع المناطق وتكريس مظاهر السيادة الفلسطينية في مواجهة المسيرة.

وخرجت الليلة الماضية مظاهرات عدة في القدس والخليل وبيت لحم ورام الله وجنين تلبية لدعوات نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحملة "ارفع علمك".

هبة جماهيرية

من جهتها أشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالمرابطين في المسجد الأقصى وبتصديهم لاقتحامات المستوطنين داعية إلى مواصلة النفير والحشد طيلة هذا اليوم انتصاراً للقدس والأقصى، على حد تعبير الحركة.

ودعت حماس في وقت سابق الشعب الفلسطيني إلى النفير وشد الرحال إلى المسجد الأقصى لإفشال مخططات الاحتلال التهويدية.

وقالت الحركة -في بيان لها أمس السبت- "ليكن يوم الأحد هبة جماهيرية واسعة لشعبنا وأمتنا، في كل أماكن وجودهم دفاعا عن القدس والأقصى".

كما ناشدت الأمتين العربية والإسلامية وقادة الحكومات وشعوبها باعتبار "يوم الأحد، بمثابة اليوم المقدس لإفشال مخططات الاحتلال التهويدية كونها مسؤولية تاريخية".

وقال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية إن "هناك خيارات عديدة لمواجهة مسيرة الأعلام والتصدي لمحاولات تدنيس الأقصى".

وأضاف هنية أن "الأمة والشعب والمقاومة متأهبون وجاهزون للتعامل مع التطورات في القدس".

ورأى أن "الاحتلال يريد أن يجعل من مسيرة الأعلام محطة لتخطي منجزات معركة سيف القدس وتجاوز البيئة التي أعقبت هذه المعركة"، وتابع "نقول بوضوح إن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، والمسجد الأقصى حق لنا وملك أيدينا".

و أمس أيضا قال القيادي في حركة حماس مشير المصري إن على قادة الاحتلال إعادة النظر في مسيرة الأعلام قبل أن يدفعوا مستقبلهم السياسي ثمنا لذلك، وعليهم ألا يجربوا المقاومة مرة أخرى، وفق تعبيره.

و"سيف القدس" اسم أطلقته فصائل المقاومة الفلسطينية على معركة تصدت فيها لعدوان عسكري شنته إسرائيل ضد غزة استمر 11 يوما، بين 10 و21 مايو/أيار 2021، وأسفر عن استشهاد وجرح آلاف الفلسطينيين.

واندلعت شرارة الحرب جراء الأحداث التي كانت جارية في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى، منذ أبريل/نيسان 2021.

أوسع دعوة للتصعيد

ورأت وزارة الخارجية الفلسطينية أن إصرار إسرائيل على مسيرة الأعلام المزمع إقامتها اليوم الأحد يمثل "أعمق وأوسع دعوة للتصعيد".

وقالت الوزارة -في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أمس السبت- إن "إصرار الحكومة الإسرائيلية على مسيرة الأعلام الاستفزازية واقتحامها للقدس الشرقية وأحيائها أعمق وأوسع دعوة للتصعيد ولدوامة العنف في المنطقة، تلبية للأيديولوجيا اليمينية الظلامية المتطرفة وبرامج المستوطنين التهويدية التوسعية".

وحملت الخارجية الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية "برئاسة المتطرف (رئيس الوزراء) نفتالي بينيت المسؤولية الكاملة والمباشرة عن انتهاكات وجرائم المستوطنين المتواصلة في الضفة الغربية، التي تهدد بتفجير ساحة الصراع والمنطقة برمتها وتؤدي إلى صراعات دينية لا يمكن السيطرة عليها".

كما حمّلت الوزارة المجتمع الدولي المسؤولية عن "تقاعسه في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير في تعامله مع القضايا الدولية".

وأفاد مراسل الجزيرة بأن الجيش الإسرائيلي وسّع دائرة نشر منظومة القبة الحديدية في عدة مناطق، وأن تل أبيب تتحسب أيضا لاحتمال إطلاق صواريخ من جنوب لبنان تزامنا مع مسيرة الأعلام.

يشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قرر أمس الأول الجمعة الإبقاء على مسيرة الأعلام الإسرائيلية بالقدس الشرقية بمسارها المحدد.

وأكد بيان صادر عن ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن مسيرة الأعلام لن تمر من باحات المسجد الأقصى، في حين أعلنت الفصائل الفلسطينية في غزة دخول غرفة عملياتها المشتركة في حالة انعقاد دائم لمراقبة التطورات.

المصدر : الجزيرة + وكالات