علقت مشاركتها بالتنسيق مع بينيت.. قائمة منصور عباس ترفض الانسحاب من حكومة إسرائيل رغم اقتحام الأقصى

A special session of the Knesset, Israel's parliament, whereby a confidence vote will be held to approve and swear-in a new coalition government, in Jerusalem
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت خلال حديث مع رئيس القائمة الموحدة منصور عباس في الكنيست الإسرائيلي (رويترز)

القدس المحتلة – وجهت فعاليات سياسية وحزبية وقوى وطنية في الداخل الفلسطيني انتقادات شديدة اللهجة للقائمة العربية الموحدة لمواصلة عضويتها في الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت، على وقع الاقتحامات للمسجد الأقصى والاعتداءات المتواصلة على المصلين والمرابطين فيه خلال شهر رمضان.

وتأتي هذه الانتقادات، عقب القرار الصادر عن الموحدة ومجلس شورى الحركة الإسلامية الجنوبية الذي اجتمع مساء أمس الأحد في مدينة كفر قاسم، للتباحث في تداعيات الأحداث بالقدس والأقصى.

ووسط الانتقادات لفلسطينيي 48 للموحدة وقيادتها مع استمرار اعتداءات الاحتلال على الفلسطينيين والاقتحامات الجماعية لـ"جماعات "الهيكل" لساحات الأقصى بمناسبة ما يسمى "الفصح العبري"، أفادت صحيفة "هآرتس" بأن تعليق الموحدة لعضويتها بالحكومة والكنيست جاء بالتنسيق مع رئيس الوزراء بينيت، ووزير الخارجية يائير لبيد، على حد وصفها.

وامتنعت الموحدة عن الانسحاب من الائتلاف الحكومي وقررت تعليق عضويتها في الائتلاف الحكومي والكنيست، في وقت تواصل قيادة الموحدة ممثلة برئيسها منصور عباس المشاورات مع أقطاب الحكومة الإسرائيلية لتفادي الأزمة، وذلك سعيا لامتصاص الغضب بالمجتمع الفلسطيني بالداخل وحتى داخل الحركة الإسلامية الجنوبية، حيث تتعالى الأصوات المنتقدة لما يوصف بـ "نهج منصور عباس".

تجميد في العطلة

ودعا مجلس شورى الحركة الإسلامية الجنوبية، القائمة المشتركة لاتخاذ "قرار مشابه للموحدة بتعليق العضوية في الكنيست، حتى يتم التوصل لحل نهائي بشأن الاعتداءات على المسجد الأقصى"، على حد تعبير مجلس الشورى.

واعتبر مراقبون قرار الموحدة غير ذي جدوى، حيث جاء القرار في وقت علق فيه الكنيست الإسرائيلي أنشطته وخرج إلى عطلة الربيع في مارس/آذار الماضي بسبب الأعياد اليهودية، على أن تستمر العطلة حتى الثامن من مايو/أيار المقبل.

وبرأيهم فإن التجميد لن يكون له أي قيمة عملية، وأن القرار قد يكون ضمن محاولات القائمة الموحدة والحكومة لامتصاص غضب الشارع الفلسطيني.

وبحسب "هآرتس"، فإن قرار الموحدة بتجميد عضويتها في الائتلاف الحكومي والكنيست، جاء بهدف "تخفيف الضغوطات التي تتعرض لها في المجتمع الفلسطيني بالداخل، بحيث إن الموحدة غير معنية بتفكيك الائتلاف وستواصل العمل والتنسيق مع الأحزاب اليهودية المشاركة في الائتلاف الحكومي.

الطرح ذاته الذي تبناه رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة، الذي علق على قرار مجلس الشورى بالقول إن "الموحدة تقرر تجميد عضويتها والكنيست في عطلة الربيع"، وتساءل "تجميد عضوية في عطلة الربيع؟ ويطلبون من المشتركة الانضمام لهم؟، لولا مأساوية ما يحدث بالقدس والأقصى لأثار الاقتراح ضحك الجميع".

Party leaders of the proposed new coalition government, pose for a picture at the Knesset, Israel's parliament, before the start of a special session to approve and swear-in the coalition government, in Jerusalem
منصور عباس (الأول من اليسار) خلال اجتماع لقيادات الائتلاف الذي يشكل الحكومة الإسرائيلية (رويترز)

سخرية الربيع

وأوضحت مصادر في القائمة المشتركة للجزيرة نت أن قرار الموحدة بتعليق عضويتها في الكنيست والائتلاف خلال عطلة البرلمان بمثابة سخرية الربيع، ووصفت نهج وممارسات عباس بـ"البلهوانية".

وأكدت المصادر أن نواب الموحدة شركاء في الحكومة ويقومون بدعهما حتى خلال الاعتداءات على الشعب الفلسطيني واقتحامات الأقصى، ورجحت المصادر أن الموحدة وبعد انتهاء عطلة الربيع ستضع التعليق جانبا وستواصل دعم الائتلاف الحكومي.

وبدا النائب عوفر كسيف عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي المنطوي تحت القائمة المشتركة أكثر حدة في انتقاده، قائلا إن "إعلان الموحدة تجميد عضويتها في الائتلاف خلال عطلة الكنيست كالإعلان عن اتباع حمية غذائية في رمضان".

