السودان.. مصدر بالنيابة العامة يكشف تفاصيل التهم الموجهة للموقوفين من لجنة تفكيك نظام البشير

وجدي صالح مقرر لجنة التفكيك يواجه مع آخرين من أعضاء اللجنة تهما بخيانة الأمانة (الجزيرة)

الخرطوم- أكد مصدر رفيع ومطلع بالنيابة العامة في الخرطوم -للجزيرة نت- أن أعضاء "لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام عمر البشير" الموقوفين بموجب المادة 177/2 الخاصة بخيانة الأمانة التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، قد يواجهون 95 دعوى جنائية، وقد يصل عدد المطلوبين فيها إلى 206 متهمين، منهم أعضاء في اللجنة أو مرتبطين بعملها.

وأوضح المصدر أن الموقوفين قيدت في مواجهتهم إجراءات لدعوى جنائية تحت المادة 177/2 من القانون الجنائي لسنة 1991 المتعلقة بمخالفة القوانين الخاصة بالنقد الأجنبي، ومخالفة الإجراءات المالية والمحاسبية، ومخالفة قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، وغيرها.

وأضاف أن النيابة العامة تتولى التحقيق في البلاغات المذكورة مع تمتع المشتبه بهم بكافة الحقوق المنصوص عليها في القانون.

واحتجزت السلطات السودانية -أمس الأربعاء- مقرر لجنة إزالة التمكين وجدي صالح، وأمينها العام الطيب عثمان، إضافة إلى وزير مجلس الوزراء السابق الأمين العام لحزب المؤتمر خالد عمر يوسف.

Protesters seated on bricks laid across street to form a barricade in Khartoum
حزب المؤتمر أعلن أن قوة أمنية اعتقلت أمينه العام خالد عمر يوسف من داخل مقر الحزب جنوبي الخرطوم (رويترز)

إجراءات قانونية

وأوضح المصدر -الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لأجهزة الإعلام- أن ما حدث إجراء قانوني يتعلق بتهم ذات صلة بتبديد الأموال العامة وسوء إدارتها خلال فترة عمل المتهمين في اللجنة، التي تتم مراجعتها من قبل لجنة مراجعة تضم ممثلين عن النيابة ووزارة العدل وديوان المراجعة العامة، بموجب قرار أصدره رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان.

وكان مقرر لجنة المراجعة وكيل وزارة المالية عبد الله إبراهيم اتهم -في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي- لجنة إزالة التمكين بسوء إدارة المال العام وتبديده عبر "تعيينها مديرين لشركات مُستردة من منسوبين لنظام الرئيس المعزول عمر البشير من دون إخطار المسجل التجاري وموافقته، كما صُرفت عائدات أرباح هذه الشركات على عمل اللجنة المجمدة، إضافة إلى تصرفها في قيمة إيجار الفنادق والعقارات المُستردة".

وأشار مقرر لجنة المراجعة إلى مراجعتهم 24 من أصل 89 شركة مُستردة، وُجدت فيها 1455 سيارة محجوزة بمقار الشركات و124 سيارة محجوزة بمقر لجنة إزالة التمكين، في حين فُقدت 36 سيارة يجري البحث عنها، إضافة إلى نحو 370 ألف دولار، منها 131 ألف دولار وسبائك ذهب و300 غرام من الذهب وُجدت بمنزل أحد أعضاء لجنة إزالة التمكين.

ولم يستبعد المصدر القانوني المطلع في النيابة العامة بالخرطوم أن يتم اتهام الموقوفين من قيادات اللجنة بتهم تتعلق بحيازة الأسلحة والذخائر، وقال للجزيرة نت "هم موقوفون بحكم مسؤوليتهم عن أموال اللجنة ومقراتها التي وجدت فيها أسلحة وذخائر، وهي جريمة يعاقب عليها القانون".

العميد الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة في السودان  Al-Tahir Abu Haja المصدر: وكالة الأنباء السودانية الرابط: https://suna-news.net/images/525456_FNbbiNSQyQhvLi1gN4s3LtSJQnDohPrb.jpg
الطاهر أبو هاجة: القبض على بعض أعضاء لجنة إزالة التمكين جرى بموجب إجراءات قضائية ولا يعد اعتقالا (الصحافة السودانية)

بلاغات كيدية

وفي المقابل، وصف المحامي معز حضرة الإجراءات ضد أعضاء لجنة إزالة التمكين بأنها "كيدية"، كاشفا عن تقدمهم بطلب إلى النيابة لشطب الدعوى في مواجهة الموقوفين وقال -للجزيرة نت- "تقدمنا أمس -الأربعاء- للنيابة العامة بطلب لشطب هذا البلاغ الكيدي بامتياز"، وإن هذه عودة كاملة لسياسات نظام البشير "باستخدام النيابة في تصفية الخصومة السياسية".

وتابع "لو كان هناك اتهام، فيجب أن يوجه إلى وزارة المالية التي تسلمت كل الأموال والشركات المستردة من قبل لجنة إزالة التمكين باعتراف موثق للوزارة، بل الأكثر من ذلك أن الوزير جبريل نفسه كان يجب أن يكون المتهم الأول في هذا البلاغ، وليس مفوضا للشاكين".

في حين قال مقرر لجنة المراجعة وكيل وزارة المالية عبد الله إبراهيم إن لجنته وجدت أن "وزارة المالية تسلمت 25 شركة من أصل 127 شركة مُستردة، علاوة على تسلم الوزارة اثنين من أسماء العمل من مجموع 54 اسم عمل، كما استردت 3147 قطعة أرض وعقارا، تسلمت وزارة المالية منها 9 عقارات فقط، كما تسلمت 3 مزارع من أصل 90 قطعة زراعية مُستردة".

