مقتل شيرين أبو عاقلة.. مجلس الأمن يبحث عملية الاغتيال وتحقيقان لسي إن إن وأسوشيتد برس يؤكدان مسؤولية إسرائيل عنه

عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا دعت له مندوبة أيرلندا الدائمة في الأمم المتحدة، لبحث وضع الحريات الإعلامية، وقضية اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة على وجه الخصوص، كما كشف تحقيقان لوكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press) وشبكة "سي إن إن" (CNN) الأميركيتين حقيقة اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة.

وقالت المندوبة الأيرلندية في مجلس الأمن الدولي جيرالدين بيرن ناسون خلال جلسة مجلس الأمن غير الرسمية، إنه من غير المعقول أن المجلس لم يرد على الفور على القتل المروع لمراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة.

وأضافت نحن بحاجة إلى رفع قضية حماية الصحفيين إلى قمة جدول أعمالنا، مشيرة إلى أن مجلس الأمن عليه واجب ومسؤولية حماية الصحفيين.

وخلال الجلسة، قدم مدير مكتب الجزيرة في واشنطن عبد الرحيم فقراء إحاطة للمجلس بشأن حادثة مقتل أبو عاقلة، حيث أكد أن موقف شبكة الجزيرة بهذا الشأن واضح وجلي، وهو أنه لحياة شيرين أهميتها، كما هو الحال بالنسبة للتحقيق المستقل والشفاف في مقتلها وفي الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها جنازتها.

وأكد أن شيرين قتلت بدم بارد في برصاص إسرائيلي وهي تؤدي عملها، مؤكدا أن لدى شبكة الجزيرة من الأدلة والشهود ما يدعم هذا الموقف.

وقال إن الجزيرة تنظر في كل الخيارات القانونية المحتملة لضمان العدالة، ومنع إفلات الذين قتلوا شيرين من العقاب.

وأكد أن مقتل شيرين يسلط الضوء على أهمية اضطلاع مجلس الأمن بدوره اللازم في حماية الصحفيين.

وقال إن الجزيرة تطالب مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حماية الصحفيين، وفي المساعدة على وضع حد لحالة الإفلات من العقاب لقاتليهم ومنتهكي حرياتهم.

بيان بريطاني قطري مشترك

وتطرق بيان مشترك صدر في ختام مباحثات أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من بين أمور أخرى لحادثة اغتيال شيرين أبو عاقلة.

وأكد البيان المشترك إدانتهما قتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، وجددا دعوتهما لمجلس الأمن الدولي لإجراء تحقيق فوري وشامل وشفاف ونزيه وحيادي.

ومن جهته، قال عضو البرلمان البريطاني بامبوس تشارالامبوس للجزيرة إنه يأمل أن تعيد إسرائيل النظر في قرارها بعدم إجراء تحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة.

تحقيقان أميركيان

وقد نشرت وكالة "أسوشيتد برس" وشبكة "سي إن إن" الأميركيتان تحقيقين يكشفان حقيقة اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة، في حين شددت واشنطن على ضرورة معاقبة الجهة المسؤولة عن العملية.

وقالت شبكة "سي إن إن" إنها جمعت أدلة تؤكد أن الجيش الإسرائيلي استهدف مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في جنين.

وأضافت أن تحليل آثار الرصاص في الشجرة التي احتمت بها شيرين يدل على أنه تم استهدافها عمدا لاغتيالها.

وتوصل تحقيق الشبكة إلى "عدم وجود مسلحين أو مواجهات مسلحة قرب شيرين أبو عاقلة خلال اللحظات التي سبقت قتلها".

وقالت الشبكة إن "الأدلة التي جمعناها تشير إلى أن شيرين أبو عاقلة قد استهدفت من قبل القوات الإسرائيلية".

ومن جانبها، قالت وكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press) إن تحقيقها في ملابسات مقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة يعزز تأكيدات السلطات الفلسطينية وزملاء الفقيدة بأن الرصاصة التي قتلتها جاءت من بندقية جندي إسرائيلي.

وأوضحت الوكالة أن صحفييها زاروا الموقع الذي قُتلت فيه شيرين على أطراف مخيم جنين في الضفة الغربية، واستمعوا إلى شهود العيان، كما فحصوا الصور ومقاطع الفيديو المتوفرة.

وذكرت أسوشيتد برس أن مقابلاتها مع 5 شهود عيان جاءت بنتيجة تتوافق مع ما توصلت إليه مجموعة "بيلينغكات" (Bellingcat) -وهي مجموعة للصحافة الاستقصائية مقرها هولندا- بشأن موقع القوات الإسرائيلية وقربها من شيرين أبو عاقلة، وهو ما يجعل استهداف جنود الاحتلال لها هو الاحتمال المرجح.

