لليوم الرابع.. مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال وأردوغان: لن نتغاضى عما يحدث في القدس

قوات الاحتلال طردت المصلين من باحات المسجد الأقصى وسمحت للمستوطنين باقتحامه (الأناضول)

لليوم الرابع على التوالي، اقتحمت عناصر من الشرطة الإسرائيلية ومجموعات من المستوطنين المتطرفين، صباح اليوم الأربعاء، المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، والمسجد الإبراهيمي في الخليل، ومن جانب آخر أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه لن يتغاضى عما يحدث في القدس.

وقد أخلت قوات الاحتلال المسجد الأقصى من المصلين والمعتكفين قبيل اقتحام مجموعات من المستوطنين لباحاته، والذي استمر نحو 3 ساعات ونصف الساعة قبل أن ينسحب المستوطنون وقوات الشرطة من المسجد الشريف.

وخلال اقتحام المسجد الأقصى، اندلعت اشتباكات محدودة بين مصلين وشرطة الاحتلال التي أطلقت الرصاص المطاطي.

وقال شهود عيان إن قوات الاحتلال حاصرت ما تبقى من مصلين داخل المصلى القبلي، كما حاصرت النساء داخل مصلى قبة الصخرة.

وقد اعتدت قوات إسرائيلية بالضرب على عدد من المرابطات في المسجد الأقصى، كما أبعدت مراسلة الجزيرة في القدس نجوان سمري عن باحات الأقصى المبارك وأبوابه.

وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بأن 1180 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى اليوم من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية، وأدوا طقوسًا تلمودية في باحاته، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال.

وفجر اليوم، فرضت شرطة الاحتلال قيودا على دخول الشبان الفلسطينيين إلى الأقصى لأداء صلاة الفجر، كما انتشرت على نحو واسع على بوابات المسجد المبارك لمنع المصلين من العودة والدخول إليه مجددا.

في المقابل، بقيت مجموعة من المرابطين داخل المسجد القبلي لمنع اقتحامه، كما أنها تحاول طوال الوقت الدق على أبواب المسجد ونوافذه، في محاولة لإرباك وإزعاج المستوطنين وجنود الاحتلال المنتشرين داخل باحات المسجد الأقصى.

وقد أطلقت قوات إسرائيلية قنابل الصوت والغاز داخل المسجد القبلي بالأقصى، لإسكات أصوات الطرق، كما اعتلى أفراد من شرطة الاحتلال سطح هذا المسجد.

كما أدى آلاف من اليهود صلوات وطقوسا عند حائط البراق في المسجد الأقصى المبارك.

وأبدى خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عكرمة صبري، خشيته من أن يسمح الاحتلال للمستوطنين بإدخال القرابين إلى المسجد الشريف غدًا.

وقال الشيخ صبري للجزيرة إن الحكومة الإسرائيلية هشة تلبي مطالب المتطرفين على حساب المسلمين والمسجد الأقصى.

في المقابل، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إن ما سماها المزاعم بشأن إدخال قرابين إلى المسجد الأقصى كاذبة تماما ولا أساس لها.

ويقتحم مئات المستوطنين المسجد الأقصى كل يوم، منذ الأحد الماضي، بالتزامن مع ما يسميه اليهود عيد الفصح الذي بدأ مساء الجمعة الماضية، ويستمر حتى الخميس.

منع دخول اليهود

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت أن القيادة السياسية والأمنية قررت إغلاق المسجد الأقصى أمام دخول اليهود، ولكن ابتداء من يوم الجمعة المقبل الذي يتزامن مع انتهاء الاحتفال بعيد الفصح، حتى نهاية شهر رمضان.

وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن القرار جاء بعد مشاورات أجراها رئيس الحكومة نفتالي بينيت على خلفية احتدام التوتر، وفي محاولة لنزع فتيل الانفجار.