أوامر قبض

وبدوره صرح المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة السوداني الطاهر أبو هاجة -اليوم الخميس- بأن القبض على بعض قيادات لجنة "إزالة التمكين" جرى بموجب إجراءات قضائية ولا يعد اعتقالا. وقال أبو هاجة "ما تم في مواجهة بعض قيادات لجنة إزالة التمكين المجمدة هو أمر قبض -وفقا لبلاغات- وليس اعتقالا؛ فالأول يصدر عن الأجهزة العدلية -سواء النيابة أو القضاء- أما الثاني فيصدر عن الأجهزة الأمنية".

من جهته، اعتبر القيادي بحزب المؤتمر السوداني نورالدين صلاح الدين -في حديث مع الجزيرة نت- أن هذه الدعاوى والاعتقالات المقصود بها كسر شوكة المناهضين "للانقلاب"، وقال إن الوزير السابق خالد عمر "اعتقل بموجب أمر توقيف لمدة 3 أيام فقط، وليس هناك أي تهم في مواجهته، مما يعني أنه اعتقال سياسي، إلى جانب أن طريقة الاعتقال نفسها من داخل الاجتماع لقيادات الحرية والتغيير بعد لقاء المبعوث الأممي فولكر بيرتس تشير إلى أنه بلاغ سياسي بامتياز؛ لأن خالد كان عضوا في لجنة إزالة التمكين بحكم منصبه وزيرا لشؤون مجلس الوزراء وليس بشخصه".

وفي الاتجاه نفسه، سار القيادي في التحالف ياسر عرمان، واصفا عملية اعتقال قيادات تحالف الحرية والتغيير بأنها "كيد سياسي تحت غطاء قانوني"، وقال -في المؤتمر الصحفي الذي عقده التحالف- "سلوك النظام سيؤثر على نحو بالغ في موقف قوى الحرية والتغيير بشأن التعاطي مع مبادرة الأمم المتحدة، سيما أن هذه التطورات تجيء بعد يوم واحد من تسليم البعثة الأممية رؤية التحالف لحل الأزمة السياسية".

بينما قال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير إن "قوات الأمن السودانية هي من اعتقلت المهندس خالد عمر يوسف، وليس لدينا أي أخبار عن مكان احتجازه أو الأسباب التي دفعت السلطات لاعتقاله".

وأضاف الدقير -في مؤتمر صحفي لقيادات قوى الحرية والتغيير- أن "قوات الأمن والمخابرات بدأت في شن حملات اعتقال واسعة النطاق ضد النشطاء السودانيين وقوى الثورة؛ لأنها استشعرت فشل سياسة التسويف التي تتعمدها تجاه مطالب الشعب السوداني".

لكن المصدر القانوني المطلع على أعمال اللجنة في النيابة العامة رد على ذلك بالقول "المتهمون والموقوفون والهاربون بددوا أموالا، وأساءوا استخدام أصول تصل قيمتها السوقية إلى مليارات الدولارات، ولجنة المراجعة ظلت تعمل لـ3 أشهر إلى أن وصلت إلى مرحلة الدعاوى الجنائية، ونحن لسنا سياسيين؛ فلدينا وقائع وبينات، ولا نعرف المبادرة، ولا نعرف فولكر، لكن نعرف قانون الإجراءات والقانون الجنائي فقط".

ياسر عرمان: اعتقال قيادات تحالف الحرية والتغيير كيد سياسي تحت غطاء قانوني (رويترز)

يشار إلى أن المادة 177/2 التي اعتقل بموجبها الموقوفون من لجنة إزالة التمكين المجمدة والخاصة بخيانة الموظف العام للأمانة تنص على "يعد مرتكبا جريمة خيانة الأمانة من يكون مؤتمنا على حيازة مال أو إدارته، ويقوم -بسوء قصد- بجحد ذلك المال أو امتلاكه أو تحويله إلى منفعته أو منفعة غيره أو تبديده أو التصرف فيه بإهمال فاحش يخالف مقتضى الأمانة يعاقب بالسجن 7 سنوات، كما تتم معاقبته بالغرامة، وإذا كان الجاني موظفا عاما اؤتمن على المال بتلك الصفة يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 14 سنة أو الإعدام".

وكانت لجنة إزالة التمكين المجمدة تعمل على تفكيك بنية نظام الرئيس المعزول عمر البشير وواجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقول اللجنة إنها نجحت وتمكنت من استرداد أصول للدولة قدرتها بمليارات الدولارات، حيث كان من المقرر أن تقوم شركة قابضة تتبع مجلس الوزارة بإدارة المستردات.

وشُكلت لجنة المراجعة -وفقًا لقرار تكوينها- بسبب عدم مباشرة لجنة الاستئنافات الخاصة بلجنة إزالة التمكين المجمدة عملها وتراكم طلبات مراجعة القرارات.

وقبل الإجراءات العسكرية التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اشتكى رئيس لجنة إزالة التمكين المناوب محمد الفكي سليمان من عدم تشكيل لجنة الاستئنافات بسبب ما وصفه بتلكؤ المكون العسكري في مجلس السيادة آنذاك.

وبموجب قانون لجنة إزالة التمكين، فإن الطعن في قراراتها يجرى أمام لجنة الاستئنافات، ومن ثم أمام دائرة قضائية تُشكلها السُّلطة القضائية.

المصدر : الجزيرة