حركة الفتاة للتغيير.. أول حزب نسوي جنوبي العراق يسعى لتعزيز دور المرأة

مظاهرة سابقة لطالبات في ساحة الحبوبي في الناصرية (الجزيرة نت)

ذي قار – التجربة الثالثة من نوعها على مستوى العراق، والأولى في المنطقة الجنوبية، أن يظهر حزب سياسي بملامح نسوية كاملة، يسعى لإثبات وجوده في المشهد السياسي العراقي المتشابك منذ أول لحظة من إعلانه قبل أيام، والذي يقوم عليه ناشطات في محافظة ذي قار.

على الرغم من مضي أكثر من 6 أشهر من المراجعة والمتابعة لتسجيل الحزب الذي حمل اسم (حركة الفتاة للتغيير)، فإنه لم ينته التسجيل -حتى الآن- ولم تصدر الإجازة الرسمية له، حيث تسعى صاحبة المشروع رابحة الصريفي بشكل مستمر للحصول على الإجازة الرسمية.

رابحة الصريفي مؤسسة الحزب (الجزيرة نت)

رحلة التأسيس

أول مشوار التحدي الذي واجهته الصريفي -كما تقول للجزيرة نت- هو مع مفوّضية الانتخابات، حيث أُخبرت أنه ليس لها الحق في تسجيل الحركة بكادر تأسيسي نسوي كامل، ما لم يتم إضافة رجل واحد على الأقل؛ لأن تسجيل الحركة بأعضاء من النساء فقط يعدّ تكتلًا عنصريًا من فئة معينة، ولذلك أُضيف رجلان مع 5 نساء ضمن المؤسسين.

وعن سبب تأخر تسجيل الحركة، توضّح الصريفي أن عملية التسجيل الآن على مشارف النهاية، وينقصها بعض الرسوم المالية التي يجب دفعها لمفوّضية الانتخابات ضمن مستلزمات التسجيل، وبعض الإجراءات المتعلقة بإكمال عدد الأعضاء المنضمّين للحركة، والتي يتم تقديمها للمفوّضية بصفة الهيئة العامة للحزب.

تؤكّد الصريفي أن عضوات الحركة ليس لديهن انتماء لأي حزب سابق، وليس لديهن انتماء لأحزاب حالية أخرى، مؤكّدة أن باب الحركة مفتوح لانضمام أي عراقية ترغب في ذلك.

وذكرت أن المقرّ المحدّد للحركة هو مدينة الناصرية في محافظة ذي قار، على أمل أن يتم فتح فروع ومقارّ للحركة بعد التوسّع في مختلف محافظات العراق لاحقًا.

وعن ارتباط الحركة بالحراك التشريني -الحراك الشبابي ضد الحكومة الذي انطلق في أكتوبر/تشرين 2019- بيّنت الصريفي أنه ليس للحركة علاقة أو تمثيل لتشرين، وأنها حركة مدنيّة مستقلة. واستدركت بالقول إنها ابنة تشرين، ولديها مواقف وحضور في حراك تشرين.

شعار حركة الفتاة للتغيير (الجزيرة نت)

أهداف الحركة

اسم الفتاة للتغيير -كما توضّح الصريفي- له دلالة على أن الحركة تستمدّ قوتها وديمومتها من الفتوّة والشباب من أجل تغيير كل شيء في المشهد السياسي، كما أن شعار الحركة يحمل دلالة طائر الفينيق الأسطوري، وهو ينهض من الركام لكي يتجدّد.

وتقول الصريفي بأن الحركة تسعى للوصول بأكبر عدد من النساء إلى مركز صناعة القرار، بعيدًا عن نظام الكوتا (حصّة محدّدة للوصول إلى البرلمان والحكومة)، موضّحة أن المرأة اليوم إذا وصلت لموقع صناعة القرار فتستطيع التغيير، مشيرة إلى أن الحركة تهدف على المدى البعيد أن يكون نصف أعضاء البرلمان من النساء.

