ما حقيقة هروب المطران السوري إيليا طعمة واختلاسه مبالغ مالية كبيرة؟

مع انتشار أخبار الاتهامات الموجهة للمطران إيليا طعمة وسفره، أوقفت قبل أيام قليلة "أبرشية عكار" الأرثوذكسية وتوابعها جميع التوكيلات المسندة إليه، حتى صدور تعميم وإشعار آخر، من دون الإفصاح عن أسباب التوقيف، حسب تعميم نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

المطران إيليا طعمة المتهم بالاختلاس من مطرانية وادي النصارى بريف حمص (مواقع التواصل)

شمال سوريا- لا تزال قضية المطران السوري إيليا طعمة حديث الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي في سوريا، بعد اتهامه بالهروب إلى اليونان، واختلاس مبالغ مالية كبيرة من مطرانية وادي النصارى بريف حمص (وسط البلاد)، قُدرت بمليارات الليرات السورية، ومنها أموال مساعدات خارجية أُرسلت لدعم المنطقة.

والأربعاء الماضي، غادر طعمة إلى اليونان -التي يحمل جنسيتها- من دون سابق إنذار، تاركا خلفه علامات استفهام كبيرة فتحت الباب أمام العديد من الروايات عن سفره المفاجئ واتهامه بسرقة مبالغ ضخمة.

 

خلافات وتحقيق

ووفق وسائل إعلام موالية للنظام، فإن قضية المطران طعمة لها تداعيات سابقة لخروجه من سوريا، إذ ينقل موقع "سناك سوري" عما أسماها "مصادر كنسية" قولها إن "المطران كان على خلاف شخصي مع راهبة في المطرانية تدعى مريم وسوف، قبل أن يتطور الخلاف بينهما إلى حد الاتهام بتجاوزات أخلاقية وأخرى تتعلق بالنزاهة".

وجراء تصاعد الاتهامات إلى حد كبير، تشير المصادر إلى أن المطران طعمة قدم شكوى رسمية بحق الراهبة مريم وسوف، التي هربت إلى اليونان تاركة خلفها وثائق قيل إنها تدين المطران.

وعلى خلفية ذلك، تم تشكيل لجنة تحقيق ثلاثية في الاتهامات الموجهة إلى المطران طعمة بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول 2021، وبقرار من "بطريرك أنطاكية وسائر المشرق" يوحنا العاشر.

 

إلغاء توكيله

وذكرت مصادر مطلعة على القضية للجزيرة نت أن اللجنة لم تقدّم أية توضيحات أو نتائج للعلن، وبقيت تفاصيل الخلاف والاتهامات طي الكتمان إلى يوم سفر المطران، الأربعاء الماضي، حيث بدأت التسريبات إلى الإعلام المحلي.

ومع انتشار أخبار الاتهامات الموجهة لطعمة وسفره، أوقفت قبل أيام قليلة "أبرشية عكار" الأرثوذكسية وتوابعها جميع التوكيلات المسندة إليه، حتى صدور تعميم وإشعار آخر، من دون الإفصاح عن أسباب التوقيف، حسب تعميم نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والصادر بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني الجاري.

ورغم سفر المطران المفاجِئ وظهور القضية إلى العلن، فإن البطريركية الأرثوذكسية لم تعلق على أي من الأنباء المتداولة بالنفي أو التأكيد.

لكن "المركز الأنطاكي الأرثوذكسي" للإعلام قال -في بيان- إن "الجهات الكنسيّة المعنية تتابع كل ما يخص هذا الموضوع وفق الأصول المعمول بها"، راجيا الثقة في أن "السلطات الكنسية تعالج الموضوع بكل أمانة ومسؤولية".

 

"خلوة روحية"

ورأى الصحفي السوري محمد أمين ميرة أن قضية المطران طعمة يشوبها شيء من الغموض، قائلا إن "البيان الذي صدر من بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس لم يقدم أية معلومات واضحة، وما ذكر بأن المطران إيليا في إجازة للقيام بخلوة روحية لا يؤكد أو ينفي ما تم تداوله من اتهامات".

وقال ميرة -في حديث للجزيرة نت- إن سفر المطران المفاجئ إلى اليونان يضعه في خانة الاتهام، خاصة أنه من غير المعروف حجم تجاوزاته بالضبط، "لكن في الوقت ذاته لا يمكن تأكيد تلك الاتهامات، وما نقل من بيان قديم عن خلاف بينه وبين راهبة قد يكون هو أساس القضية"، حسب قوله.

وحسب ميرة، فإن "الجهات الكنسية الداعمة للمطران مطالبة بتعليق وتوضيح عن قضايا السرقات على أقل تقدير، لكونها تتلقى كشوفا وتقارير مالية توضح أين يتم صرف تلك الأموال التي يقال إنها بالمليارات".

ويحمل المطران طعمة شهادة الهندسة المدنية من جامعة تشرين، كما درس اللاهوت في معهد القديس يوحنا الدمشقي، ثم حصل على ماجستير في الدراسات الإسلامية من المعهد البابوي بروما، ودبلوم في الدراسات الدينية من الجامعة اليسوعية.

وحصل على دكتوراه في الدراسات الدينية والإسلامية من جامعة سالونيك في اليونان، وعمل طعمة في أبرشية حلب لمدة عامين، وعيّنه متروبوليت عكا وكيلا له في أسقفية الحصن عام 2008.

وتقع منطقة وادي النصارى- التي كان طعمة أسقف المطرانية فيها- بريف حمص (وسط سوريا) وتضم القرى والبلدات ذات الأغلبية المسيحية، وتحوي العديد من الكنائس والأديرة، أبرزها دير مار جرجس وكنيسة الشحارة.

المصدر : الجزيرة