الغنوشي للجزيرة نت: أدعو الرئيس للتنازل ومن العيب استخدام دم شهيدين لتشريع الانقلاب والاعتداء على القضاء

الغنوشي دعا الرئيس والقوى السياسية إلى الحوار تجنبا لانهيار الدولة (الجزيرة)

تونس – يكشف رئيس حركة النهضة والبرلمان التونسي المجمدة أعماله راشد الغنوشي في حوار مطول مع الجزيرة نت عن موقفه من تواصل الإجراءات الاستثنائية التي تعيشها البلاد، ومن إمكانية توجه الرئيس لحل حركة النهضة وتتبع قياداتها، كما يجيب عن الاتهامات التي تطال الحركة بالتورط في الاغتيالات السياسية.

وفي ما يلي الحوار كاملا:

  • 7 أشهر مرت الآن على إجراءات الرئيس قيس سعيد، كيف تقيّمون الوضع السياسي في تونس؟

لقد تحول الرئيس قيس سعيد لمعبّر وحيد عن معاني الفشل التي تعاني منها التجربة التونسية، الكلمة التي تلخص أي حكم يمكن أن نطلقه على إجراءاته هي الفشل والفشل الذريع، فشل في الوفاء بقسمه على الدستور، وفشل في الوفاء بعهوده باحترام ما أبقى من فصوله، وفشل في إيقاف الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب التونسي، وفشل في أن يستجيب لتوقعات الفئات الشبابية المحرومة التي قدم نفسه متحدثا باسمها، بل قام بإلغاء القانون الذي صوّت عليه البرلمان لتمكين الذين طالت بطالتهم من حقهم في العمل.

فشل للمرة الثالثة في تكوين حكومة قادرة على التصدي للشأن العام في البلاد، وفشل في تقديم ميزانية تضمن الحد الأدنى من الأمن الاقتصادي والمالي للتونسيين، وفشل في أن ينقلهم من مشاهد التنازع بين النخب السياسية في البلاد ونقل العراك الذي كان يصطنع لتشويه البرلمان، كي يطل هو من قصر قرطاج كل مرة على التونسيين بخطاب مخيف يقض مضاجعهم ولا يعطيهم أي أمل في واقعهم ولا في مستقبلهم.

على الصعيد الخارجي، فشل في تقديم صورة ناصعة عن تونس في الخارج، مما جعلها تعاني من عزلة دولية غير مسبوقة في تاريخها وجعلها تقترب بسرعة مخيفة من وصف الدولة الفاشلة، حيث إن الدولة تعجز عن القيام بالحد الأدنى من واجباتها، مثل سداد الأجور في وقتها وتوفير المواد الأساسية التي تحتاجها كل عائلة تونسية يوميا.

  • تتهمون الرئيس بالفشل، وهناك من يتهمكم بمسؤولية 10 سنوات من الإخفاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي ويصفون فترة حكمكم بالعشرية السوداء؟

نحن رفضنا أن نصف فترة ما قبل الثورة بالشر المطلق، ورسولنا الكريم لم يقل جئت لأمحو كل شيء، بل قال عليه السلام أتيت لأتمم مكارم الأخلاق، لا نريد أن نكون مثل من حقت عليه آية "كلما دخلت أمة لعنت أختها"، بل نريد أن نتبع مثل رسولنا الكريم، فأي وصف لفترة ما بالشر المطلق هو وصف غير موضوعي وغير نزيه وله أهداف إقصائية متطرفة.

من المهم التأكيد على أن المنجز السياسي في تلك المرحلة كان منجزا عظيما من دستور وتأسيس لدولة القانون والمؤسسات، ولكن للأسف هذا البناء لم يكتمل وأتى الآن من يريد أن ينقضه، أما على المستوى الاقتصادي فلم يكن المنجز في مستوى تطلعات شعبنا وشبابنا، وللأسف هناك من أراد استغلال هذا النقص ليس لإصلاحه ولكن لهدم كل البناء.

نحن الآن مهددون بفقدان البيت الذي هو دولتنا ووحدة شعبنا واستقرار وطننا الذي نحتاجه للعيش الكريم، والذين يصفون العشرية الماضية بالسواد ما هو تعليقهم على الأشهر الماضية التي وصلت فيها البلاد حدا لم تصله في تاريخها من الهوان والضعف أمام الدائنين الأجانب، وما هو تعليقهم على ما وصلنا إليه من تأخر لصرف الرواتب، وممكن أصلا أن نصل قريبا للعجز في دفع الرواتب.

