من التونسي فتحي البلدي؟ وما علاقته بالبحيري؟ ولماذا اعتقل؟

نفت عائلة فتحي البلدي للجزيرة نت انتماءه إلى أي جهة سياسية "في الماضي أو في الحاضر"، وقالت إن اسمه "حُشر في عهد النظام السابق نظرا لارتباطاته الأسرية ببعض الأسماء التي تنتمي للنهضة".

المستشار السابق لوزارة الداخلية التونسية فتحي البلدي (مواقع التواصل الإجتماعي)

تونس- مساء الجمعة الموافق 31 ديسمبر/كانون الأول 2021 أعلنت وزارة الداخلية التونسية "اتخاذ قراريْن بالإقامة الجبرية عملا بقانون الطوارئ الذي يتيح وضع أي شخص تحت هذا الإجراء "حفاظا على الأمن والنظام العامّيْن"، ولكن دون ذكر اسم المقصود الثاني إلى جانب المسؤول بحركة النهضة نور الدين البحيري.

ومنذ صباح الجمعة انتشر خبر إيقاف نائب رئيس حركة النهضة ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، أو اختطافه (حسب وصف حركة النهضة)، مع شخص ثانٍ عُرف لاحقا أنه المسؤول الأمني فتحي البلدي، وقيل إنهما أُخفيا في مكان مجهول.

الداخلية التونسية تعفي 165 ممثلا للسلطة المحلية
الداخلية التونسية أبلغت هيئة الدفاع عن البلدي أنه قد يكون قيد الإقامة الجبرية (الجزيرة)

من فتحي البلدي؟

عمل فتحي البلدي (56 سنة) قبل الثورة مسؤولا أمنيا في قسم إدارة الحدود والأجانب بوزارة الداخلية، وتعرض للاعتقال سنة 1991 في عهد نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي بتهمة الانتماء إلى تنظيم محظور (حركة النهضة)، وقضى 6 سنوات و8 أشهر في السجن، إلى أن أفرج عنه عام 1997.

بعد ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، ومع إصدار قانون العفو التشريعي العام سنة 2011، أعيد فتحي البلدي إلى منصبه وتقلّد منصب مستشار وزير الداخلية، علي العريض، في حكومة حمادي الجبالي.

في ديسمبر/كانون الأول 2021 تمت إحالة مجموعة من المسؤولين بوزارة الداخلية التونسية إلى التقاعد الإجباري، وكان من بينهم فتحي البلدي.

رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة نور الدين البحيري (ماي/آيار 2015/مجلس نواب الشعب (البرلمان)تونس العاصمة)
نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري الذي أعلنت السلطات التونسية وضعه مع المسؤول السابق فتحي البلدي "قيد الإقامة الجبرية" (الجزيرة)

ما علاقته بالبحيري؟

يؤكد هشام البلدي، شقيق فتحي البلدي، للجزيرة نت، عدم انتماء أخيه إلى أي جهة سياسية "في الماضي أو في الحاضر"، وأن "اسمه حُشر في عهد النظام السابق نظرا لارتباطاته الأسرية ببعض الأسماء التي تنتمي للنهضة".

كما نفى شقيقه بشدة ما عدّها إشاعات عن قربه من قياديين كبار في حركة النهضة، من بينهم نور الدين البحيري، مؤكدا أنه "كان اجتماعيا وتربطه علاقات طيبة مع الجميع".

وانتقد إحالة شقيقه إلى التقاعد الإجباري بتبريرات رآها "واهية" مثل "الولاءات، ووصف ذلك "بالعبث الذي يحدث في صلب وزارة الداخلية منذ الثورة إلى اليوم".

هل "اختُطف"؟

تقول عضوة هيئة الدفاع عن فتحي البلدي المحامية لطيفة الحباشي إنه "اختُطف" يوم الجمعة 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، الساعة العاشرة والنصف صباحا، من أمام منزله في محافظة أريانة (شمال غرب العاصمة)، على يد عناصر أمنية بزي مدني، واقتيد إلى جهة غير معلومة حتى الآن.

وتعدّ المحامية موكلها "مختطفا ومختفيا قسريا"، لأسباب مجهولة، إذ لا يوجد أي إذن قضائي "بسلب حريته".

وتؤكد الحباشي للجزيرة نت عدم وجود أي اتهام موجّه للبلدي، وأن هيئة الدفاع عنه أُعلِمت فقط بأنه "يمكن أن يكون قد وُضع قيد الإقامة الجبرية"، دون التمكن من الاطلاع على قرار فرض هذا الإجراء عليه أو على أي وثيقة تثبت أنه قيد هذه الإقامة.

وتقدّمت هيئة الدفاع بشكاوى متعددة محلية لدى وكلاء الجمهورية بمنطقة تونس الكبرى، وأخرى دولية لدى فرق العمل المعنية والتابعة لمنظمة الأمم المتحدة بعنوان "الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري".

وأشارت المحامية لطيفة الحباشي إلى أن الدولة التونسية "باختطافها" المواطن فتحي البلدي قامت بخرق القوانين الوطنية، وعلى رأسها الأمر رقم (550) لسنة 2011، المتعلق بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، واتفاقية الأمم المتحدة التي تعدّ الإخفاء القسري "جريمة ضد الإنسانية"، و"تمنع احتجاز أي شخص في مكان دون إذن قضائي ودون تمكين محاميه من زيارته ومن العناية الطبية اللازمة".

زيارة مشروطة

وبعد طلب مركز الحرس الوطني ببرج العامري بمحافظة منوبة (شمال شرق) من أسرة البلدي إحضار بعض المستلزمات له، وصلت الأسرة مع هيئة الدفاع عنه وشاهدين عدليين، الأربعاء الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري، إلى المركز ولم يسمحوا إلا لعائلته بلقائه مشترطين عدم سؤاله عن مكان اعتقاله، وفق محاميته.

وحسب المحامية، أُحضر فتحي البلدي من مكان آخر، "وذلك يعني أنه ليس محتجزا في المركز المذكور، وأنهم حتى الساعة يجهلون مكان إخفائه".

وعن حالته الصحية، يقول شقيقه هشام إنهم تمكنوا من مقابلته نصف ساعة فقط، ولم يكونوا بمفردهم، وإن فتحي أعلمهم بأنه تلقى "نوعا ما" معاملة لائقة، وأن "ظروف إقامته عادية ومتواضعة ومرضية".

يُشار إلى أن وزير الداخلية التونسية توفيق شرف الدين كان قد أعلن في ندوة صحفية، مساء الاثنين الثالث من يناير/كانون الثاني الجاري، أن البحيري والبلدي أوقفا في إطار تحقيق قضائي "لشبهات إرهاب".

وأوضح أن المعتقليْن قد يكونان متورطيْن في تسليم جنسيات وجوازات سفر لأشخاص لمّح إلى تورّطهم في قضايا إرهاب، مؤكدا أن الإيقاف "كان وفق القانون المنظم لذلك، وفي إطار الحفاظ على الأمن والنظام العامّيْن".

المصدر : الجزيرة