تشابها في تدني شعبيتهما.. هذه أبرز الاختلافات بين بايدن وترامب في عامهما الأول

BIDEN AND TRUMP
الشيء الوحيد المشترك بين بايدن (يمين) وترامب التراجع الكبير بشعبيتهما في عام الحكم الأول (وكالة الأنباء الأوروبية)

واشنطن– في مثل هذا اليوم من العام الماضي (2021) تسلم الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم في واشنطن قادما من دهاليز نصف قرن من الممارسة السياسية في قلب العاصمة واشنطن ليصبح الرئيس الـ46 للولايات المتحدة.

وقبل ذلك بـ4 سنوات جاء الرئيس الأسبق دونالد ترامب للبيت الأبيض قادما من خارج واشنطن ليصبح الرئيس الـ45 في التاريخ الأميركي رغم عدم تمتعه بأي خبرة انتخابية، وعدم شغله أي مناصب سياسية.

وخلال العام الأول في الحكم، شهدنا اختلافات كبيرة بين الرئيسين، وقليلا من الأمور المتشابهة بينهما، ورغم تواري ترامب عن المشهد السياسية الأميركي بصورة رسمية بعد هزيمته في انتخابات 2020، فإنه ظل حاضرا بشدة خلال عام بايدن الأول في الحكم.

تدهور شعبية بايدن وترامب في العام الأول

خلال العام الأول في الحكم، تدهورت نسبة الرضا على سياسات كلا الرئيسين، ترامب وبايدن بصورة متقاربة. ووصلت معدلات الرضا عن سياسيات ترامب في صيف وخريف عام 2017 نسبة متوسطها 32% بين عموم الناخبين الأميركيين، في حين عبّر 38% فقط من الأميركيين عن رضاهم عن سياسيات بايدن نفس الفترة من عام 2021.

وتعد هذه النسب الأقل بين كل الرؤساء الأميركيين على مدار التاريخ الرئاسي، التي يعبّر فيها أغلبية الأميركيين عن عدم رضاهم عن أداء رئيس خلال عامه الأول في الحكم. ويُرجع بعض المحللين ذلك إلى تعمق الاستقطاب الحاد بين الحزبين، ووجود تيارات متصاعدة منحرفة عن خط الحزبين التقليدين، مثل التيار اليميني عند الجمهوريين والتيار التقدمي عند الديمقراطيين.

ترامب وخطاب أميركا أولا

منذ أول خطاب ألقاه كرئيس للولايات المتحدة بحفل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني 2017 قطع دونالد ترامب الخيوط مع أسلافه من الرؤساء السابقين، متعهدا بأن شعار "أميركا أولا" سيلخص "رؤيته الجديدة التي سيحكم بها الولايات المتحدة" في المرحلة القادمة، كما أعلن أيضا أن النظام الدولي الذي وضعت أسسه ودعائمه الولايات المتحدة قبل قرابة 70 سنة لم يعد مفيدا لخدمة المصالح القومية للولايات المتحدة.

من هنا جاءت السنة الأولى من حكم ترامب عاصفة ومليئة بالخطابات النارية والقرارات المفاجئة، وبدأ ترامب حكمه بخطاب تنصيب ذي بعد انتقامي وشعبوي، وجاء خطاب ترامب بمثابة إعلان حرب على واشنطن وعلى نخبها التقليدية، كما أعطى هذا الخطاب فكرة عن النبرة والأسلوب اللذين سيطبعان سياساته وخطاباته اللاحقة.

وبالفعل استهل ترامب توليه مهام منصبه بمعارك تسببت فيها أوامر رئاسية تناسقت مع وعوده الانتخابية في الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وحظر دخول مواطني عدة دول مسلمة، والبدء في بناء سور فاصل عند الحدود الأميركية المكسيكية.

بايدن وخطاب توحيد الأميركيين

بالمقابل، فإن رئاسة بايدن بدأت في ظروف عصفت بواشنطن العاصمة، حيث جاءت بعد أسبوعين من اقتحام الآلاف من أنصار ترامب مبنى الكابيتول في محاولة لعرقلة التصديق على نتائج الانتخابات، ورفض ترامب نفسه الإقرار بخسارته الانتخابات، ورفض أغلبية الجمهوريين نتائج انتخابات 2020.