وأشارت الوكالة إلى أن صورا ومقاطع فيديو عديدة التقطت صبيحة 11 مايو/أيار الجاري تظهر مركبات للجيش الإسرائيلي تقف على رأس شارع ضيق، وكانت شيرين أبو عاقلة تقف في الطرف المقابل في مرمى واضح للجنود الإسرائيليين.

وأضافت أن تلك اللقطات تظهر الصحفيين والمارة وهم يهربون من النيران التي أطلقت من جهة مركبات الجيش الإسرائيلي.

وحسب تقرير الوكالة، فإن الوجود الوحيد المؤكد لمسلحين فلسطينيين كان على الجانب الآخر من القوات الإسرائيلية، وعلى بعد حوالي 300 متر، وتفصلهم عن أبو عاقلة مبان وجدران.

ولفتت أسوشيتد برس إلى أن الجيش الإسرائيلي زعم وجود مسلح فلسطيني واحد على الأقل في موقع بين القوات الإسرائيلية والصحفيين، لكن الوكالة أكدت أن الجيش لم يقدم أي دليل على ذلك أو يوضح مكان ذلك المسلح المزعوم.

ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أمنون شيفلر أن جنديا إسرائيليا داخل إحدى المركبات أطلق النار من بندقية مزودة بمنظار للقنص ردا على إطلاق نار من قبل ذلك المسلح الفلسطيني المزعوم.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه حدد تلك البندقية لكنه لن يتمكن من تقديم إجابة قاطعة بشأن مقتل شيرين أبو عاقلة، ما لم يسلمه الفلسطينيون الرصاصة التي قتلتها لمقارنتها بذلك السلاح.

في غضون ذلك، قال براين دولي كبير مستشاري مقرر الأمم المتحدة الخاص للدفاع عن حقوق الإنسان إن أمام المحكمة الجنائية الدولية وثيقتين بشأن اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، قدمتا إلى المحكمة للبت فيهما.

وأوضح دولي -في مقابلة مع الجزيرة- أن إحدى الوثيقتين تقدم بها الاتحاد الدولي للصحفيين. وأضاف أن "على المحكمة أن تتخذ قرارا بشأن العرائض المقدمة وما إذا كانت ستنظر فيها أم لا".

فلسطين ترفع تقريرا إلى الجنائية الدولية

وقد أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يوم الاثنين أن وزارته رفعت تقريرا إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن اغتيال شيرين أبو عاقلة.

وبينت الخارجية الفلسطينية أنها قدمت تقريرها الشهري الذي يضم جرائم الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة، إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق فيها. وطالبت الوزارة المحكمة بتحمل مسؤولياتها والإسراع بفتح تحقيق.

من جهة أخرى، قال عضو مجلس العموم البريطاني بامبوس تشارالامبوس في تغريدة على تويتر إنه التقى أنطون أبو عاقلة شقيق الزميلة شيرين في القدس.

وذكر تشارالامبوس أن أنطون سلمه رسالة يطلب من خلالها الدعم الدولي من أجل إجراء تحقيق مستقل في اغتيال شقيقته ومحاسبة من قتلها.

في غضون ذلك، دعت نقابة الصحفيين الفلسطينيين إلى محاكمة مرتكبي جريمة اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة ومحاولة قتل الصحفي علي السمودي في أثناء تغطيتهما اقتحام قوات الاحتلال منطقة في جنين في 11 مايو/أيار الجاري.

وقال عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين عمر نزال إن النقابة تنتظر التقرير النهائي للنيابة العامة الفلسطينية، وتعمل على كافة المستويات وبالتعاون مع الفدرالية الدولية للصحفيين والاتحاد العام للصحفيين العرب على فضح هذه الجريمة وضمان توفير الحماية الدولية للصحفيين.

وشدد نزال على ضرورة ملاحقة الاحتلال واتخاذ كافة التدابير المناسبة لمنع تكرار جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة.

ولا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمتنع عن فتح تحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة، رغم أن فحوصها الأولية أثبتت أن جنودها أطلقوا الرصاص باتجاه الموقع الذي كانت فيه مراسلة الجزيرة.

وفي السياق ذاته، طالبت الخارجية الأميركية "بتحقيق شامل ومعمق بشأن مقتل شيرين أبو عاقلة يصل بنا إلى مساءلة الجاني".

وأضافت "نتوقع من الإسرائيليين والفلسطينيين إطلاعنا بشكل دائم على تحقيقاتهم الخاصة بمقتل شيرين".

لكن الخارجية الأميركية رأت أن "الجنائية الدولية" ليست المكان المناسب للتحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة.

ومن جانبه، قال رئيس الوزراء الفلسطيني "لن نقبل بأي شكل من الأشكال تحقيقا مشتركا مع الإسرائيليين في مقتل شيرين أبو عاقلة".

وأضاف "قررنا إحالة ملف شيرين أبو عاقلة إلى الجنائية الدولية، لمحاسبة إسرائيل على جرائمها".

المصدر : الجزيرة + وكالات