اتهم قيس سعيد بالمراوغة.. بوزاخر للجزيرة نت: هذه أسباب الخلاف مع الرئيس التونسي

رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر
بوزاخر: جوهر الخلاف بين المجلس والرئيس التونسي هو رفضنا لمشروع قانون الصلح الجزائي الذي قدمه سعيد (مواقع التواصل الاجتماعي)

تونس- تتصاعد أصوات القضاة في تونس الرافضة لأي تدخل للسلطة التنفيذية في مرفق العدالة، منددة برغبة الرئيس التونسي حل المجلس الأعلى للقضاء، وفي حوار مع الجزيرة نت يكشف رئيسه يوسف بوزاخر عن موقفه من تصريحات الرئيس الأخيرة، كما يرد على الاتهامات التي تطال القضاة بالفساد والمحسوبية.

– أكد رئيس الجمهورية مساء أمس خلال لقاءه بوزيرة العدل عدم توجهه لحل المجلس الأعلى للقضاء مع مراجعة القانون المنظم له عبر مرسوم خاص سيصدره في هذا الغرض، كيف قرأتم هذا التصريح، لا سيما أن كثيرا من القضاة وصفوه بالتراجع عن موقف سابق يدعم حل المجلس برمته؟

أعتقد أنها مراوغة على خلفية موقف أعضاء المجلس الأعلى للقضاء الرافضين لحله والمتمسكين باستقلاليته، كما أن حديث الرئيس عن توجهه لإصدار مرسوم في علاقة بإحداث هيئة وقتية انتقالية داخله هو مؤشر خطير على إنهاء العمل بدستور البلاد، حيث سيتحول المجلس من سلطة منتخبة إلى مجلس معين، وهو ما يعني العودة لواقع القضاء زمن (زين العابدين) بن علي بل ربما أسوأ من ذلك.

الواضح أيضا، أن إستراتيجية رئيس الجمهورية في التعامل مع المجلس الأعلى للقضاء لم تكن ثابتة منذ البداية، حيث عهد لوزيرة العدل بإعداد مرسوم بالتشاور مع القضاة يتعلق بقانون المجلس الأعلى للقضاء، ثم تدخل فيه بصفة انفرادية وأصدر مرسوما لإلغاء السلطة الترتيبية للمجلس وللمنح والامتيازات المتعلقة بأعضائه، ثم تحول لمقر وزارة الداخلية وتحدث عن هيئة وقتية سيضعها لتقوم مقامه.

هنا أتساءل صراحة، كيف سيتم تعيين أعضاء هذه الهيئة الوقتية لا سيما أن المجلس يضم خليطا من القضاة الإداريين والعدليين والماليين، ولست أدري كيف سيعالج هذا التنوع داخل المجلس، وإن كان سيقتصر الأمر على القضاة فقط أم سيشمل بقية المهن.

– يشاع في الكواليس أن معركة سعيد ضدكم وجوهر الخلاف أساسه موقفكم الرافض لمشروعه المتعلق بقانون الصلح الجزائي مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد، والذي عرضه عليكم وأبديتم احترازات عليه، هل هذا صحيح؟

يبدو أن الأمر كذلك، ويبدو أنه السبب المباشر، خاصة أن الرئيس أشار لذلك في علاقة بهذا القانون ولم يكن راضيا على الرأي الاستشاري الذي قدمه المجلس، نحن اعتبرنا أن هذا المرسوم يمس من البناء الدستوري، ونحن كجهة استشارية ليس محمولا علينا الموافقة على المشاريع حين تقدم لنا، وسبق أن رفضنا مشاريع عرضت على أنظارنا مثل مشروع تنقيح قانون المحكمة الدستورية، وتعرضنا إثرها لحملة تشويه واسعة من نواب في البرلمان.

أيضا، هناك أسباب أخرى للخلاف في علاقة بموقف الرئيس من المجلس تتعلق بعدم رضاه على تسميات القضاة ورغبته في أن يكون له دور في تسميتهم.

مؤيدون للرئيس التونسي أيدوا اتهاماته للمجلس الأعلى للقضاء بالفساد وتوجهه لحله (الأناضول)

– انطلقتم في تحركات احتجاجية للتنديد بحل المجلس الأعلى للقضاء، لو تطلعنا على تفاصيلها؟

ستكون لنا وقفة احتجاجية اليوم الخميس، أمام قصر العدالة لرفض المساس بالضمانات المكفولة للقضاة والتي تتمثل بالأساس في وجود مجلس أعلى للقضاء منتخب وليس معينا، كما رفعنا قضية استعجالية للبت في مسألة تسليمنا مفاتيح مقر المجلس باعتبار أنه لا وجود لمستند قانوني أو قضائي يخول إغلاقه.