  • ما هي رسالتكم لكل هؤلاء بمن فيهم رئيس الجمهورية؟

نحن ندعو الرئيس وكل قوى شعبنا إلى تدارك الوضع قبل السقوط في الهاوية، نقول للجميع تعالوا إلى كلمة سواء، تعالوا نضع مصلحة البلاد قبل مصالحنا الذاتية، تعالوا نضع اليد في اليد لنحفظ بلادنا ودولتنا وشعبنا قبل فوات الأوان.

نقول للرئيس لا تهدم هذا البيت لأننا نرى ما حصل في بلدان أخرى حينما تم إسقاط البيت بكامله، نقول للرئيس ولبقية الأطراف لا تقسموا هذا الشعب، لا تدفعوا البلاد نحو الفوضى، اتقوا الله في هذا البلد، تعالوا نتنازل جميعا لأجل هذا الوطن الذي يأتي قبل أنفسنا ومشاريعنا وأحزابنا.

  • وصفتم خلال حضوركم ندوة لحملة "مواطنون ضد الانقلاب" الرئيس قيس سعيد بالدكتاتور، وأجاب هو بشكل غير مباشر بأنه لن يكون دكتاتورا في عمره هذا.. كيف وجدتم تصريحه؟

من الغريب أن الرئيس ينكر توجهه الدكتاتوري ويتساءل مستنكرا: هل يصبح دكتاتورا في هذا العمر؟ والسؤال المفروض أن يسأله هو: ما هو تعريف الدكتاتورية بقطع النظر عن عمر الدكتاتور؟ أليست الدكتاتورية هي تركيز كل السلطات في يد الشخص الواحد وإلغاء بقية السلطات المستقلة التشريعية والقضائية والتي تمثل ضمانة لدولة القانون والحريات وضمانة ضد الجور والظلم، الرئيس يزعجه وجود سلطة قضائية مستقلة لا تعتبر تصريحاته أوامر ولا تتخذ من توجيهاته أحكاما.

وحتى يتجنب الرئيس لقب الدكتاتور كان واجبا عليه تركيع القضاء ليقوم هذا الأخير بضرب خصوم الرئيس باسم القانون ودون أن يتورط الرئيس بشكل مباشر في استهداف خصومه، فهذا سارق، وذلك فاسد، والآخر مكانه في السجن وليس في كرسي القضاء، وهذا خائن وذاك مخمور، نحن نعتقد أن قضاء التعليمات هو جزء أساسي من مخطط الرئيس للسيطرة المطلقة.

  • كيف تنظرون لخطوة الرئيس في حل المجلس الأعلى للقضاء والاستعاضة عنه بآخر مؤقت؟

هي خرق آخر للدستور وللقانون وللشرائع المعمول بها دوليا وتكذيب لما أعلن عنه الرئيس قيس سعيد ذاته بأنه لا يريد الهيمنة ولا التدخل في السلطة القضائية، وهي خطوة أخرى في مسار المساعي المحمومة لتفكيك مؤسسات الدولة والهيمنة على جميع الصلاحيات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهي مؤشر للخطوات القادمة التي نقدر أن الرئيس سعيد سيعمل على بلوغها، وهي الاستحواذ على جميع صلاحيات المؤسسات والهياكل المستقلة عن الصلاحيات التي منحها لنفسه والهيمنة على كل شيء.

من الواضح أن الرئيس قيس سعيد استخدم نفس المقاربة التي تم استخدامها مع البرلمان: تشويه إعلامي، تهجم واتهامات مباشرة، تحريض على المؤسسة المستهدفة ودعوة أنصاره للتظاهر ضدها، ثم المضي في الخطوة الأخيرة وهي الإجهاز على الفريسة، ورغم أن الاستجابة الشعبية كانت منعدمة بل شكلت فضيحة بعد دعوة الرئيس من مقر وزارة الداخلية للمواطنين للخروج للمطالبة بحل المجلس الأعلى للقضاء ورغم هذا الفشل لكنه مضى في مخططه الذي يهدف للسيطرة على كل السلطات بشكل لم يحصل في تونس منذ استقلالها حتى في عهد الدكتاتورية.

