لها تداعيات كثيرة على مستقبل لبنان السياسي.. هكذا رصدت الجزيرة نت الانتخابات في مراكز الاقتراع

رصدت الجزيرة نت الجو الانتخابي في عدد من مراكز الاقتراع للانتخابات البرلمانية التي سيترتب على نتائجها الكثير من مستقبل لبنان السياسي، وفي موازين القوى بين أقطابه المتصارعة. وبدا لافتا الحضور الكثيف لمندوبي اللوائح الانتخابية، مما يعكس سخونة المنافسة بين القوى السياسية التقليدية ولوائح المجتمع المدني.

أحد رؤساء الأقلام في طرابلس - الجزيرة
منافسة ساخنة تشهدها الدوائر الانتخابية في شمال لبنان (الجزيرة)

شمال لبنان- بعد كل التحذيرات والمخاوف التي عاشها لبنان في الأشهر الأخيرة حول مصير الانتخابات، فتحت صناديق الاقتراع في 15 دائرة أمام الناخبين اللبنانيين، منذ الساعة السابعة صباح اليوم الأحد 15 مايو/أيار 2022، وفق موعدها المحدد.

وهكذا، أصبحت الانتخابات أمرا واقعا، وسيترتب على نتائجها، بعد إغلاق الصناديق ليلا، الكثير من مستقبل لبنان السياسي، وفي موازين القوى بين أقطابه المتصارعة ونخبه الحاكمة.

ويعتقد خبراء أن جوهر هذه الانتخابات يتمحور حول 5 إشكاليات، تتمثل في ما يلي:

أولا، سعي حزب الله، عبر نواته الصلبة التي شكلها من حلفائه، إلى الحفاظ على الأكثرية العددية في البرلمان الجديد، رغم كل المتغيرات التي طرأت على واقع حلفائه، وفي طليعتهم التيار الوطني الحر.

ثانيا، طبيعة التمثيل الذي تحققه قوى 14 آذار في البرلمان في ظل غياب تيار المستقبل.

ثالثا، شكل التمثيل السياسي للطائفة السنية وحضورها في المرحلة المقبلة، التي تخوض الانتخابات لأول مرة في غياب ممثلها الأكبر "تيار المستقبل" وزعيمه سعد الحريري.

رابعا، تداعيات صراع القوى المسيحية التي تخوض الانتخابات كونه تمهيدا لصراعها الأشمل على انتخابات الرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتدور تحديدا بين زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، وزعيم حزب القوات سمير جعجع، وزعيم تيار المردة سليمان فرنجية.

خامسا، طبيعة التمثيل البرلماني الذي سيحققه الوافدون الجدد من القوى المنبثقة عن المجتمع المدني، خصوصا أنهم شكلوا بطريقة غير منسقة نحو 60 لائحة على مستوى لبنان من بين 103 لوائح.

ينافس ميشال معوض في زغرتا التي يتمحور فيها زعامة فرنجية - الجزيرة
ميشال معوض ينافس في زغرتا التي تتمحور فيها زعامة فرنجية (الجزيرة)

لكن كيف بدت الأجواء في الشارع؟

رصدت الجزيرة نت الجو الانتخابي في كل من دائرة الشمال الثانية التي تضم طرابلس والمنية والضنية -حيث الغالبية السنية- والتي لها 10 مقاعد برلمانية من بين 128 مقعدا، وتتنافس فيها 11 لائحة، وهو الرقم الأعلى للوائح المتنافسة قياسا لبقية الدوائر، ويربطها البعض بنتائج غياب المستقبل.

وتابعت الأجواء في دائرة الشمال الثالثة ذات الغالبية المسيحية التي تضم أقضية البترون وزغرتا وبشري والكورة، والتي تلقب بدائرة "رؤساء الجمهورية"، ولها 10 مقاعد برلمانية وتتنافس فيها 7 لوائح، وفي طليعتها لوائح باسيل وجعجع وفرنجية إضافة إلى لائحة تحالف حزب الكتائب اللبنانية مع النائب ميشال معوض.

وأمام عدد من المراكز في طرابلس، تصدر المشهد مندوبو النائب فيصل كرامي، حليف حزب الله الذي شكل لائحة بالتحالف مع كل من جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش) وتيار المردة، إضافة إلى عدد كبير من مندوبي وزير العدل السابق أشرف ريفي الذي شكل لائحة بالتحالف مع حزب القوات، وهما يتنافسان مع لوائح أخرى، في طليعتها لائحة شكلها النائب السابق مصطفى علوش الذي انفك عن "تيار المستقبل" وتحظى لائحته بدعم من رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة.

