مع تصفير صراعات المنطقة.. أي مصير ينتظر الإخوان والمعارضة الإسلامية بمصر؟

صورة2 الإخوان المسلمين كانت الوجهة الأخيرة لسيد قطب- تصوير زميل مصور صحفي مسموح باستخدام الصورة
مقر الإخوان في مصر تعرض للحرق عام 2013 (مواقع التواصل)

 القاهرة – بخطى متسارعة تشهد منطقة الشرق الأوسط ما يمكن وصفه بتصفير الصراعات التي اشتعلت السنوات الأخيرة، في وقت كانت فيه جماعة الإخوان المسلمين طرفا رئيسيا في الكثير منها.

ويستبعد مراقبون أن يكون ملف هذه الجماعة مطروحا على طاولة المحادثات المكوكية المتبادلة بين الأطراف المتصارعة، وذلك على المستوى القريب على أقل تقدير، في ظل وضعها المتأزم وانقسامها الداخلي، بما قد يدعم ابتعادها عن المقاربات الراهنة.

وما يعزز ذلك أن مؤشرات اللقاءات والمباحثات التي جرت خلال 2021 في القاهرة والدوحة وأبو ظبي وأنقرة لم تشهد تناولا جادا لملف الإخوان أو المعارضة المصرية عموما، وبالتالي استبعادها من ترتيبات المرحلة هذا العام الجديد.

غير أن هذه التطورات قد تكون بادرة لإيجاد بيئة مناسبة مستقبلا لحلحلة مشروطة لملف الإخوان والمعارضة بمصر، ومن غير المستبعد أن تلقى انعكاسات التقارب بظلالها غير المباشرة على هذا الملف.

وأبرز هذه التفاعلات والمباحثات الراهنة تسارع وتيرة التقارب المصري القطري، والمصري التركي، والإماراتي التركي، والسعودي التركي، وذلك كله يأتي في توقيت شهدت فيه المنطقة تزايدا في وتيرة التطبيع العربي مع إسرائيل، ومؤشرات لفتح ملفات التهدئة أيضا مع إيران وفي سوريا وليبيا واليمن، وكل ذلك في خضم تحول السياسات الأميركية تجاه المنطقة مع ولاية جو بايدن الذي يسير على خطى معاكسة تماما لسلفه دونالد ترامب.

وفي ضوء المؤشرات السابقة، يبقى ملف الإخوان -والمعارضة الإسلامية عموما- في ضوء مسار تصفير أزمات المنطقة، مرهونا بـ 3 سيناريوهات، تتمثل في استبعاده من طاولة المباحثات، أو حدوث انعكاسات غير مباشرة عليه، أو تحولات كبيرة في العلاقات لا تستبعد هذه الجماعة.

تصفير الصراعات

منذ الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي صيف 2013 حين كان الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع، تشهد مصر أزمة سياسية وانقساما مجتمعيا، لم تفلح معها مبادرات محلية ودولية بين نظام السيسي وقوى المعارضة وعلى رأسها الإخوان، في وقت نال فيه قادة هذه الجماعة وأنصارها ضربات أمنية شديدة لم تسلم منها أيضا بقية قوى المعارضة المدنية.

وشهدت مراحل تصفير الأزمات الإقليمية المراحل التالية:

  • في السنوات اللاحقة للإطاحة بمرسي كانت الجماعة رقما فاعلا في حراك عواصم المنطقة، فمن جهة وقعت أزمات دبلوماسية بين القاهرة وأبو ظبي والرياض من جهة، والدوحة وأنقرة من جهة أخرى. ورغم أن العلاقات داخل المحور الأول اتسمت باستقرار نسبي، فإن انتكاسات عدة ألقت بظلالها عليه طوال السنوات السبع الماضية سريعا ما تمت معالجتها.
  • مع بداية النصف الثاني من 2020 بدأت رياح التهدئة تلطف أجواء المنطقة، عززها تغيير الإدارة الأميركية كدافع وراء التعاون والالتزام المتزايد في الآونة الأخيرة، كل ذلك تزامن أيضا مع رغبة دول المنطقة في تصفير الصراعات، وتخفيف حدة النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط.
  • كانت أولى هذه المراحل الفعلية لتخفيف التوترات قمة العلا بالسعودية مطلع 2021، لرأب الصدع في المجتمع الخليجي والعربي، بعد رفع المقاطعة التي كانت قد فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر عام 2017.
  • من جهة مصر، أكد وزير الخارجية سامح شكري -في أكثر من مناسبة- أن القاهرة حريصة على أن تكون العلاقات مع قطر جيدة، مشددا كذلك على أن كل المؤشرات المرصودة إيجابية.
  • كما كان عام 2021 استكمالا لمسار طويل لمساعي استعادة العلاقات المصرية التركية، بعد رسائل تهدئة من الجانبين على إثر الأزمة الدبلوماسية التي تعود إلى عام 2013.
  • العام المنقضي شهد جولتي مباحثات ثنائية بالقاهرة وأنقرة، حيث أكد الجانبان رغبتهما في اتخاذ مزيد من الخطوات الإضافية لإحراز تقدم في القضايا العالقة وعودة العلاقات الدبلوماسية، وهو السياق التصالحي ذاته الذي اتخذته أنقرة مع أبو ظبي والرياض في الأشهر الأخيرة.

