أزمة أوكرانيا تشعل مجلس الأمن.. بايدن يتوعد روسيا وموسكو تكذّب واشنطن بشأن رسالة بينهما

جدد الرئيس الأميركي جو بايدن وعيده لروسيا بعواقب "قاسية وخطيرة" حال غزوها أوكرانيا، في وقت أعلنت فيه واشنطن تسلمها رسالة خطية من موسكو في حين نفت الأخيرة إرسالها.

وأعلن مسؤول أميركي أن بلاده تلقت من روسيا رسالة خطية تتضمن ملاحظات الكرملين على الجواب الخطي الذي سلمته واشنطن إلى موسكو الأسبوع الماضي والذي ضمنته ردها على مطالبه الأمنية واشتراطاته لحل الأزمة الأوكرانية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية -أمس الاثنين- "بوسعنا أن نؤكد أننا تلقينا ردا مكتوبا من روسيا"، من دون أن يحدد فحوى هذا الرد.

وأضاف "نعتقد أنه لن يكون مجديا التفاوض علنا، لذلك سنترك الأمر للروس للتحدث عن ردهم إذا ما رغبوا في ذلك". وتابع "نبقى ملتزمين الحوار لحل هذه القضايا وسنواصل التشاور من كثب مع حلفائنا وشركائنا، بما في ذلك أوكرانيا".

من جانبه، نفى ألكسندر غروشكو نائب وزير الخارجية الروسي -اليوم الثلاثاء- صحة الأنباء التي تحدثت عن إرسال موسكو للجانب الأميركي ردا مكتوبا على المقترحات الخاصة بالضمانات الأمنية التي أرسلتها واشنطن في وقت سابق. وقال غروشكو -في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية- إن هذه الأنباء غير صحيحة.

ويأتي الجدل حول الرسالة عشية مكالمة هاتفية مرتقبة بين وزيري خارجية القوتين العظميين المتنافستين، الأميركي أنتوني بلينكن والروسي سيرغي لافروف.

والرسالة المنتظرة هي رد على الرد الأميركي على قائمة مطالب واشتراطات سلمتها موسكو لواشنطن منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، وردّت عليها الأخيرة خطيا الأسبوع الماضي.

تهديدات بايدن

في سياق متصل، توعد الرئيس الأميركي جو بايدن روسيا بعواقب قاسية وخطيرة إن أقدمت على غزو أوكرانيا. وقال بايدن إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيواصلون الانخراط بحسن نية في الجهود السياسية إذا أبدت روسيا استعدادا حقيقيا للحوار بشأن معالجة المخاوف الأمنية للغرب.

وأضاف بايدن أن واشنطن وحلفاءها يواصلون الاستعداد لأي سيناريو ستقدم عليه روسيا في أوكرانيا، مشيرا إلى أن العالم يجب أن يكون مستعدا للرد على أي خطوات تقوم بها روسيا.

بايدن جدد تهديداته لروسيا في حال أقدمت على غزو جارتها أوكرانيا (الأوروبية)

بدورها، طلبت الولايات المتحدة من أفراد عائلات موظفيها الحكوميين في بيلاروسيا مغادرة البلاد، وحذرت من السفر إلى هناك.

وأرجعت الخارجية الأميركية قرارها إلى "نشاط عسكري روسي غير معتاد ومقلق بالقرب من الحدود مع أوكرانيا"، وأشارت إلى أنه يجب على المواطنين الأميركيين الموجودين في بيلاروسيا أو يفكرون في السفر إليها إدراك أن الوضع "عصي على التنبؤ، وأن هناك توترا متصاعدا في المنطقة".

ومنذ نهاية العام الماضي، تتّهم كييف وحلفاؤها الغربيون روسيا بحشد ما يصل إلى 100 ألف جندي على حدودها مع جارتها الموالية للغرب، تمهيدا لغزو هذا البلد.

لكنّ موسكو تنفي وجود أيّ مخطّط لديها من هذا القبيل، مطالبةً في الوقت نفسه بضمانات خطّية لأمنها، وفي مقدّمها التعهّد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) أبدا، وبوقف توسّع الحلف شرقًا.