وأوضح كسيف للجزيرة نت أنه لأمر مفاجئ جدا أن يتذكر بعضهم -بالإشارة لنواب القامة الموحدة- أن القدس الشرقية وخاصة المسجد الأقصى واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف "من يقوم بدعم الائتلاف الحكومي ويخلد للنوم ليلا مع حكومة يمينية متطرفة، لا يحق له أن يشتكي بعد أن يستيقظ بالصباح، من اقتحامات الاحتلال للأقصى".

وفي تعليقه على مواصلة الموحدة دعم الائتلاف الحكومي رغم تصاعد الاعتداءات على الشعب الفلسطيني والاقتحامات للأقصى، أوضح الكاتب الصحفي سليمان أبو ارشيد أن "وهم التأثير" و"بيضة القبان" التي أسس منصور عباس وفقها أجندته السياسية، هي حالة مؤقتة بالمشهد السياسي الإسرائيلي، وهو ما غاب عن تفكير عباس.

وحذر أبو ارشيد من مخاطر وتداعيات الانغماس لأحزاب وقوى سياسية من فلسطينيي 48 بالمشهد السياسي الإسرائيلي على غرار الموحدة، وأوضح للجزيرة نت أن ذلك من شأنه أن يسهم بخلق واقع من خلال البرلمان يصبح معه فصل المدني عن الوطني بالساحة الفلسطينية بالداخل غير ممكن ويفضي بالضرورة إلى المقايضة على الحقوق الوطنية كما وقع بنهج منصور عباس.

طعنة واستهتار

وتعليقا على قرار الموحدة تعليق عضويتها بالائتلاف والكنيست خلال عطلة الربيع، وجه الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية انتقادات شديدة اللهجة إلى الموحدة، وجاء في بيان مشترك تلقت الجزيرة نت نسخة منه إن "تجميد العضوية، وبالتنسيق مسبقا مع بينيت ولبيد، هو فذلكة لا معنى لها سوى الاستهتار بعقول الناس، فالدخول لهذه الحكومة طعنة بظهر الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة".

وأكد حزب الجبهة الديمقراطية أن مطلب الساعة هو إسقاط حكومة بينيت-لبيد، التي لم تحمل أي بشرى لا على المستوى السياسي ولا على مستوى مساواة الجماهير العربية الفلسطينية بالداخل ولا على مستوى أزمة المعيشة وغلاء الأسعار، وعليه على الموحدة أن تنسحب فورا من الحكومة، دون فذلكات، لأنها آيلة للانهيار، وفق قوله.

تعليق وخيبة

من جانبها، أصدرت القائمة الموحدة بيانا تلقت الجزيرة نت نسخة منه، بررت من خلاله الدوافع للدخول إلى الائتلاف الحكومي تحت ذريعة تحقيق مصالح المجتمع العربي بالداخل وخدمته وتعزيز قوة التمثيل العربي في الساحة السياسية الإسرائيلية.

بيد أن الموحدة اعتبرت في بيانها أنها لا تستطيع السكوت عن ممارسات الاحتلال ومواصلة الاعتداء على القدس والأقصى، حيث علق نواب الموحدة عضويتهم ليس فقط في الائتلاف الحكومي وإنما أيضا في الكنيست، وهم مطالبون بعدم الحضور إلى الكنيست، علما أن البرلمان الإسرائيلي في عطلة الربيع.

ودون أن توجه الموحدة انتقادات للحكومة الإسرائيلية أو التهديد بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، اكتفت بالقول "ترى الموحدة أن ملف القدس والأقصى يجب أن يكون خارج نطاق المكاسب السياسية، وإذ ذاك، فإننا ننادي نواب (القائمة) المشتركة أن يحذوا حذو الموحدة في مثل هذه القرارات، بحيث تجمد الأحزاب عمل نوابها".

وأضافت الموحدة أن هذه القرارات تأتي بعد ما وصفته بـ"خيبة الأمل" من تعامل الحكومة مع ملفّ القدس والأقصى والمقدسات الإسلامية، قائلة "في حال استمرت الحكومة بخطواتها التعسفية بحق القدس والأقصى، فإننا سنقدم استقالة جماعية، ونطالب الأحزاب جميعها بالتعاون مع هذا القرار ودعمه".

بلا قيمة وبلا وزن

وتوالت الانتقادات للموحدة وقراراتها، وقال النائب السابق عضو لجنة التوجيه العليا لعرب النقب طلب الصانع، إن "قرار الموحدة تعليق عضويتها في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، ما هو محاولة لامتصاص غضب الشعب الفلسطيني، ولكنه بلا قيمة لأن الكنيست في عطلة وبدون أنشطة".

وأكد الصانع أنه يوجد في القانون الإسرائيلي مصطلح "تجميد عضوية" من الائتلاف الحكومي، مما يعني أنه إما أن تكون عضوا وشريكا في الائتلاف أو تنسحب وتكون خارج الحكومة، وهو الأمر الذي لا ينطبق على إعلان الموحدة.

الطرح ذاته تبناه القيادي الإسلامي الشيخ كمال خطيب عضو لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الذي قال إن "تجميد الموحدة عضويتها لا يقدم أو يؤخر والقرار ليس انتصارا للدماء التي سالت في الأقصى، ولا النساء التي ضربت، ولا الأيادي التي كسرت، ولا الأطفال الذين روعوا".

وأضاف في تدوينة له على حسابه في فيسبوك "المسجد الأقصى هو الامتحان، والقدس هي الفاضحة. لا قيمة ولا وزن "لبيضة القبان"، فالأقصى هو القبان والقدس هي الميزان، بهما توزن المواقف والأفعال. وفي امتحان القدس والأقصى يكرم المرء أو يهان".

المصدر : الجزيرة