– كيف تقيم تصريحات وزير الخارجية التونسي أمام سفراء مجموعة الدول السبع التي أكد خلالها أن حل المجلس الأعلى للقضاء "خطوة نحو استكمال تصحيح المسار الديمقراطي"؟

إذا كان استبدال مجلس منتخب وهيئة دستورية منتخبة بهيئة معينة هو تصحيح للمسار الديمقراطي فعن أي ديمقراطية يتحدث.

– كيف تنظرون للدعم القوي الذي أظهره عميد المحامين إبراهيم بودربالة لتوجه رئيس الجمهورية في حل المجلس الأعلى للقضاء، ودعوته له بترؤسه؟

عميد المحامين لم يخف رغبته في التموقع داخل المجلس الأعلى للقضاء، كما سبق له أن طلب العضوية داخله ويعمل على ذلك، ما فاجأني هو عدم وضوح مواقفه منذ البداية، لأننا حين التقينا بالسيد العميد، وهذا مدون في المحاضر، أعرب لنا عن رفضه حل المجلس ثم غير رأيه.

– هناك اتهامات لمجلسكم وللقضاء بشكل عام حتى من داخله بالفساد والمحسوبية وبأن عدم شروعكم في الإصلاح لسنوات اتخذه الرئيس كحجة ضدكم لتبرير إجراءاته، كيف تردون على ذلك؟

أقول إن إصلاح العدالة يجب أن ينخرط فيه الجميع وخاصة السلطة التشريعية والحكومات المتعاقبة، وقد لمسنا أنه طيلة السنوات الخمس الماضية لم تكن هناك رغبة حقيقة في الإصلاح، أذكر البعض بأننا عارضنا قانون المجلس الأعلى للقضاء بصياغته الحالية، ودعونا لتمكيننا من آليات العمل، لكن قوبل طلبنا بالرفض حتى تبقى يد السلطة التنفيذية مهيمنة على القضاء.

إن المجلس الأعلى للقضاء لا يملك الآليات الحقيقية للإصلاح، وحتى محاولتنا في اقتراح إصلاحات في 2020 من خلال إرسالنا للبرلمان -قبل تعليقه- مشروع إصلاح يتعلق بآجال التقاضي تم رفضه شكلا بدعوى عدم تمتع المجلس بصلاحية المبادرة التشريعية، مما يؤكد غياب أي إرادة سياسية لإصلاح المرفق القضائي.

من المهم أن أذكر أيضا بأن ما أنجز في قانون المجلس من تحييد المسارات المهنية والتأديبية للقضاة، باتت محل تجاذب مع السلطة التنفيذية الحالية، لذلك طلبنا مبدأ التشاركية في سن أي قانون للمجلس، مع وجود ضمانات تتعلق بآليات الطعن في التشريع وهو غير ممكن حاليا في ظل آلية المراسيم التي يعتمدها الرئيس.

9th death anniversary of Tunisian opposition leader Chokri Belaid in Tunis
هيئة الدفاع عن البراهمي وبلعيد اتهمت المجلس الأعلى للقضاء بالتستر على مسار الاغتيالات السياسية (الأناضول)

– هيئة الدفاع عن القيادات اليسارية البراهمي وبلعيد اتهمتكم بشكل مباشر بالتستر على مسار التقاضي في علاقة بملف الاغتيالات السياسية وتحديدا في ملف القاضي بشير العكرمي المتهم في القضية، وبأنكم صوتتم ضد رفع الحصانة عنه وهو ما يحول دون تتبعه؟

هذا غير صحيح وهدفه التشويه، المجلس الأعلى للقضاء هو الذي أحال ملف العكرمي للنيابة العمومية، ولم نرفض طلبها برفع الحصانة عن هذا القاضي لتمكينها من مباشرة إجراءات التقاضي بحقه.

– قلتم إنكم أبلغتم رسميا من قبل جهات أمنية بأنكم مستهدفون في سلامتكم الجسدية، كما حذرتم من حملة التحريض بحق القضاة، هل تعتقد أن الرئيس ساهم في كل ذلك؟

كنا نبهنا منذ أغسطس/آب الماضي بأن حملات التشهير بحق القضاة خطرة جدا وتهدد سلامتهم الجسدية، ولكن تواصلت الحملات الممنهجة للتحريض بحقنا عبر صفحات التواصل الاجتماعي، فضلا عن تدخلات رئيس الجمهورية من خلال نعتنا بالفساد وأن مكاننا هو السجن، وكانت النتيجة أن تم إعلامي منذ أيام من قبل فرقة مقاومة الإرهاب بوجود تهديدات تستهدفني شخصيا، وأحمل هنا السلطة التنفيذية مسؤولية ما يحدث لي وللقضاة بشكل عام، ولو أنه للأمانة هناك تفاعل لحمايتنا.

المصدر : الجزيرة