تضيف الصريفي، بأن الحركة تأمل في المشاركة بالانتخابات المحلية المقبلة، واكتشاف الإمكانية المهنية للنساء ممن لديها رغبة في الدخول للمشهد السياسي.

جانب من مظاهرة سابقة في الناصرية كانت فيها مشاركة واضحة للمرأة (الجزيرة نت)

حركات نسوية بلا أثر

"إذا توقّعنا أن تكون هناك ردود أفعال فهي ردود نسوية، لا أعتقد أن الرجال مهتمّين للأمر"، كما تقول الناشطة منى الهلالي، "نحن ناشطات نرى أن تأسيس حركة سياسية نسوية يدل على أن هناك نضوجًا بالعمل السياسي، حينما تفكّر النساء بإنشاء حركات وأحزاب مستقلة".

تؤكّد الهلالي -وهي عضوة في حركة الفتاة للتغيير- للجزيرة نت، أن هناك تجارب لحركات نسوية لم يُكتب لها النجاح والاستمرار أو المشاركة الفعلية في المشهد السياسي، مثل حركة (بس) النسوية التي أسّستها السياسية والوزيرة الأسبق نرمين عثمان في عام 2008، وهو حزب لم يُسجّل بشكل رسمي، وهذه الحركة قادتها نساء عراقيات بمختلف التوجهات كانت تندّد بوقف العنف والقتل، وإشراك المرأة بالعملية السياسية، لكن أثرها انتهى منذ سنوات طويلة.

بمحافظة الديوانية -كما توضّح الهلالي- أسّست الناشطة وداد الحسيناوي في 2013 التيار النسوي العراقي، وهو حزب سياسي أعلنته في حينها للدفاع عن القضايا التي تخص المرأة، بما فيها المشاركة السياسية بصفة مستقلة، وممثّلة عن الحراك النسوي.

وتضيف أن المرأة وصلت اليوم إلى وعي سياسي، بحيث إنها تقود حركات وأحزابًا تطالب بحقوقها، وتساهم بشكل فاعل بالعمل السياسي، ولفتت إلى أن البرلمان العراقي كان قد شهد حراكًا نسويًا، لكنه لم يصل إلى نتيجة معقولة.

إيمان الأمين ناشطة ومدافعة عن حقوق المرأة في ذي قار (الجزيرة نت)

مخاوف

توحيد النساء وتشكيل حزب تعدّ فكرة رائعة؛ لأنها ستشجّع النساء للمشاركة بالعمل السياسي، والتحرّك للمطالبة بحقوقهن بوعي دون أن تكون تابعة وظلًا للرجل، كما تقول الناشطة إيمان الأمين.

غير أن إيمان الأمين أبدت مخاوف من فرضيّة بعض الناس: "هل للمرأة نضج سياسي لتأسيس حزب نسوي؟"، مؤكّدة أنه ربما إذا أخفقت تجربة حركة الفتاة للتغيير، ستقضي على أي مشروع أو هدف آخر، وتتساءل "هل للسيدة التي أسّست الحزب القدرة والعمق السياسي لتكون أمينة لحزب، أو أنها قادرة على التنظيم الحزبي لتخاطر بالإعلان عنه بهذه السرعة؟".

الخوف من أن هذا الحزب يكون ظاهريًا نسويًا، ويُقاد من حزب آخر -كما تقول الأمين للجزيرة نت- أو ربما ينضوي مع حزب آخر يهدف لكسب أصوات النساء في أي انتخابات قادمة.

كيان بلا ملامح

وانتقدت الناشطة منال حميد الحركة الجديدة، مشيرة إلى أنه ليس لها وجود يُذكر في الواقع العراقي، وعند العودة لمحركات البحث، لن تجد أي برنامج أو نظام أو هيكلية للحركة، كما لا يوجد لها موقع إلكتروني خاص، أو حتى منصة إعلامية خاصة بها، بل حتى لا يوجد لها حساب على فيسبوك.

