تزايد أعمال العنف ضد نواب في فرنسا قبل 3 أشهر من الانتخابات الرئاسية

German Chancellor Olaf Scholz and French President Emmanuel Macron meet in Berlin
ماكرون أكد أنه يرغب في الترشح للرئاسة مجددا لكنه لم يحسم قراره بعد (رويترز)

ازدادت أعمال العنف ضد النواب في فرنسا بشكل كبير قبل أشهر من الاستحقاق الرئاسي، وخير مثال هو إحراق مرآب نائب الأغلبية باسكال بوا أثناء نومه نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما أيقظه رجال الإطفاء لإبلاغه بالأمر.

وقال لوكالة الصحافة الفرنسية "كانت هناك بطبيعة الحال لحظة صدمة سرعان ما تغلبت عليها. حاولت الحفاظ على هدوئي".

ويقع المرآب في مبنى خارجي، ومن حسن الحظ أن منزله لم يتضرر. وأضاف "سرعان ما أدركت أنه كان عملا متعمدا".

وعلى جدار منزله على بعد حوالي 30 كيلومترا من باريس، كُتب شعاران "الأمور ستتعقد" و"صوّتوا لا" للشهادة الصحية؛ وهي مشروع القانون الذي كان قيد البحث وتمت المصادقة عليه من قبل الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.

ودعم نائب "الجمهورية إلى الأمام" حزب الرئيس إيمانويل ماكرون هذا الإجراء المرفوض من غير الملقحين الذي يمنعهم من ممارسة الأنشطة الترفيهية ودخول المطاعم والحانات ووسائل النقل الإقليمية الأخرى.

ولم يكن هذا التحذير الأول. ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تلقى النائب تهديدات بالقتل في رسالة مرفقة برصاصة.

إحراق ممتلكات والتسبب بأضرار وإلقاء الحجارة وبعث رسائل الإلكترونية أو تغريدات ترهيب أو إهانة، كل هذا دفع وزير الداخلية جيرالد دارمانان للإعراب عن أسفه في 11 يناير/كانون الثاني الجاري قائلا "نشهد زيادة كبيرة في التهديدات وبالتالي أعمال عنف ضد نواب".

 "سأقطع رأسك"

أكد السبت الماضي رومان غرو -وهو نائب آخر في الأغلبية- أنه تلقى في بربينيان جنوب فرنسا "لكمة على الذقن" من حشد استهدف مكتبه. وفي مقطع فيديو نُشر على تويتر نرى رجالا يهتفون "الموت، الموت"، و"هل صوتت لصالح الشهادة الصحية؟".

وقد تم تقديم أكثر من 300 شكوى بتهمة "التهديد بالقتل" من قبل نواب منذ يوليو/تموز الماضي، بينها 60 شكوى في الأيام العشرة الأولى من عام 2022، وفقا لدارمانان.

الاعتداءات ضد النواب تزايدت مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي تليها انتخابات تشريعية منتصف العام الجاري (الأوروبية)

ووفق وزارة الداخلية فقد تم استهداف 1186 مسؤولا في الأشهر الـ11 الأولى من عام 2021، بينهم 162 نائبا و605 رؤساء بلديات أو معاونون تعرضوا لاعتداءات جسدية، بزيادة قدرها 47% مقارنة بعام 2020. كما تم تسجيل 419 اعتداء أي بنسبة زيادة 30%.

وقبل 4 أشهر من الانتخابات الرئاسية التي ستليها انتخابات تشريعية في يونيو/حزيران المقبل، يبدو أن انعدام الثقة بالشخصيات السياسية قد وصل إلى ذروته، وتؤججه الحركة المناهضة للقاحات والتي أصبحت أيضا أكثر تشددا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال 60% من الأشخاص الذين تم استجوابهم في استطلاع للرأي حول تصور الجمعية الوطنية، إنهم يتفهمون السلوك العنيف تجاه النواب وأيده 13%.

وفي بداية يناير/كانون الثاني الجاري، دخل قادة الأحزاب السياسية الرئيسية إلى قاعة المجلس معا للتنديد بـ"تصاعد الكراهية" حيالهم، وهو تعبير نادر عن الوحدة.

وقال رئيس الجمعية ريشار فيران بقلق في مقابلة لصحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية، "يتلقى النواب رسائل يُكتب عليها سأقطع رأسك، سأطعنك. وهي كلمات تعبر عن الرغبة في ارتكاب جريمة".

وأضاف أن "هؤلاء المواطنين ينتهي بهم الأمر أحيانا إلى تبني العنف في محاولة لإيصال صوتهم". وأوضح "لقد تحدثنا منذ فترة طويلة عن الإقصاء الاجتماعي وأعتقد اليوم أن عددا من الفرنسيين يعيشون إقصاء سياسيا".

ماكرون والعنف

ويبدو أن العنف قد تعزز منذ انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا عام 2017، فقد تسارعت حلقات العنف في الأشهر والأسابيع الأخيرة، وفقا لإيزابيل سومييه المتخصصة في العنف السياسي في جامعة باريس.

وتُجسد "السترات الصفراء" الحركة الاحتجاجية المناهضة للنخب -وعلى وجه الخصوص الرئيس المنتهية ولايته- هذه الظاهرة. وانطلقت الحركة من المناطق الريفية والمدن الصغيرة وأشعلت فرنسا بين نهاية 2018 ومطلع 2020، حتى أول تدابير العزل بسبب كوفيد-19.

Protest in Paris against dismissals
تقارب ملحوظ بين المعارضين للقاحات ضد فيروس كورونا وأصحاب "السترات الصفراء" في فرنسا (الأناضول)

يبدو أن المعارضين للقاحات يتداخلون جغرافيا واجتماعيا واقتصاديا مع حركة "السترات الصفراء" على حد قول سومييه، التي ترى أن أسلوب حكم ماكرون المركزي الذي يُنظر إليه أحيانا على أنه مؤيد للأثرياء واستفزازي، قد يكون ساهم في تأجيج العنف.

وأعلن ماكرون -الذي تعرض للصفع خلال زيارة في جنوب شرق فرنسا قبل أشهر- مطلع يناير/كانون الثاني الجاري أنه يريد "إزعاج" غير الملقحين.

ومع ذلك، لا تزال البلاد أقل عنفا مما كانت عليه بعد الحرب، ويجب التقليل من شأن الحوادث الحالية كما تقول سومييه. لكن بعد مقتل نائبين في بريطانيا منذ عام 2016، أصبحت هذه الهجمات تقلق عددا من النواب الفرنسيين.

ويقول النائب باسكال بوا "أصبحت أتنبه أكثر لما يحدث من حولي". وأضاف "أتحقق من أن أحدا لا يتعقبني في سيارة. واعتاد جميع زملائي على فعل الشيء نفسه".

المصدر : الجزيرة + وكالات