مع تصاعد العنف شرقي أوكرانيا.. موسكو تعلن عن تدريبات نووية وواشنطن تجدد موقفها: الهجوم الروسي في أي وقت

تجدد اليوم الجمعة القصف المدفعي بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لموسكو في إقليم دونباس شرق البلاد، وبينما أعلنت روسيا سحب المزيد من قواتها، وصفت المخابرات الأميركية الخطوة بالتضليل المتعمد.

وقال الجيش الأوكراني إنه سجل 20 خرقا لوقف إطلاق النار منذ ساعات الصباح في إقليم دونباس، معظمها تمت باستخدام أسلحة محظورة وفقا لاتفاقية مينسك، مما أسفر عن إصابات بين المدنيين.

وكان مراقبون من منظمة الأمن والتعاون الأوروبية أكدوا أنهم سجلوا بالفعل 80 انتهاكا لوقف إطلاق النار عبر الخط الفاصل بين الجانبين، حتى صباح اليوم.

وأقر قائد القوات المسلحة فاليري زالوجني بوجود خطط لإجلاء المدنيين من المناطق التي يحتلها الانفصاليون، لاسيما في دونيتسك، وذلك خوفا عليهم من إبادة محتملة.

وشدد زالوجني في بيان على أن قواته متمسكة باتفاقية مينسك وبالقانون الإنساني الدولي، ولا تخطط للقيام بأي هجوم، وجميع خططها ذات طابع دفاعي.

وفي تعليقها على تقارير عن قصف الانفصاليين روضة أطفال شرقي أوكرانيا، عبرت منظمة الأمن والتعاون بأوروبا عن قلقها لما اعتبرته قصفا عشوائيا لمناطق مدنية.

وجددت المنظمة دعمها القوي لجميع الجهود الدبلوماسية الرامية إلى نزع فتيل التوتر المتواصل، واستعادة السلام والأمن والاستقرار شرق أوكرانيا.

في المقابل، أفادت وكالة رويترز نقلا -عن إنترفاكس الروسية- بأن قوات الانفصاليين قالت إنها تعرضت لقصف بالمدفعية من القوات الأوكرانية.

واتهم الانفصاليون الجيشَ الأوكراني بخرق اتفاق وقف النار في دونباس، ووصفوا قصف مواقعهم على خط التماس بأنه الأعنف منذ شهور.

انسحاب ومناورات

في غضون ذلك، أعلنت روسيا اليوم أنها ستجري تدريبات نووية، تحت إشراف الرئيس فلاديمير بوتين غدا، مناورات لقواتها الإستراتيجية وخصوصا إطلاق صواريخ باليستية وكروز.

ونفى الكرملين في بيان أن تكون "التدريبات النووية الروسية" مؤججة للتوترات مع الغرب، قائلا إن المناورات العسكرية جزء من عملية تدريب روتينية تتسم بالشفافية.

يأتي هذا في وقت تتواصل المرحلة الثانية من التدريبات العسكرية الروسية البيلاروسية المشتركة على الأراضي البيلاروسية باسم "عزيمة الحلفاء 2022".

وتأتي هذه التدريبات في إطار اختبار الجاهزية القتالية لقوات الرد السريع لكلا البلدين.

بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن محادثة هاتفية ستجري الجمعة بين وزير الدفاع سيرغي شويغو ونظيرِه الأميركي لويد أوستن. وقالت أيضا إن الاتصال المرتقب يأتي بمبادرة من الجانب الأميركي.

وفي سياق متصل، نقلت رويترز -عن وزارة الدفاع الروسية- أن 30 شاحنة عسكرية تقل جنودا ومعدات غادرت المنطقة الغربية بعد إجراء مناورات.

تشكيك أميركي

في المقابل، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن كل المؤشرات التي لديه تفيد بأنه قد يكون هناك هجوم روسي على أوكرانيا في أي وقت.

وأشار الوزير -عقب محادثات أجراها مع نظيره البولندي في وارسو- إلى أن مزيدا من القوات الروسية تتحرك باتجاه الحدود مع أوكرانيا وأن الاستعدادات اللوجستية الجارية هناك تشبه التحضير لهجوم.

وأضاف أن لا دليل لدى بلاده على أن روسيا قد سحبت قوات لها من الحدود مع أوكرانيا، مشددا على ضرورة وجود ردع جماعي ضد موسكو وأن واشنطن ستستخدم كل ما هو متاح لدعم شركائها.

بدورها، قالت واشنطن بوست إن أجهزة الاستخبارات حصلت على معلومات تفيد بأن إعلان موسكو سحب قوات من الحدود مع أوكرانيا كان خدعة متعمدة للتضليل.

ونقلت الصحيفة عن 4 مسؤولين أميركيين قولهم إن الهدف من تلك الجهود هو التعتيم على النوايا الحقيقية لروسيا في المنطقة.

وذكرت أن الإعلان الروسي صدر بالتزامن مع تحذير الرئيس الأميركي جو بايدن بأن الكرملين يحضر لهجوم خلال أيام على أوكرانيا.

وعلى الفور، ردت الخارجية الروسية على تسريبات الصحيفة، قائلة إن اعتماد واشنطن على معلومات استخباراتها بشأن مزاعم غزو أوكرانيا دليل على فشل هذه الاستخبارات.

بدورها، قالت بكين إن حل الأزمة الأوكرانية الروسية لا يكون بالضغط أو قرع طبول الحرب أو التحريض على المواجهة.

ودعت الخارجية الصينية -في بيان- إلى مراعاة المخاوف الأمنية لجميع أطراف الأزمة، والدفع باتجاه تسوية شاملة.

موقف أوروبي

من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، اليوم، إن الأنباء عن انسحاب قوات روسيا من حدود أوكرانيا جيدة لكن هناك فرقا بين الأفعال والأقوال.

وأكد لو دريان -في تصريحات تلفزيونية- أن كل شيء وارد، سواء كان غزوا واسعا للقوات الروسية للأراضي الأوكرانية، أو "المناقشات الدبلوماسية التي كنا نطالب بها" منذ فترة طويلة.

أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، فقالت إن روسيا تعرض أمن أوروبا للخطر من خلال نشر غير مسبوق لقوات على الحدود مع أوكرانيا، ومطالبة تعود إلى حقبة الحرب الباردة، داعية موسكو إلى إظهار "جهود جادة لخفض التصعيد".

وأكدت بيربوك -في بيان- أن دول مجموعة السبع مستعدة لإجراء "حوار جاد" مع روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية.

وكان أعضاء الاتحاد الأوروبي بمجلس الأمن الدولي دعوا روسيا إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو تهدئة الوضع على الحدود الأوكرانية.

كما حثوا موسكو على توفير الشفافية الكاملة بشأن أنشطتها العسكرية بالمنطقة، والدخولِ في حوار هادف موضوعه الأمن في أوروبا.

وفي السياق، أفاد مكتب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيجري سلسلة مكالمات اليوم مع قادة من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا إضافة إلى بولندا ورومانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي، بشأن الأزمة الأوكرانية.

وكان بايدن قد قال إن المخاطر بشأن غزو روسي محتمل للأراضي الأوكرانية عاليةٌ جدا، لأن موسكو لم تسحب أيا من قواتها على الحدود مع هذا البلد.

كما أكد الرئيس الأميركي أن طريق الدبلوماسية لا يزال مفتوحا أمام الروس لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية.

المصدر : الجزيرة + وكالات