تمدد إيراني وعودة تنظيم الدولة.. ثنائية ترفع مخاطر الأردن الأمنية

يقول مصدر أمني أردني للجزيرة نت إن "الأوضاع الأمنية على الحدود الشمالية للأردن متوترة بسبب وجود المليشيات الإيرانية وعودة نشاط خلايا تنظيم الدولة الإسلامية"

(الأردن/ سوريا/ تامر الصماري/ قوات أردنية تتمركز على الحدود الأردنية السورية).
قوات أردنية تتمركز على حدود الأردن الشمالية الشرقية مع سوريا (الجزيرة)

عمّان- لا يخفي الأردن خشيته من تصعيد قادم على حدوده الشمالية الشرقية مع سوريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الروسية من المنطقة، والذي يفتح الباب واسعا أمام الوجود الإيراني والمليشيات الموالية هناك.

وتبرز المخاوف الأردنية أيضا بالتزامن مع عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق بعدما استطاع لملمة قواته وتعيين قيادة عسكرية جديدة له بعد اغتيال قادته، وعودة عملياته في عدة مناطق عراقية وسورية.

وتتزايد مخاوف المملكة الأمنية والعسكرية في مناطق الحدود الممتدة لنحو 375 كيلومترا، وكذلك في الداخل الأردني عبر إحياء خلايا نائمة لتنظيم الدولة أو نشاطات مؤيدين له ضمن ما تعرف بـ"الذئاب المنفردة".

ورأى الملك الأردني عبد الله الثاني في حوار مع الجنرال الأميركي المتقاعد هربرت ماكماستر ضمن البرنامج العسكري المتخصص "ساحات القتال" (Battlegrounds) -الذي ينتجه معهد هوفر بجامعة ستانفورد الأميركية- أن "الوجود الروسي في جنوب سوريا كان يشكل مصدرا للتهدئة"، وقال إن "فراغهم سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".

(الأردن/ سوريا/ تامر الصماري/ قوات أردنية تتمركز على الحدود الأردنية السورية).
مصادر أمنية تحدثت للجزيرة نت عن تأهب عسكري على الحدود مع سوريا خشية من وجود فصائل موالية لإيران أو مليشيات تنظيم الدولة (الجزيرة)

تأهب وتنسيق

وإزاء ذلك، قال مصدر عسكري للجزيرة نت إن "القوات المسلحة الأردنية على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تطورات أمنية وعسكرية على حدود المملكة الشمالية الشرقية مع سوريا، وتراقبها ساعة بساعة، وقادرة على استشعار أي مخاطر أمنية وعسكرية قد تؤثر على أمن واستقرار المنطقة".

وأضاف المصدر أن القوات المسلحة الأردنية "تخوض حربا بشكل يومي مع المليشيات المسلحة وعصابات تهريب الأسلحة والمخدرات، مدعومة بقوات عسكرية وبمساعدة من مخافر ومراكز أمنية في الجنوب السوري".

وأكد أن الأوضاع الأمنية على الحدود الشمالية "متوترة بسبب وجود المليشيات الإيرانية وعودة نشاط خلايا تنظيم الدولة الإسلامية".

وقال إن تصريحات الملك "رسالة تحذير بالأخطار المستجدة القادمة لدول الجوار العربي، وقوات التحالف الدولي، وذلك لأخذ مزيد من التعاون والاحتياطات".

وأعلنت القوات المسلحة قبل عدة أشهر تغييرا في قواعد الاشتباك مع المهربين والمليشيات الموجودة أو القريبة من الحدود الأردنية بالتنسيق مع السلطات السورية، مما أدى إلى مقتل العشرات من المهربين.

وزود الأردن الجانب السوري بمجريات وتفاصيل ما تقوم به المليشيات المسلحة وعصابات المهربين على الحدود المشتركة، وذلك من خلال لجان التنسيق الأمنية والعسكرية بين عمّان ودمشق، بحسب المصدر.

أخطار داخلية وخارجية

يعني انسحاب القوات الروسية من مناطق الجنوب السوري تمدد وتوسع للإيرانيين ومليشياتهم المسلحة على طول الحدود الأردنية السورية الممتدة، مما يشكل -وفق محللين- "أعباء عسكرية وأمنية على الأردن، خاصة مع وجود بؤر ساخنة مثل مخيم الركبان وغيره على طول الحدود".

بدوره، يرى المحلل العسكري فايز الدويري أن وجود الإيرانيين ومليشياتهم في الجنوب السوري يشكل "خطرا عابرا للحدود الأردنية، وخطرا على الحدود الشمالية الشرقية المشتركة بين البلدين، وعلى الداخل الأردني من تشكيل خلايا إيرانية مسلحة".

وتوقع الدويري أن تشهد الفترة القادمة "مزيدا من عمليات التسلل وتهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود، وبالتالي المزيد من نقاط الاشتباك الجديدة مع القوات الأردنية".

أما عن خطر عودة خلايا تنظيم الدولة للعمل فيرى الدويري أن ذلك يرتب أعباء إضافية على الأجهزة الأمنية والعسكرية على صعيدين "مراقبة الحدود والداخل الأردني، مما يستدعي مزيدا من الاحتياطات لمنع أي عمليات إرهابية -سواء من المناطق الحدودية أو من داخل المملكة- قد تنفذها خلايا نائمة لداعش بالأردن، مع أهمية حماية الشباب الأردنيين من الانضمام لهذا التنظيم".

King of Jordan Abdullah II in Washington
الملك عبد الله الثاني (يسار) قال إن زيارته للولايات المتحدة جاءت للتنسيق بشأن مواجهة التصعيد المحتمل على حدود سوريا (الأناضول)

عودة تنظيم الدولة

بدوره، حذر الملك عبد الله في حواره من عودة تنظيم الدولة للظهور، سواء في سوريا أو العراق أو أفريقيا، مؤكدا أن زيارته للولايات المتحدة جاءت من أجل التنسيق مع الأصدقاء، ومناقشة ما يمكن القيام به من الناحيتين التكتيكية والإستراتيجية لما تبقى من عام 2022.

وبحسب محللين، فإن تنظيم الدولة في الشام والعراق لم يتم القضاء عليه نهائيا، بل على مخزوناته العسكرية جزئيا، وجرى الحد من قدرته على القيام بعمليات عسكرية مؤثرة خلال الفترة الماضية، وذلك بجهود التحالف الدولي للقضاء على التنظيم.

من جهته، يرى الخبير في الحركات الإسلامية حسن أبو هنية أن التنظيم عاد للصعود والتمدد خلال الأشهر الماضية "وعلى الرغم من قتل قادته فإنه استطاع تجميع قواته وعناصره وإيجاد قيادة جديدة له".

وحسب الخبير "جرى إعادة هيكلة للتنظيم للقيام بحرب عصابات، وتنامت عملياته وشهدنا ذلك في عدد من المناطق العراقية والسورية والأفغانية وحتى بجنوب شرق آسيا وأفريقيا".

والأخطر من ذلك -يضيف أبو هنية- أن التنظيم تحول في عملياته من "القرارات المركزية إلى اللامركزية، فبات يقسّم الدول إلى مناطق، والمناطق إلى مقاطع، ولكل مقطع قيادة تنفذ العمليات بحرية وبشكل مباشر، مما أدى لتطور في نوعية العمليات وحجمها".

وشهد الأردن خلال السنوات الماضية تمددا لتنظيم الدولة مع انتشار خلايا نائمة قامت بتنفيذ عمليات إرهابية في عدد من المدن مثل الكرك والسلط واستهدفت مديرية المخابرات في البقعة.

المصدر : الجزيرة