من هنا جاءت بداية حكم بايدن تصالحية في محاولة لردم فجوة الانقسامات بين الأميركيين. وقال بايدن في خطاب تنصيبه "هذا هو يوم أميركا، هذا هو يوم الديمقراطية، لقد تم اختبار أميركا من جديد وارتفعت إلى مستوى التحدي (..) بالوحدة يمكننا أن نفعل أشياء عظيمة معا، أشياء مهمة، ويمكننا تصحيح الأخطاء (..) سنجعل من أميركا مرة أخرى، القوة الرائدة للخير في العالم".

بهذه العبارات، وأخرى مثلها، حاول بايدن كرئيس أميركي جديد بعث رسائل للداخل الأميركي والعالم عن بدء عملية تغيير واسعة عقب انتهاء حكم الرئيس دونالد ترامب.

بايدن يلغي قرارات ترامب

وألغى بايدن الكثير من مبادرات وقرارات ترامب خلال عامه الأول، من أهمها إلغاء أمر دخول مواطني عدة دول مسلمة إلى أميركا، وعودة الولايات المتحدة لاتفاقية باريس للمناخ، ووقف بناء السور الفاصل عند الحدود المكسيكية الأميركية.

ورغم تعهد جو بايدن أن يكون رئيسا لكل الأميركيين، فإن نظرة تحليلية لأجندته التشريعية الطموحة، وكيف تم التعامل معها في الكونغرس خاصة من جانب الجمهوريين، إضافة إلى طبيعة التعيينات في المناصب العليا في إدارته، تشير لتجاهل بايدن الكبير للجمهوريين.

وبعد عام من وجوده في الحكم، لا يبدو أن بايدن قد نجح فيما تعهد به من عودة العملية السياسية الأميركية لطبيعتها التقليدية المتمثلة في خلافات واسعة بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، مع وجود مساحة اتفاق عريضة حول القضايا الأساسية، وتستدعي عدة قضايا غير حزبية عمل الحزبين معا، من مكافحة تداعيات انتشار فيروس كورونا المستمرة إلى مواجهة التردي الاقتصادي بسبب الجائحة، وصولا إلى مقترحات إصلاح النظم الانتخابية، وهو ما أخفق فيه بايدن حتى الآن.

شبح ترامب يحاصر في عام بايدن الأول

رغم هزيمته في انتخابات 2020، وحظره من أغلب وسائل التواصل الاجتماعي، بقي الرئيس السابق ترامب حاضرا بشدة خلال العام الأول من حكم جو بايدن.
ولا يشير بايدن إلى ترامب بالاسم عند الإشارة إليه في محاولة لعدم لفت الانتباه له، إلا أن ترامب أصبح عاملا مهما في حسابات بايدن والديمقراطيين سواء فيما يتعلق بانتخابات الكونغرس 2022 أو تجاه تعديل السياسيات التي اتبعها ترامب، أو تطلعا لانتخابات 2024.

من جانبه، يستعد ترامب للعب دور كبير في انتخابات التجديد النصفي كمقدمة محتملة لخوض انتخابات رئاسية أخرى. ويتوجس الأميركيون من إعادة سيناريو انتخابات 2020 مرة أخرى عام 2024، خاصة مع إشارة بايدن لرغبته في إعادة الانتخاب، وتأكيد ترامب أنه سيخوض الانتخابات طالما كان قادرا صحيا على ذلك.

ويبلغ بايدن من العمر الآن 79 عاما، وهو أكبر عمر لرئيس أميركي على مدار التاريخ، وسيصبح عمره 82 بحلول موعد انتخابات 2024، في حين يبلغ ترامب 75 عاما من العمر، وسيبلغ 78 عاما في الانتخابات القادمة.

ويعتقد 41% فقط من الناخبين الديمقراطيين أن بايدن سيكون لديه فرصة أفضل للفوز في انتخابات عام 2024 من مرشح ديمقراطي آخر، في حين يؤمن 57% من الجمهوريين بقدرة ترامب على الفوز بانتخابات 2024 حال مشاركته فيها، في الوقت ذاته ترغب أغلبية الأميركيين في طوي صفحة بايدن وترامب وبدء صفحة جديدة بدونهما معا.

المصدر : الجزيرة