  • البعض اعتبر أن حل المجلس الأعلى للقضاء في تونس وتغييره بآخر قد يمهد لمحاكمات سياسية قد تستهدفكم شخصيا.. ما هو تعليقكم؟

لو اقتصر الأمر على شخص واحد لهان، عندما تجتمع السلطات في يد واحد وتغيب القاعدة الذهبية للحكم العادل، قاعدة فصل السلطات، بما يحد من الآثار الخطيرة لحقيقة أن الإنسان خطاء وأناني ولا يحد من ذلك غير الحرية وتفريق السلطات وإقامة بعضها رقيبا على بعض والحد من سلطاته وإلا فإن الجميع مهدد.

ما يقوم به الرئيس سعيد في الحقيقة ليس استهدافا لي في شخصي، بل هو استهداف للمؤسسة التي تختص بالتشريع والرقابة على السلطة التنفيذية، بما فيها سلطة الرئيس، هو استهداف للديمقراطية وللصورة وللحوار ولكل جهد من أجل إخراج بلدنا من الأزمات المتراكمة التي يعاني منها ومن أجل بث الأمل في أبناء وطننا المكلوم بدكتاتورية حسب أنها غربت إلى الأبد.

بالنسبة لنا في حركة النهضة ليست لنا أي عداوة شخصية أو استهداف لشخصه الكريم، فقد انتخبناه ثقة في نظافته واستقامته كرجل قانون منتظرين منه أن يضرب مثلا في ذلك.

  • هل تخشون أن يتخذ الرئيس قيس سعيد قرارا بحل حركة النهضة؟

نحن في حركة النهضة ليس لنا خشية من أي مسار قضائي في ظل القضاء المستقل والحر، كما أن حركتنا لم تتسلم شهادة ميلادها من أحد غير شعبها بإذن من الخالق، ولذلك هي لا تخشى أن تتلقى شهادة وفاة من أحد غير شعبها بإذن من الله، وكم من نعي تلقيناه ولكننا ظللنا أحياء، بل نزداد حياة بفضل الله وبالتأييد المتكرر لشعبنا منذ زهاء نصف قرن، بل هي حقوق طبيعية كانت مغتصبة منا وجاءت الثورة كي تميط عنها الغبار.

ليس هناك خوف على حركة النهضة ولا على بقية الأحزاب إذ إنها لا توجد بقرار إداري، فكم من عنوان لحزب موجود لا وجود له في الواقع، وأستحضر هنا ما أنشد الشاعر جرير "زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا ** أبشر بطول سلامة يا مربع".

  • رئاسة البرلمان تحدثت عن زيارة قريبة لوفد برلماني أوروبي لتقييم الوضع العام في تونس.. هل لنا بتفاصيل عن طبيعة الزيارة؟

لم يتم تأكيد هذه الزيارة بعد، ونحن نرحب بكل المتضامنين مع الديمقراطية التونسية التي أعطت أملا في العالم أن الديمقراطية ممكنة في العالم العربي، وندعو قبل ذلك لأن يتضامن البرلمانيون كلهم كي يعيدوا الحياة لهذه المؤسسة الشرعية ويقوموا بالأمانة التي كلفهم بها الشعب التونسي الذي انتخبهم.

  • هناك من ينتقدكم وحتى الرئيس نفسه بحجة الاستقواء بالأجنبي من خلال حشد الرأي العام الدولي والتحذير من انهيار المسار الديمقراطي في البلاد.. هل تعتبرون ذلك أداة شرعية للحفاظ على مكاسب الثورة؟

تونس ليست معزولة عن محيطها الإقليمي أو الدولي، وهي جزء من المنتظم الديمقراطي في العالم، وهي تمتعت وتتمتع بالكثير من الدعم المالي والاقتصادي على أساس بنائها القانوني الديمقراطي، ولذلك فإن تهديد المسار الديمقراطي هو في الحقيقة تهديد لخبز التونسيين وأمنهم وعلاقاتهم الخارجية.

لتونس الكثير من الأصدقاء في العالم، ونحن حريصون على أن نتواصل مع الجميع بما ينفع بلدنا ويعزز مكانته، وبصفتنا الرسمية كرئيس للبرلمان وبصفتنا السياسية الحزبية وبصفتنا مواطنين معنيون من خلال علاقاتنا بنظائرنا في البرلمانات بالدفاع عن بني وطننا وعن مصالح دولتنا.