وتضيف أنها وجدت "تصريحًا متواضعًا لرئيسة الحركة، وهي لا تملك أي وزن سياسي معروف"، وأن هناك تعريفًا يسيرًا للحركة يركّز على مظلوميتها تجاه السلطة، وفهم مغلوط لفائدة الكوتا في بلدان العالم النامي، قد لا تعلم بأن النساء في العراق تملك أعلى نسبة كوتا، وأكبر نسبة برلمانيات في المنطقة، ولكن وضع النساء في تراجع مستمر.

وتركّز رئيسة الحركة على التحشيد النسوي العددي، وهذا لا يشكّل أهمية في الوقت الحالي بقدر قوة الخطاب السياسي، وتشخيص المشكلات -حسب منال حميد- حيث لا تحمل الحركة أي أجندات نسوية سوى رغبتها بالزخم العددي.

الكثير من أفكار الحركة غير واضحة -على حدّ وصف منال- لكن أفكار رئيسة الحزب واضحة، ولا تشكّل قضايا المرأة جزءًا من همّها الحالي، هناك رغبة بالوصول للسلطة فقط، دون استراتيجية معيّنة أو خطط أو خطاب بديل.

من جهته يعتقد المحلل السياسي ورئيس مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية محمود الهاشمي أنه ليس من الصلاح أن تتشكّل حركات نسوية بصفة حزبية؛ لأن السياسة لا تعرف التخصص بجنس دون آخر، لافتًا إلى أنه غالبًا ما يتم اختيار قيادات نسوية في حركة أو حزب أو تيار، مع أن الغالب هم الرجال، ولكن يمكن أن تنتظم الحركات النسوية بمنظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوق المرأة، وهذا أمر معمول به عالميًا ومحليًا.

مقر مفوضية الانتخابات في بغداد (الجزيرة)

قانون الأحزاب

وبشأن المصادقة على الأحزاب، يقول مصدر في مفوضية الانتخابات (فضّل عدم ذكر اسمه) أنه لا يوجد شيء اسمه حزب أو حركة نسوية، فقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية (36) لسنة 2015 تعامل مع الأحزاب بصورة عامة، وقد أعطى خصوصية لأحزاب الأقليات فقط، بدل أن يأتي حزب الأقليات بأكثر من 2000 شخص كهيئة عامة كما هو بالأحزاب العادية، ويأتي بـ500 شخص كهيئة عامة فقط.

ويضيف المصدر، بأن لدى المفوضية حزبين فقط مسجلان أمينها العام من النساء، وهي حركة إرادة، لحنان الفتلاوي النائبة الحالية، وحزب آخر تترأسه النائبة الحالية ناهدة الدايني.

وكما يقول المصدر، عمليًا لا توجد حركة نسوية صريحة، ومن يريد أن يؤسس حزبًا ويقدمه على المصادقة والتسجيل، عليه أن يقدّم نظامًا داخليًا واسمًا وشعارًا، يقدّمه لمفوضية الانتخابات، مع جلب أسماء الهيئة القيادية أو التأسيسية أو الاستشارية -حسب نظام الحزب الداخلي- وقد يكون هناك مكتب استشاري، أو مكتب قيادي، أو مجلس شورى.

وأن لا يقل عن 7 أشخاص -كما يوضح المصد-، وهؤلاء الـ 7 يجب أن يكون بينهم 2 من النساء على الأقل، ومن الممكن أن يكون جميع الهيئة القيادية المؤسّسة من النساء، وبشكل عام فإنه بالوضع الطبيعي إذا قدّم الحزب أسماء الهيئة القيادية، يجب أن يكون بينهم 25% نساء كحد أدنى.

وحسب إحصائية لمفوضية الانتخابات، فإن لديها 261 حزبًا مجازًا، فيما بلغت عدد الأحزاب التي في وضع قيد التأسيس 55 حزبًا، أما عدد التحالفات المصادق عليها 33 تحالفًا حتى الآن.

المصدر : الجزيرة