وحسب القرار، لن يُسمح بدخول اليهود في الفترات الزمنية التي خصصتها لهم سلطات الاحتلال على مدار أيام الأسبوع من الأحد حتى الخميس، علما بأنه يُحظر عليهم دينيا الدخول يومي الجمعة والسبت.

من جهة أخرى، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن ‏الشرطة استدعت مسؤولي مسيرة الأعلام وأبلغتهم رفضها تأمين المسيرة بعد تهديد حركة حماس.

وانسحبت قوات الاحتلال من المسجد الأقصى بعد انتهاء اقتحام عدد من المتطرفين لباحات المسجد في عيد الفصح، وذلك للمرة الثالثة خلال 3 أيام.

إغلاق المسجد الإبراهيمي

وفي مدينة الخليل، تواصل سلطات الاحتلال إغلاق الحرم الإبراهيمي أمام الفلسطينيين لليوم الثالث على التوالي، والسماح للعشرات بأداء طقوسهم الدينية في ساحاته بحجة الأعياد اليهودية.

كما شدد الاحتلال من إجراءاته العسكرية داخل البلدة القديمة في الخليل، وأغلق عددا من الشوارع المؤدية إلى الحرم الإبراهيمي.

وقالت وزارة الأوقاف الإسلامية بالخليل إن سلطات الاحتلال أغلقت المسجد الإبراهيمي نهائيا أمام الفلسطينيين الاثنين والثلاثاء، ومنعت رفع الأذان عبر مكبراته، وسمحت للمستوطنين باستخدام الجزء الخاص بالمسلمين لأداء طقوس دينية والاحتفال داخله بالعيد.

اعتقالات الضفة

وفي الضفة الغربية، أعلن الجيش الإسرائيلي فجر اليوم اعتقال 6 فلسطينيين في الخليل وبيت لحم ومخيم بلاطة وشرق نابلس.

ويشنّ جيش الاحتلال منذ نحو أسبوعين حملات اعتقالات وتفتيش واسعة في الضفة، يعقبها اندلاع اشتباكات مع الفلسطينيين.

من جانبه، حذر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من استمرار الاقتحامات الإسرائيلية للمدن والقرى والمخيمات، وأعمال القتل للفلسطينيين وغيرها من الاعتداءات "التي ستؤدي إلى تبعات وخيمة لا يمكن احتمالها أو السكوت عنها".

ودعا عباس الأمم المتحدة إلى حشد الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء "الظلم" التاريخي الواقع على الفلسطينيين، وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لتمكين الفلسطينيين من العيش بحرية وسلام وأمن وكرامة في وطنهم.

وكان أكثر من 100 فلسطيني أصيبوا في مواجهات مع قوات الاحتلال عند مدخل قرية بُرقة شمالي نابلس.

واندلعت المواجهات عندما قمعت إسرائيل فلسطينيين كانوا يحتجون على تأمين جيش الاحتلال وصول حافلات المستوطنين إلى أطلال البؤرة الاستيطانية "حومش" التي أخلتها الحكومة عام 2005.

تحركات تركية

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده لن تتغاضى أبدا عن الأحداث الجارية في المسجد الأقصى، وستواصل الدفاع بأعلى صوت عن القدس حتى لو صمت العالم بأسره.

وأضاف أردوغان -في كلمة أمام نواب حزبه- أن قضية القدس مختلفة بالنسبة لتركيا عما يقومون به من خطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأشار إلى أنه أعرب لجميع المسؤولين الإسرائيليين -الذين تحدث معهم مؤخرا- عن حساسية أنقرة تجاه موضوع المسجد الأقصى.

بدورها، أعربت الخارجية الصينية عن القلق "العميق" تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة من تصعيد للعنف خاصة في القدس.

وقال المتحدث باسمها إن بلاده تعارض التغييرات الأحادية الجانب للوضع التاريخي الراهن للمدينة (المقدسة).

تقسيم الأقصى

من جهتها، اتهمت السلطة الفلسطينية تل أبيب بالسعي للتقسيم المكاني والزماني للأقصى الشريف.

