تحذير من تبعات مؤلمة.. وقف دعم المستشفيات يهدد بكارثة إنسانية شمال غربي سوريا

حذّر "منسقو استجابة سوريا" من تبعات مؤلمة لوقف دعم المنشآت الطبية، بالتزامن مع حملة إلكترونية بعنوان "ادعموا مشافي الشمال" للفت نظر العالم لكارثة إنسانية قد يتعرض لها أكثر من 4 ملايين يسكنون مناطق سيطرة المعارضة شمالي البلاد.

جائحة كورونا، العلاج في مستشفى الزراعة بإدلب المصدر: الجزيرة
خطر توقف الدعم المالي عن المنشآت الطبية يهدد حياة ملايين السوريين شمال غرب البلاد (الجزيرة)

شمال سوريا- بإحدى غرف مستشفى الرحمة بريف إدلب شمال غربي سوريا، يخضع الطفل محمد، البالغ من العمر 9 أعوام، للعلاج من التهاب شعب هوائية حاد، وتأمل أسرته أن يتعافى سريعاً من مرضه ويخرج في أقرب وقت.

وفي قسم حضانات الأطفال، تنهمك الممرضات، مثل خلية النحل، بمراقبة المواليد "الخُدج" والتأكد من سير عمل الأجهزة، وتأمين الغذاء والمستلزمات الطبية لهم.

وفي الوقت الذي تجتهد فيه الكوادر الطبية لعلاج المرضى واستقبال الحالات العلاجية والإسعافية الجديدة، يواجه المشفى خطر الإغلاق بعد توقف دعم الجهات المانحة، وبات العمل فيه تطوعيا ووفق الإمكانيات المتاحة فقط.

وتحصل المستشفيات، في الشمال، على دعم كامل من منظمات إنسانية دولية غير حكومية، من دول أبرزها الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وقطر، ويشمل الدعم أجور الكوادر الطبية الشهرية والأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى الوقود.

ومستشفى الرحمة في إدلب واحد من 18 مستشفى توقف عنها الدعم مؤخرا، في منطقة تشهد حربا دامية منذ أكثر من 10 سنوات، مما أثقل الأعباء على السكان والكوادر الطبية، وباتت الحال على شفير كارثة إنسانية تهدد مئات الآلاف.

جائحة كورونا، العلاج في مستشفى الزراعة بإدلب المصدر: الجزيرة
قسم الحضانة والخدج بمستشفى الزراعة في إدلب شمالي سوريا (الجزيرة نت)

عمل تطوعي

ويقول مدير مستشفى الرحمة، الطبيب أحمد غندور، إن الأدوية والمستهلكات الطبية شارفت على النفاد، وهذا سيتبعه توقّف الأقسام التي تحتاج الوقود والديزل للعمل، كحضانات الأطفال والعمليات والعناية المشددة وسيارات الإسعاف.

وأضاف غندور، في حديث للجزيرة نت، أن الكوادر الطبية تعمل بشكل تطوعي منذ بداية العام، لكن العنصر البشري غير كافٍ، فالأجهزة الطبية بحاجة إلى الكهرباء، والمرضى لا يمكن أن يتعافوا دون الأدوية والمستلزمات العلاجية.

وبات قسم الأطفال ممتلئا بالكامل، مما أجبر الكادر الطبي على استقبال طفلين في سرير واحد أو الاضطرار إلى تحويل بعض الحالات إلى مستشفيات أخرى، حسب الطبيب غندور.

مشاريع مؤقتة

ولا يوجد دعم ذاتي أو مستدام للقطاع الصحي شمال غرب البلاد وفي إدلب، بسبب الحرب وعدم وجود جهة رسمية معترف بها دوليا، في حين يُعتمد على الدعم المقدم من المانحين الدوليين عن طريق المنظمات الإنسانية، وفق مدير صحة إدلب سالم عبدان.

وحسب تصريح عبدان، للجزيرة نت، فإن دعم أي مستشفى أو مركز صحي يصل على شكل مشروع له فترة زمنية محددة، تتراوح ما بين 6 أشهر وسنتين، ويقول إنه "دعم لإنقاذ حياة وغير دائم، وعند انتهاء المشروع يتوقف تمويل المشفى أو المركز الصحي".

وأرجع وقف الدعم إلى طول فترة الحرب، وجائحة كورونا، وما رافقها من أزمة اقتصادية عالمية دفعت المانحين إلى تخفيض ثم التوقف عن تمويل المؤسسات الصحية شمال غربي البلاد.

وأكد عبدان أن 60 ألف مريض كانوا يراجعون المستشفيات كل شهر، للحصول على خدمات طبية مجانية في مرافق توقف عنها الدعم، لافتاً إلى أن مديرية صحة إدلب تسعى مع الشركاء من المنظمات الإنسانية لإيجاد مانحين جدد، لاستمرار عملها.

7- سوريا - إدلب: وقفة سابقة لكوادر مستشفى الرحمة في إدلب للمطالبة باستمرار الدعم الجزيرة
وقفة سابقة لكوادر مستشفى الرحمة في إدلب للمطالبة باستمرار الدعم (الجزيرة نت)

حملة إعلامية

وعلى وقع تحذيرات أطلقها فريق "منسقو استجابة سوريا" من تبعات مؤلمة لوقف الدعم وإغلاق المنشآت الطبية، انطلقت حملة إعلامية إلكترونية بعنوان "ادعموا مشافي الشمال" بهدف لفت نظر العالم لما يمكن أن يتعرض له أكثر من 4 ملايين سوري يسكنون في مناطق سيطرة المعارضة شمالي البلاد.

وتعاني هذه المناطق أصلا من أزمات إنسانية خانقة، أبرزها غلاء المعيشة، البطالة، قلة الأجور، وزادها استمرار العمليات العسكرية والقصف سوءا، إلى جانب انتشار جائحة كورونا والتهديدات من موجات قادم للمتحورات الجديدة، وفق الناشط الإعلامي محمد جبس.

ويلفت جبس النظر إلى أن معظم سكان شمال غربي البلاد غير قادرين على العلاج في المستشفيات الخاصة، ويعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية والخدمات الطبية المدعومة.

ويقول أيضا إن الحملة ستستمر حتى تحقيق الهدف منها، وإعادة الدعم إلى المنشآت الطبية، أو تأمين بدائل وحلول من المجتمع الدولي الذي يتحمل المسؤولية فيما قد يحدث من نتائج سلبية على الأهالي.

 

المصدر : الجزيرة