حديث بودن وهرتسوغ يثير الجدل.. تونس تلتزم الصمت وإسرائيل توضح

رئيسة الوزراء التونسية مع الرئيس الإسرائيلي
رئيسة الحكومة التونسية تتبادل الابتسامات مع الرئيس الإسرائيلي (مواقع التواصل)

أثار مقطع للفيديو ظهرت فيه رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن وكأنها تتبادل الحديث مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، خلال التقاط الصور التذكارية لقمة المناخ التي انعقدت في شرم الشيخ في مصر، ضجّة في تونس، إذ اعتبره البعض "سلوكا تطبيعيا"، مطالبين الحكومة بتقديم توضحيات.

ويوم أمس الثلاثاء انتشر مقطع للفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر فيه بودن -على ما يبدو- في دردشة خاطفة مع الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ، ولم تستغرق المحادثة سوى بضع ثوان، ثم انتهت بابتسامة عريضة من بودن.

واستنكر ناشطون ومتابعون الأمر، واعتبروه "تطبيعا على المباشر" من الحكومة التونسية، رغم تأكيد الرئيس قيس سعيد خلال حملته الانتخابية على أن التطبيع "خيانة عظمى".

 

تساؤلات وانقسام

في الوقت الذي ظل الأمر محل تساؤلات وجدل في تونس، شارك كثيرون صورا لبودن مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، وأرفقوها بتعليقات تشير إلى أن هذه الصورة من لقائها بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، في حين أنها غير صحيحة.

وبين من اصطف لتأكيد اللقاء المباشر مع الرئيس الإسرائيلي، وبين من تمسك بنفيه وتأكيد أن الصورة لروته، انقسمت الآراء.

 

 

وفي هذه الأثناء، أصدر مكتب الرئاسة الإسرائيلية بيانا كشف فيه النقاب عن تفاصيل واقعة الصورة الجماعية لقادة العالم بمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية.

وقال البيان إن الرئيس إسحاق هرتسوغ قدم نفسه لرئيسي وزراء تونس ولبنان، دون رد منهما.

وذكر المكتب في بيان وصل الأناضول، أنه خلال الصورة الجماعية لقادة العالم في القمة بمصر أول أمس الاثنين، التفت الرئيس إلى القادة الذين يقفون بجانبه وقدم نفسه كما تملي الأخلاق.

وأضاف البيان: عندما قدم الزعماء أنفسهم لبعضهم بعضا، كان رئيسا وزراء تونس (نجلاء بودن) ولبنان (نجيب ميقاتي) يقفان في مكان قريب وكان مفهوما أنهما لا يمكنهما الكلام. وأضاف البيان: كان هذا هو الحديث الكامل بين القادة الثلاثة.

وقال هرتسوغ إن أزمة المناخ تهدد وجود المستقبل الذي نتمناه لأطفالنا، إنها تتجاوز السياسة والحدود الجغرافية، وفق البيان.

الرئيس الإسرائيلي يلتفت إلى بودن (الفرنسية)

توضيحات واستنكار

من جهتها قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن هرتسوغ وبودن تبادلا الدعابات، عندما اجتمع زعماء العالم لالتقاط صورة مشتركة في شرم الشيخ.

وأضافت الصحيفة أنه "من الواضح أن المحادثة القصيرة بين الرئيس الإسرائيلي وقادة الدول التي لا تعترف رسميا بالدولة الإسرائيلية لم تلق قبولا جيدا من قبل الكثيرين في العالم العربي".

وأعادت حسابات ومنصات تونسية نشر البيان باللغة الإنجليزية، وبينما دافع عدد منهم عن بودن، اتهمها كثيرون بعدم الكفاءة والجهل.

 

 

وفي تعليقها على الأمر، قالت الصحفية أسماء البكوش "رئيسة الحكومة تتبادل أطراف الحديث وتبتسم بكل ود لرئيس الكيان المحتل.. المسألة ليست تطبيعا.. بل جهل.. مهندسة الزلازل.. لا علاقة لها بالسياسة ولا علم لها بالزلازل السياسية والمباحث الفكرية".

 

 

من جهته قال الصحفي سرحان الشيخاوي: التطبيع مع الصهيونية.. بعد أن تسلل إلى تونس من منفذ رياضي.. ها هو اليوم يتجلى بمظهر رسمي في وصلة ابتسامات وحديث متبادل بين رئيسة الحكومة نجلاء بودن ورئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ.

وأضاف: التطبيع "ابتسامة عظمى" تتخللها دموع مصطنعة تعاطفا مع طفل فلسطيني يُذبح بدم بارد وبعض المقولات الرومانسية عن الوحدة العربية.

 

 

تعليق وتبرير

وفي تعليقه على الأمر، قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري: صورة من مقطع فيديو عار على تونس، ليست الأولى فقد سبقتها صورة باسمة مع المطبّع حسن شلغومي، وربما ما خفي كان أعظم. واستنكر ما أسماها المشاركة في تبييض هذه الفضيحة.

 

 

من جهتها، استنكرت الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني قائلة إنه في الوقت الذي تخوض فيه المقاومة الفلسطينية أشدّ المعارك، وفي الوقت الذي يحتد فيه الاشتباك الميداني بين شعبنا الفلسطيني المحتل وقوات العدوّ وترتقي فيه أرواح الشهداء من أجل التحرير، تأتينا هذه الصورة من قمّة "قادة العالم" في مؤتمر الأطراف الـ27 للتّغيرات المناخية في مصر، حيث تبادلت نجلاء بودن رئيسة حكومة قيس سعيّد الأحاديث الودّية مع رئيس كيان العدوّ إسحاق هرتسوغ.

وتابعت: ليست هذه الحادثة سابقة من نوعها في عهد الرئيس قيس سعيد، مما يوضح زيف شعاراته خلال حملته "التفسيرية"، ومما يؤكد -مرة أخرى- أن موقفه المزعوم من التطبيع لم يكن إلا دعاية انتخابية من أجل كسب الدعم الشعبي، لما نعلمه عن رسوخ القضية الفلسطينية في وجدان التّونسيين. إلا أن هذه المحادثة الودية بين نجلاء بودن أوقح ما بدر خلال العشرية الأخيرة عن السلطات الرسمية من تنكر لموقف الشعب التّونسي الثّابت من الحق الفلسطيني.

 

 

يشار إلى أن الكاتب العام لنقابة السلك الدبلوماسي إبراهيم الرزقي قال في تصريحات لإذاعة موزاييك المحلية إن "إلقاء التحية في العرف الدبلوماسي لا يعني تطبيعا، وسبق لوزراء تونسيين أن التقوا بمسؤولين إسرائيليين على غرار وزير الدفاع، وتونس تجلس مع إسرائيل في اجتماعات الأمم المتحدة.. والتطبيع هو أن اعترف بك وأتبادل معك السفراء".

المصدر : الجزيرة + الأناضول + مواقع التواصل الاجتماعي