ومن المفروض والبلاد تواجه أزمة اقتصادية خانقة مهددة لمعيشة التونسيين ومهددة لاستمرار الدولة أن نوقف خلافاتنا السياسية مؤقتا، وأن تتجند كل أحزابنا ومؤسساتنا متساندة للدفاع عن صورة بلدنا نموذجا للديمقراطية بما يخدم مصالح البلد العليا واضعين خلافاتنا جانبا.

  • تمت مؤخرا محاصرة منزلكم من قبل هيئة الدفاع عن القياديين اليساريين محمد البراهمي وشكري بلعيد بحجة تورطكم في الملف.. كيف رأيتم هذه الخطوة؟

لم تتم محاصرة بيتي وإنما كان هناك بضعة أنفار تجمعوا غير بعيد، ومع ذلك ما حصل يعد سابقة خطيرة لأن مداهمة منازل الخصوم هي عمل مليشيات، لأن المنازل لها حرمتها وفق القانون والعرف والأخلاق.

نحن نعتبر أن الكثير ممن يتحدثون باسم الشهيدين بلعيد والبراهمي إنما يتاجرون بدمهما، وأصبح الاستثمار في الدم هو ما يحرك سلوك وخطاب هذه الهيئة فيكررون اغتيالهما مرة بعد مرة بالحرص الشديد على تغطية الحقيقة، نحن نطالب بالكشف عن قتلة بلعيد لأننا الضحايا الأوائل المستهدفون بهذا الاغتيال، وتثبت كل الأحداث صدق قولنا حيث خسرنا حكومتين بسبب هذين الاغتيالين.

الجميع يعرف أن لجنة الدفاع هي من تريد بقاء هذا الملف جرحا غائرا مفتوحا للمزيد من استثماره بطرق مختلفة، بما فيها استثماره سياسيا ضد خصومهم الذين لم يستطيعوا يوما هزمهم عبر الصندوق، هذه اللجنة هي التي قدمت الاعتراض تلو الاعتراض لتأخير النظر في القضية ومنع غلق الملف الدامي.

أقول أيضا إنه من العيب أن يستعمل دم الشهيدين بلعيد والبراهمي لتشريع الانقلاب والاعتداء على القضاء، خاصة أن المغدورين -رحمهما الله- كانا ممن دافع عن دولة القانون والمؤسسات، وعلى كل حال نحن نتعاطى مع هذا الملف في إطار القانون، ومصرون على أن يتم حسم مثل هذه الملفات في إطار القضاء المستقل والحر.

لدينا ثقة في القضاء التونسي المستقل إلى هذه اللحظة، ولكن التطورات الأخيرة التي تستهدف القضاء المستقل لتحويله إلى وظيفة كما يرى الرئيس قيس (قضاء التعليمات) يمكن إذن أن تؤثر على ثقتنا في صموده في وجه ضغوطات الرئيس الذي يريد أن يزيح خصومه بقضاء التعليمات، ولذلك طبّل وزمّر لدكتاتورية قيس المبشرون بعودة الاستبداد.

نحن نتابع التطورات ويمكن إذا تم تطويع البعض في القضاء التونسي، أن نلجأ إلى المطالبة بتحكيم جهة محايدة أخرى لا تخضع لضغوطات الرئيس وحلفائه.

  • على عكس ما كان يقوله بعض قادة حركة النهضة والمعارضون للرئيس فإن خروجكم للشارع لم يكن عاملا حاسما فيما يمضي إليه الرئيس بل زاده إصرارا على استكمال مشروعه السياسي.. هل من بدائل للشارع؟

ليس هناك من آليات لمقاومة الاستبداد إلا النضال السلمي والمدني الدائب، نحن حريصون على بلدنا وعلى مصالح شعبنا وعلى أمنه واستقراره وخبز التونسيين، الخروج للشارع مهم بل مهم جدا، وذلك أن الانقلاب قام على كذبة أن الشارع معه، والذين نزلوا للشارع بينوا أن الأغلبية خرج شارعها مرات متتالية ضد الانقلاب مقابل عشرات، مما يؤكد أن في البلاد اليوم شارعا واحدا هو الرافض للانقلاب، وأن قيس سعيد عاجز عن توفير الدعم الشعبي الفعلي وإن كان له يوما دعم فهو قد فقده.

الانقلاب يخسر اليوم وكل يوم شرعيته، وعلى كل حال ليس هناك انقلاب شرعي، فادعاء الشرعية أكذوبة، كما أن المشروعية التي ادعاها تتعرى عن فراغ وتكشف أن الحقيقة هي أن التونسيين في أغلبيتهم القصوى ليسوا معه.

