من المستفيد من "دبلوماسية تشييد القصور" الصينية في أفريقيا؟

Chinese President Xi Jinping with South Africa's President Cyril Ramaphosa and Senegal's President Macky Sall attend the 2018 Beijing Summit of Forum on China-Africa Cooperation joint news conference at the Great Hall of the People in Beijing, China September 4, 2018. Lintao Zhang/Pool via REUTERS
الرئيس الصيني شي جين بينغ (وسط) مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا (يمين) والرئيس السنغالي ماكي سال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي عام 2018 (رويترز)

تناول الصحفي والمعلق السياسي في شبكة الجزيرة الإعلامية توماس أو فالك ظاهرة تركيز الصين على تشييد أبنية حكومية ضخمة في دول القارة الأفريقية، متسائلا عن الفوائد التي تعود على الطرفين: بكين والدول الأفريقية؟

وأوضح "أو فالك" أنه وعلى مدى سنوات أقامت الصين علاقات مع الدول الأفريقية، حيث قدمت قروضا منخفضة الفائدة، ومساعدات مالية من دون ربطها بحقوق الإنسان المعتادة التي تصاحب عروض الحكومات الغربية.

كما قامت بكين ببناء أو تجديد مكاتب حكومية على نفقتها الخاصة بمئات ملايين الدولارات، وهو ما أصبح يُطلق عليه "دبلوماسية القصور".

وأورد أن دراسة تمت في 2020، أجرتها مؤسسة "هيرتيدج فاونديشن" الفكرية بواشنطن العاصمة؛ أفادت بتمويل الصين وبنائها -جزئيا على الأقل- ما لا يقل عن 186 مبنى حكوميا في القارة.

سمة رئيسية في نهج الصين

وقال صاحب المقال التحليلي إنه بالنسبة للعديد من الأفارقة تبدو هذه الهدايا عادية جدا وغير ضارة. ونقل عن جينغهان تسنغ أستاذ الصين والدراسات الدولية في جامعة لانكستر البريطانية قوله إن تركيز الصين على تشييد المباني الحكومية سمة رئيسية في تعامل بكين مع أفريقيا، إذ تركز على الدولة، وبالتالي فإن هذه المشروعات تتم برغبة الجهات الحكومية المحلية.

وجادل بعض المحللين بأن هذه المشاريع الضخمة التي تكون مرئية للعامة، تعمل على تحسين صورة الزعماء الأفارقة، حتى ولو على المدى القصير، "ولا عجب إذن أن الحكومات المستفيدة قد قدمت في كثير من الأحيان هذه المباني باهظة الثمن على أنها منجزاتها الخاصة".

ونقل الكاتب عن بعض المحللين قولهم إن المفاوضات المتعلقة بمثل هذه المشاريع لا تفي دائما بمعيار الشفافية، ولا يبدو أن العديد من المشاريع تستحق نظريا المبالغ الكبيرة التي أنفقت عليها".

غموض الصفقات مع الصين

وقال الأستاذ المشارك في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة جوهانسبرغ بهاسو ندزنزي إن الآثار الحقيقية لهذه المشروعات تظل غير معروفة؛ لأن التفاصيل حول صفقات الاستثمار الصينية في القارة تكون عادة غامضة ومعتمة؛ فبعض الحزم يمكن تفسيرها في الوقت نفسه على أنها قروض واستثمارات ومساعدات، و"هذه بالطبع أشياء مختلفة وتعني تداعيات مختلفة (…). نحن بحاجة إلى أنظمة معلومات لتمكين الشفافية حتى نتمكن من إجراء تحليل التكلفة والعائد كمواطنين وجهات فاعلة خارج الحكومة".

وأشار الكاتب -في ما يتعلق ببعض الفوائد التي تجنيها بكين من هذه المنح أو الاستثمارات- إلى أنه في عام 2018 ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية اليومية أن مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا تعرض للتنصت من قبل الصينيين الذين قدموه إلى الاتحاد الأفريقي قبل 5 سنوات. ونفى الاتحاد الأفريقي والحكومة الصينية هذه التقارير، لكن يُعتقد على نطاق واسع داخل القارة وخارجها أن بكين ليست صريحة دائما بشأن تعاملاتها.

انتقادات من المواطنين العاديين

وفي عدد من البلدان، بدأ المواطنون العاديون ينتقدون وجود الصين في القارة، وكانت هناك احتجاجات حول ظروف العمل في المشاريع الصينية على مر السنين في بلدان مثل زامبيا وملاوي، وفي أماكن أخرى من القارة.

وفي يونيو/حزيران 2022، قبل شهرين من فوز وليام روتو -نائب رئيس كينيا آنذاك- بالانتخابات الرئاسية، تعهد بنشر تفاصيل العقود الحكومية مع الصينيين، بسبب الاستياء المحلي الشديد من مديونية البلاد للصين.

التأثير الجيوسياسي للمبادرات

يعتقد الخبراء أن السبب الرئيسي لمبادرات الصين هو -من ناحية- توسيع نفوذها الجيوسياسي في القارة، خاصة مع استمرارها في مبادرة الحزام والطريق، مع تقليل تأثير منافساتها العالمية، لا سيما من قبل أميركا وأوروبا.

وبالفعل -كما يقول "أو فالك"- شهدنا تحولات في مواقف الدول الأفريقية بشأن مسائل مثل قضية ملف تايوان ونزاع بحر جنوب الصين، كما كان عدد من الدول الأفريقية مترددا بشكل ملحوظ في انتقاد الصين في إطار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وإلى جانب النفوذ الدبلوماسي، نجحت بكين في توسيع مصالحها الاقتصادية في أفريقيا؛ فرغم جائحة فيروس كورونا فقد بلغ حجم التجارة بين الصين وأفريقيا 254 مليار دولار عام 2021، أي 4 أضعاف حجم التجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا.

المصدر : الجزيرة