تونس.. محامو البحيري يتهمون وزير الداخلية بالتلفيق واتحاد الشغل يعتبر "الاستشارة الإلكترونية" غير مجدية

رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة نور الدين البحيري (ماي/آيار 2015/مجلس نواب الشعب (البرلمان)تونس العاصمة)
البحيري أول مسؤول كبير بحركة النهضة يحتجزه الأمن بعد قرارات الرئيس سعيد الأخيرة (الجزيرة)

اتهمت هيئة الدفاع، عن نور الدين البحيري نائب رئيس حركة النهضة التونسية، وزيرَ الداخلية توفيق شرف الدين بالتلفيق بعد حديثه عن شبهات تتعلق بالإرهاب بحق موكلها، في حين أبدت كتلة النهضة البرلمانية استغرابها من نوعية الاتهامات الموجهة للبحيري.

وقالت سعيدة العكرمي زوجة البحيري للجزيرة "أخشى على حياة زوجي المختطف لأنه مستهدف من الرئيس قيس سعيّد".

وأضافت أن وزير الداخلية رفض استقبال اتصالات من شخصيات ومؤسسات تونسية للكشف عن مصير زوجها.

وفي الوقت نفسه، رأى الاتحاد العام للشغل أن الاستشارة الإلكترونية التي دعا الرئيس قيس سعيد لإطلاقها لاستطلاع آراء المواطنين "مضيعة" لوقت ممكن استثماره في الحوار.

وقال عبد الرزاق الكيلاني رئيس هيئة الدفاع عن البحيري، تعليقا على ما وصفها بالتهم الموجهة لموكله، إن تونس دخلت مرحلة "فبركة" الملفات، وفق تعبيره.

واعتبر رئيس هيئة الدفاع، في تصريح إذاعي، أن الاتهامات التي أوردها وزير الداخلية لا يمكن إثباتها سوى بمحاكمة عادلة، مؤكدا أنهم سيطعنون في قرار الإقامة الجبرية لدى المحكمة الإدارية.

استغراب ومطالبات

من جانبها، أعربت كتلة حركة النهضة البرلمانية عن استغرابها من الاتهامات التي وجهها وزير الداخلية للنائب البحيري.

وأضافت كتلة "النهضة" في بيان أن تعطيل مجلس نواب الشعب فتح على "مفسدة" تجميع السلطات واستعادة مساوئ الحكم الفردي، حسب تعبيرها. وأشارت إلى أن ما قاله وزير الداخلية بخصوص التهم الموجهة للبحيري يبقى من اختصاص القضاء فقط.

في المقابل، قال القيادي في حزب التيار الشعبي التونسي وليد العباسي إن الحزب يعتقد أن هناك ملفات وشبهات متعقلة بالبحيري، داعيا القضاء للتحقيق فيها.
وأضاف العباسي، في مقابلة مع الجزيرة أن حركة النهضة لا تريد لملف المحاسبة أن يفتح، وأنها تريد تعطيل سير القضاء، حسب تعبيره.

بدوره، طالب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلّم، وزارة الداخلية، بتوضيح طريقة إيقاف البحيري، لمنع الاقتصار على الرواية التي قدمتها زوجته التي تحدثت فيها عن اختطاف واحتجاز واختفاء قسري.

وشدّد مسلّم، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، على أن الرابطة مع كشف الحقيقة للرأي العام، ومحاسبة المعتدين، مؤكدا أنه لا مجال لتجاوز القانون المتعلق بالإيقاف، والذي يوفر للمتهمين ضمانات عدة، وفق تعبيره.

وفي موقف مشابه، أعربت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية عن استغرابها من تصريحات وزير الداخلية المتعلقة بتعطل الإجراءات لديها بشأن التحقيق في حادثة حصول سوري وزوجته على وثائق هوية تونسية خلال فترة إشراف البحيري على وزارة العدل، وعلي العريض على الداخلية.

وأشار مكتب الاتصال في المحكمة، في بيان، إلى أن النيابة العامة تعاملت بكل جدية، ووفق الإجراءات القانونية، وفتحت تحقيقا في القضية منذ 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأن الأبحاث بشأنها ما تزال مستمرة.

من جانبه، دعا سمير الشفي الأمين العام المساعد باتحاد الشغل (أكبر منظمة عمالية بالبلاد) إلى ضرورة تطبيق العدالة، وتأمين الجوانب القانونية في فتح الملفات التي استهدفت أمن واستقرار البلاد.