كما دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشعبَ الفلسطيني في الضفة إلى الاستنفار والاحتشاد لوقف انتهاكات الاحتلال في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل.

وعدّت حماس إغلاق سلطات الاحتلال للمسجد أمام المصلين لإقامة حفل غنائي انتهاكا خطيرا للمقدسات الإسلامية واستفزازا لمشاعر المسلمين.

ومن جانبه دعا الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني-القائمة الموحدة (الذراع السياسية للحركة الإسلامية الجنوبية) إلى الانسحاب الفوري من الحكومة الإسرائيلية.

وكان الشيخ صلاح وصل إلى المسجد الأقصى عقب اقتحامات نفذها المستوطنون صباح أمس تحت حماية مكثفة من شرطة الاحتلال.

وقالت مراسلة الجزيرة إن مجلس الأوقاف الإسلامي اجتمع بوفد من الداخل الفلسطيني بحضور الشيخ صلاح، ورئيس لجنة المتابعة محمد بركة، والنائب أسامة السعدي عن القائمة العربية المشتركة.

وقد هدد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بتوجيه ضربات "قوية" لما وصفها بمنظمات الإرهاب في غزة إذا استمر إطلاق النار والتحريض، حسب تعبيره.

وقال غانتس إن الجيش والأجهزة الأمنية في وضع التأهب للتعامل مع كل طارئ وكل سيناريو، وللحفاظ على حرية العبادة في القدس، وفق ما قال.

وطالب مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن الدولي بالتصرف لوقف العدوان على الفلسطينيين بالمسجد الأقصى والحرم الشريف فورا.

كما طالب منصور مجلسَ الأمن بتوفير حماية دولية للسكان المدنيين الواقعين تحت الاحتلال.

التزام أميركي بأمن إسرائيل

في سياق موازٍ، أبلغ وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد نظيره الأميركي أنتوني بلينكن بالجهود المتعقلة والمسؤولة -حسب تعبيره- التي تبذلها تل أبيب للحفاظ على حرية العبادة لجميع الأديان في القدس.

وأضاف بيان صدر عن مكتب الوزير الإسرائيلي أن بلينكن هاتف لبيد، وأن الأخير أكد أهمية أعياد "البيسَح" اليهودي والفصح المسيحي وشهر رمضان.

وقد أبلغ لبيد الوزيرَ الأميركي أن إسرائيل لن تكون مستعدة للتسليم بالدعوات المؤيدة للعنف، وأكد ضرورة توفر دعم دولي من أجل إعادة الهدوء إلى القدس.

وفي ردود الفعل الدولية، أفادت الخارجية الأميركية بأن الوزير تحدث مع نظيره بشأن أهمية عمل الإسرائيليين والفلسطينيين على إنهاء دائرة العنف عبر ممارسة ضبط النفس والامتناع عن أعمال تذكي التوتر.

كما بحث الوزيران الجهود المشتركة لمواجهة التحديات العالمية مثل إيران ووكلائها، وفق وصف البيان.

وجدّد بلينكن التزام الإدارة الأميركية الراسخ بأمن إسرائيل، ودان الهجمات الصاروخية الأخيرة من غزة.

وشدد على دعم واشنطن لحل الدولتين المتفاوض عليه، والرغبة في توسيع العلاقات الإسرائيلية وتعميقها في المنطقة بعد قمة النقب.

كما قالت الخارجية الأميركية إن الوزير بحث مع الرئيس الفلسطيني التوتر المتزايد وأعمال العنف في إسرائيل والضفة وغزة.

وشدد بلينكن على أهمية عمل الفلسطينيين والإسرائيليين على إنهاء دوامة العنف بالامتناع عن أعمال وخطابات من شأنها أن تصعّد التوتر.

وأكد التزام الولايات المتحدة بتحسين حياة الفلسطينيين بطرق ملموسة ودعم حل الدولتين المتفاوض عليه.

المصدر : الجزيرة + وكالات