  • يواصل القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري إضراب الجوع احتجاجا على وضعه قيد الإقامة الجبرية من دون أي قرار قضائي، كيف ترون تعامل السلطات مع ملف البحيري؟

ما فعله قيس سعيد مع الأستاذ نور الدين من خلال الاختطاف والإخفاء القسري جريمة ضد الإنسانية حسب القانون الدولي، وهذا قد وضع كل مؤسسات الدولة في وضعية الخارج عن القانون والمعتدي على جميع فصوله، والجريمة التي تعرض لها الأستاذ البحيري -الذي يقاوم بالمعدة الخاوية والبدن المتآكل- بطش وعنجهية الانقلاب شهادة ودليل آخر على حجم التردي الذي وصل إليه الانقلاب.

اختطفوه ثم طفقوا ينقبون في دفاترهم عن أي تهمة لتسويغ اعتقاله فما ظفروا بشيء يمكن أن يصمد أمام قضاء مستقل، وكبر عليهم أن يتركوا سبيله فيخرج منتصرا، فتوحلوا مبهذلين لا يدرون ما يفعلون، وظل الأستاذ نور الدين يذوب كالشمعة يموت عرقا عرقا، أليس في هذا تحريض على العنف يا عباد الله كما صرخت زوجته المحامية الأستاذة سعيدة؟!

  • أعلنت أحزاب سياسية تقدمية: التيار الديمقراطي، والجمهوري، والتكتل، عن مبادرة لإطلاق "حوار سياسي وطني" من دون حركة النهضة ولا رئيس الجمهورية.. كيف ترون هذه الخطوة؟

ندرك تخوفات بعض الأطراف السياسية حول البدائل المطروحة للانقلاب وتخوفها من أن ذلك سيفيد هذا الطرف أو ذاك على حساب بقية الأطراف، ونحن نتفهمها ومستعدون للتفاعل معها إيجابيا عن طريق الحوار.

ونحن نقول إن سقوط الانقلاب يجب أن يكون لمصلحة الجميع على حد سواء، لمصلحة كل البلاد ولمصلحة تونس الديمقراطية وشعبها، وإننا عن طريق الحوار يمكن أن نصل لتوافقات وتنازلات حول البدائل وحول الإصلاحات التي تحتاجها البلاد، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.

أقول إنه لا معنى لأي حوار يقوم على الإقصاء، فالذي يحاور إنما يحاور من يخالف، تونس تتسع للجميع، وليس هناك من خروج من نفق الأزمة إلا بالحوار غير المشروط الذي لا يقصي أحدا إلا من أقصى نفسه.

الاتحاد العام التونسي للشغل كان قد أطلق مبادرة للحوار الوطني، ونحن أيدنا هذه المبادرة منذ تقديمها وما زلنا ندعمها، إذ إن الحاجة لهذا الحوار الوطني اليوم أوكد وأكثر من الحاجة له عندما تم إطلاق المبادرة قبل أكثر من سنة، نحن نادينا لحوار لا يقصي أحدا في كل مراحل نضالنا ضد الاستبداد، وفي مراحل بناء المسار الديمقراطي.

  • باعتقادكم إلى أي حد يمكن للرئيس التونسي أن يذهب في مشروعه السياسي؟ وهل تخشون "الأسوأ"؟

هل لقيس سعيد مشروع؟ بعد سنتين من حكمه وحكم من اختارهم نحن لا نرى إلا عمليات الهدم ولا مشروع بناء شيّد، ولذلك نحن نخشى على تونس وعلى أبناء الشعب التونسي أن تزيد الأزمة الاقتصادية سوءا وأن تنهار البلاد، ولكن لدينا ثقة في أن بذرة الخير الموجودة في هذا الشعب العظيم الذي كان منبع الربيع العربي سيدافع عن ثورته وعن حريته وعن الديمقراطية التي هي الضامن الوحيد لأمنه وحقوقه ومستقبله.

أنا كلي ثقة في هذا الشعب بأنه سيكون قادرا على الخروج من هذا المأزق بما ترسخ من بذور الحرية في جيل جديد تفتح وعيه على الحرية ولن يقبل بعودة نظام زوار الفجر والإعلام الخشبي ونظام اللجان الشعبية والاستفتاءات والاستشارات على المقاس ونواب نظام القرعة.

المصدر : الجزيرة