وقال الشفي، في تصريح إذاعي على هامش انعقاد الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل، إن موقف الاتحاد مبدئي في فتح كل الملفات ومحاسبة المتورطين، في إطار القانون والشرعية.

مسوغات الداخلية

وقال شرف الدين، الاثنين، إن وضع البحيري قيد الإقامة الجبرية سببه "إصدار جوازات سفر لأشخاص بطريقة غير قانونية وشبهة إرهاب جدية" وذلك بعدما قالت هيئة الدفاع عن البحيري إنها تعتبره في حالة اختطاف ورفعت شكوى ضد رئيس البلاد ووزير الداخلية.

وأضاف الوزير، في مؤتمر صحفي، أن قرار الإقامة الجبرية الذي تم اتخاذه بحق البحيري (63 عاما) استند إلى أسس قانونية وبناء على شبهات تتعلق بالإرهاب، وقال إنه بناء على ذلك تم اتخاذ قرار بوضع شخصين قيد الإقامة الجبرية في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكانت السلطات قد ألقت القبض الجمعة الماضية على البحيري والذي شغل سابقا منصب وزير العدل بين عامي 2011 و2013، وأرجعت الداخلية هذا الإجراء لأسباب قالت إنها ترتبط بحماية الأمن والنظام العام، عملا بأحكام الطوارئ السارية منذ عام 2015.

كما يخضع للإقامة الجبرية أيضا المسؤول الأمني فتحي البلدي الذي عمل عام 2011 مستشارا لوزير الداخلية السابق (العرَيّض) وهو قيادي أيضا بحركة النهضة.

وقبل مؤتمر وزير الداخلية بساعات، قالت هيئة الدفاع عن البحيري، في مؤتمر صحفي الاثنين، إنها لا تعلم وضعه القانوني، وتعده في حالة "اختطاف". في حين قال وفد حقوقي إنه زار البحيري بالمستشفى وإنه بدأ إضرابا عن الطعام.

وكانت حركة النهضة قالت يوم الجمعة الماضي إن عناصر بزي مدني اختطفت البحيري من أمام منزله، واقتادته إلى جهة غير معلومة بعد أن عنّفت زوجته المحامية سعيدة العكرمي التي كانت برفقته.

ويواصل عدد من المحامين اعتصامهم احتجاجا على ما وصفوه بالاختطاف والاحتجاز غير القانوني للبحيري.

الاستشارة الإلكترونية

في سياق آخر، اعتبر الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي "المنصة الإلكترونية" التي يطرحها الرئيس سعيّد غير مجدية ولا تعوض الحوار.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الطبوبي، الثلاثاء، للإعلاميين في ختام الهيئة الإدارية للاتحاد المنعقدة بمدينة الحمامات (شمال شرق).

ويقصد الطبوبي بالمنصة الإلكترونية الاستطلاع الشعبي الإلكتروني الذي انطلق تجريبيا السبت، وينطلق رسميا منتصف يناير/كانون الثاني الجاري، لجمع آراء المواطنين حول مواضيع مختلفة، واقتراحاتهم بشأن الإصلاحات التي عرضها رئيس الجمهورية.

وقال أمين اتحاد الشغل إن هذه المنصة "لا تعوض الحوار، والشعب التونسي ليس كله متمكنا من التكنولوجيا".

وأضاف: نرى أنه يمكن ربح حيز زمني بهذا الاتجاه (تحقيق الحوار) وبلادنا تحتاج الخروج من هذا الوضع الذي هي فيه، ولنا القدرة على الخروج منه شريطة تضامن وطني حقيقي والابتعاد عن المناكفات والسباب والشتائم.

وكان سعيد أعلن خلال اجتماع وزاري عن "الاستشارة الشعبية بشأن الإصلاحات الدستورية" على أن تتم صياغة المقترحات الناتجة عنها ضمن نصوص قانونية يتم استفتاء الشعب عليها في يوليو/تموز المقبل، وذلك قبل إجراء الانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022.

ومنذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد البلاد أزمة سياسية على خلفية إجراءات استثنائية قام بها الرئيس أبرزها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، إصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، إقالة رئيس الحكومة، تعيين شخصية جديدة لرئاسة الحكومة.

المصدر : الجزيرة + وكالات