مندوبون أمام مركز اقتراع في طرابلس - الجزيرة
مندوبون أمام مركز اقتراع في طرابلس (الجزيرة)

وداخل أحد مراكز الاقتراع، حيث يحضر مندوبون عن معظم اللوائح لمراقبة سير العملية التي تديرها رسميا هيئة الإشراف على الانتخابات (تابعة لوزارة الداخلية)، كان التيار الكهربائي منقطعا، وبدا ملحوظا جهل بعض الناخبين بآلية الاقتراع.

وتقول إحدى المراقبات للجزيرة نت "رصدنا عددا من المخالفات بسبب عدم معرفة بعض الناخبين بآلية الاقتراع، فحاول مندوبون الدخول معهم خلف العازل قبل تدخلنا لمنع ذلك، حفاظا على شفافية العملية وحرية الناخبين".

وأمام إحدى المدارس في طرابلس، التي تضم مركز اقتراع، يقف الحاج محمد وهو بائع قهوة جوال، ولقد قاطع الاقتراع مبررا ذلك بقوله "لأن لا أحد من المرشحين يمثلني، لا من الطائفة السنية ولا غيرها، بعد عقود عشناها ظلما وذلا".

ويقول للجزيرة نت "جئت هنا لأسترزق من الناخبين بفنجان قهوة لدى خروجهم من مراكز الاقتراع، وأراقب حماسة الجيل الجديد للاقتراع، وكأنه لا يدرك أن لا أمل في بلدنا".

اقتراع جبران باسيل في البترون
اقتراع جبران باسيل في البترون مسقط رأسه في ظل منافسته القوية على زعامة الشارع المسيحي (الجزيرة)

في البترون، بدا الوضع مختلفا، وشهدت هذه المدينة الساحلية نوعا من المبارزة في الشارع بين مندوبي أقطابها، ويترقب الجميع نتائجها، وهي مسقط رأس جبران باسيل زعيم أكبر تكتل مسيحي بالبرلمان الحالي.

ولدى اقتراعه في إحدى مدارس البترون، تجمهر العشرات حول باسيل، وهتفوا تأييدا له، فأكد لهم أنه يخوض في هذه الدائرة ضد خصومه معركة إسقاطه وتحجيم تمثيله المسيحي.

وفي أحد مراكز الاقتراع، يقول أحد مندوبي حزب القوات -للجزيرة نت- "نراقب الانتخابات في البترون؛ لأننا لن نسمح بأي غش أو تزوير للنتائج".

كذلك الحال في زغرتا التي تعيش استقطابا سياسيا حادا بين زعيمها فرنجية وخصومه بالمنطقة، وفي طليعتهم ميشال معوض؛ إذ شهدت البلدة حركة انتخابية متقدمة نسبيا عن غيرها من الأقضية الشمالية، وانتشر المندوبون في مختلف شوارعها لحث الناخبين على الاقتراع.

ويقول أحد مندوبي تيار المردة -للجزيرة نت- "نبذل جهدنا لإقناع أهل زغرتا للاقتراع بكثافة، حتى نؤكد للجميع أن زعيمنا سليمان فرنجية هو المرشح الأكثر شرعية لرئاسة الجمهورية".

داخل أحد مراكز الاقتراع في طرابلس
داخل أحد مراكز الاقتراع في طرابلس التي تشهد حضورا قويا لمندوبي اللوائح الانتخابية (الجزيرة)

دوائر أخرى

واقع الحال، انسحب مشهد الاستقطاب على مختلف الدوائر الانتخابية جنوبا وبقاعا وفي بيروت وجبل لبنان، حيث تدور المعركة بين مختلف القوى السياسية والطائفية. وشهدت بعض المناطق إشكالات محدودة بين بعض مندوبي لوائح، في بعلبك وزحلة وجبيل وغيرها.

وتراقب الانتخابات عدد من الجهات غير الرسمية، وفي طليعتها الجمعية اللبنانية لتعزيز ديمقراطية الانتخابات "لادي" (LADE)؛ إذ لديها 1100 مراقب ينتشرون في مختلف الدوائر، إلى جانب كل من جامعة الدولة العربية، والشبكة العربية للديمقراطية الانتخابية وبعثة أوروبية.

وأعلنت لادي عن رصد عدد من المخالفات خلال عمليات الاقتراع، ومنها انقطاع الكهرباء، وتوقف الاقتراع بعدد من المراكز بسبب إشكالات بين المندوبين، وتعرض بعض المندوبين للاعتداء وانتشار الهتافات الحزبية أمام عدد من مراكز الاقتراع.

المصدر : الجزيرة