موقف الإخوان

  • شجع التقارب المصري التركي جماعة الإخوان أن تبدي هي الأخرى استعدادا لمصالحة مع نظام السيسي، في سياق كان أبرزه التخفيف عن آلاف المعتقلين بالسجون وذويهم.
  • ففي مبادرة نادرة، أكد القائم بأعمال المرشد العام للإخوان إبراهيم منير، في مارس/آذار 2021، استعداد الجماعة لقبول "أي عرض يخدم مصلحة الشعب المصري".
  • رغم ترحيب كبير من مختلف التيارات المصرية، إلا أن برلمانيين وإعلاميين محسوبين على النظام رفضوا هذه الدعوة وهاجموها، في وقت رُصدت فيه مؤشرات أن ملف المصالحة المصرية بعيد تمامًا عن حسابات التقارب المصري التركي.
  • ثمة إشارة مهمة في هذا السياق، ترتبط بموقف النظام المصري نفسه الذي سبق أن رفض غالبية مبادرات المصالحة السابقة، وهو اتجاه لا يزال يسير عليه، ولا يبدو أنه مازال مستعدا لمثل هذه المبادرات حتى الآن.
  • يتضح ذلك في استمرار القبضة الأمنية والملاحقات القضائية للمعارضين، إضافة إلى اتخاذه مسارا للتهدئة مع المعارضة المدنية عبر إطلاق سراح العشرات من الناشطين السياسيين غير المؤثرين.
  • جانب آخر يقلل من فرص إعادة تموضع الإخوان، في السياسة المصرية، يرتبط بكيان الجماعة ذاتها، حيث لا تزال تشهد انقسامات حادة بين معسكرين يزعم كل منهما أنه الأولى بقيادة دفة الجماعة.

3 سيناريوهات

وفي ضوء المؤشرات السابقة، يبقى ملف جماعة الإخوان، في ضوء مسار تصفير أزمات المنطقة عام 2022، مرهونا بـ 3 سيناريوهات، وهي:

  • استبعاد من طاولة المباحثات
  • انعكاسات غير مباشرة
  • تحولات كبيرة لا تستبعد الجماعة

وفي هذا الصدد، قال الباحث في العلاقات الدولية وشؤون الجماعات الإسلامية أحمد مولانا إن التحديات التي تواجه العديد من البلاد العربية تتجاوز حصرها في ملف الإسلاميين، إذ إن العديد من الأنظمة تواجه مشاكل بنيوية جوهرية فشلت في معالجاتها، وتعتمد على القبضة الأمنية في تأجيل بروزها على السطح، وفي الحالة المصرية تأتي الملفات الاقتصادية والسياسية والحقوقية في المقدمة.

وفي تصريحات للجزيرة نت، أوضح مولانا أن المجتمعات تمر بمرحلة سيولة، وإعادة تشكل في أنماط جديدة، ولم تعد الجماعات بأشكالها السابقة في القرن العشرين مناسبة للتطورات الحالية، كما أن النظام المصري يرفض أي إدراج لملف الإخوان ضمن تفاهماته الإقليمية، لأن الإخوان وانقساماتهم الداخلية تجعلهم طرفا هامشيا في أي معادلة، وبالتالي باتت الجماعة جزءا من الماضي أكثر منها لاعبا منتظرا في المستقبل.

وفي سياق الحديث عن هذا الملف، ذهب الباحث المتخصص في شؤون الحركات والجماعات الإسلامية، مصطفى زهران، إلى القول إن الجماعة في مصر باتت تشكل النقطة الأضعف في المسار السياسي أو في توجهات المعارضة عموما، في وقت لم تعد فيه السلطة السياسية تأبه بمعارضة الإخوان.

وأضاف زهران للجزيرة نت أن تموضع الجماعة الراهن في أكثر من جغرافيا بات دافعا نحو التقارب المصري التركي، بل إن هناك من الخطوات المستقبلية التي ستكون العام المقبل أكثر ديناميكية بين الجانبين انطلاقا من القفز على ملف الإخوان المسلمين.

وحول السيناريوهات المستقبلية لملف الجماعة عام 2022، توقع زهران أن يبقى على ما هو عليه، حيث إنه من المبكر الحديث عن أية انعكاسات مباشرة تخص الإخوان نظرا لعدم تملك الجماعة أوراق ضغوط قوية على النظام.

المصدر : الجزيرة