حراك بريطاني

وبالتوازي مع التهديدات الأميركية، سجلت بريطانيا حراكا هي الأخرى، ومن المرتقب أن يزور رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أوكرانيا اليوم الثلاثاء في إطار جهود دبلوماسية لردع غزو روسي محتمل، وناشد موسكو تجنب الدخول في صراع.

ومن المقرر أن يلتقي جونسون بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للحديث بشأن احتشاد عشرات الآلاف من الجنود الروس في أوكرانيا وبالقرب منها، التي يخشى الغرب من أنها قد تكون مستعدة للغزو.

وتقول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إن روسيا صارت لديها القدرة على القيام بعمل ضد أوكرانيا، وحذر جونسون من كارثة إذا فعلت موسكو ذلك.

وكانت الحكومة البريطانية كشفت -أمس الاثنين- عن نظام عقوبات جديد، يمكّنها من فرض عقوبات على روسيا في حال قررت موسكو غزو أوكرانيا.

وبموجب الخطط الجديدة، فإن العقوبات تشمل تجميد الأصول، وحظر السفر على الأفراد والمؤسسات الروسية التي لديها أهمية إستراتيجية، وفق تقييم الحكومة البريطانية.

وأشارت مصادر في الحكومة البريطانية إلى أن تجميد الأصول قد يشمل شركات النفط الروسية، باعتبارها مصدرا رئيسيا لعائدات الكرملين، وفق تعبيرها.

جلسة عاصفة

شهد مجلس الأمن الدولي -أمس الاثنين- جلسة عاصفة بشأن الأزمة الأوكرانية حيث انتقد المندوب الروسي فاسيلي نيبنزيا ما وصفها بالهستيريا التي أثارها الغرب تجاه أوكرانيا. وقال إن اتهامات الغرب بأن روسيا ستغزو أوكرانيا خطيرة ولا تستند إلى أي دليل.

U.N. Security Council meets for discussions on Ukraine situation, in New York
المندوب الروسي نفى تخطيط بلاده لغزو أوكرانيا واتهم الغرب بإثارة "هيستريا" الحرب (رويترز)

من جهته، أكد المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة ضرورة التخلي عما وصفها بـ"عقلية الحرب الباردة" في التعامل مع ملف أوكرانيا.

في المقابل، قالت المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد إن الوضع شرقي أوروبا ملح وخطير، ودعت أعضاء مجلس الأمن إلى حماية أمن وسلام دولة عضو في الأمم المتحدة، في إشارة إلى أوكرانيا. وأعربت عن أملها في أن تسلك روسيا سبيل الدبلوماسية، لا التصعيد العسكري.

من جانبها، علقت وزارة الخارجية الأوكرانية على اجتماع مجلس الأمن الذي ناقش مسألة التصعيد الروسي، ووصفته بـ"الخطوة المهمة" لمنع موجة جديدة من العدوان الروسي المسلح على كييف، على حد وصفها.

ووصفت الخارجية الأوكرانية -في بيان- خروج المبعوث الروسي من القاعة قبل نهاية الاجتماع بأنه "ازدراء لمجلس الأمن الدولي".

أسلحة وقوات

ويترافق الحراك الدبلوماسي والتلويح بالعقوبات على روسيا مع تحرك عسكري على الأرض، إذ قالت وزارة الدفاع الأميركية -أمس الاثنين- إنها تجري مناقشات نشطة مع حلفاء في شرق أوروبا بشأن نشر محتمل لقوات أميركية على الجانب الشرقي لحلف الناتو.

وأوضح البنتاغون أن أي قرارات بشأن تحركات لقوات جديدة ستكون بمعزل عن القوات البالغ قوامها حوالي 8500 جندي في الولايات المتحدة التي وضعت في حالة تأهب الأسبوع الماضي من أجل تعزيز محتمل لقوة الرد السريع التابعة لحلف الناتو.

ويأتي تحرك واشنطن لطمأنة حلفاء قلقين بالحلف في مواجهة الحشد العسكري الروسي بالقرب من أوكرانيا.

على صعيد متصل، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن كييف تسلمت شحنة خامسة من المساعدات العسكرية الأميركية وإن شحنة سادسة في الطريق.

وبهذا يبلغ حجم المساعدات العسكرية المعلنة التي قدمتها واشنطن لكييف في غضون أسبوعين نحو 400 طن، شملت صواريخ جافلين المضادة للدبابات.

المصدر : الجزيرة + وكالات