أحزاب تونسية ترفض حظر السلطات وتدعو لإحياء ذكرى الثورة والتصدي "للدكتاتورية"

مشرعون أميركيون كبار يحثون إدارة بايدن على تقييم ما وصفوه بالمسار المناهض للديمقراطية في تونس وضمان إصلاحات ذات مغزى

أعلنت أحزاب تونسية رفضها لأي قرار بمنع التظاهر في ذكرى الثورة غدا الجمعة وأكدت نيتها عدم الرضوخ له، متهمة السلطات الحالية باستغلال الأوضاع الصحية لقمع الحريات.

وجاء موقف الأحزاب ردا على قرار السلطات بحظر التجوال الليلي ومنع التجمعات لأسبوعين وتأجيل أو إلغاء كل التظاهرات المفتوحة لمشاركة أو حضور العموم، بدعوى مكافحة انتشار فيروس كورونا مستبقة بذلك الموعد المقرر غدا لمظاهرات احتجاجية ضد الرئيس قيس سعيد بالتزامن مع ذكرى الثورة التونسية.

ودعت حركة النهضة جماهير الشعب التونسي إلى التظاهر غدا الجمعة احتفالا بذكرى الثورة (17 ديسمبر/كانون الأول 2010- 14 يناير/كانون الثاني 2011) لمواجهة ما سمتها "الدكتاتورية الناشئة".

وقالت حركة النهضة (صاحبة أكبر كتلة برلمانية بـ53 نائبا من أصل 217) في بيان إنها تدعو "عموم التونسيات والتونسيين للاحتفال بهذه المناسبة العزيزة في شارع الثورة بالعاصمة (شارع الحبيب بورقيبة)، تكريسا لمكاسب شعبنا من الحقوق والحريات الأساسية، وأهمها حرية التظاهر والتعبير عن الرأي".

ودعت الحركة التونسيين إلى التصدي "للدكتاتورية الناشئة التي ما فتئت تكرس الانفراد بالحكم والسلطة وتسعى لضرب القضاء الحر، وتحتكر الرمزيات الوطنية، وتتجاهل الأولويات المعيشية للمواطنين".

وأكدت الحركة أنها ترفض ما سمته "التوظيف السياسي للوضع الصحي ومخاطر انتشار جائحة كورونا، لضرب ما تبقى من هوامش الحريات"، مشيرة إلى أن القرارات الحكومية الأخيرة استثنت عدة مجالات وفضاءات للتجمعات، و"اقتصرت على المظاهرات بكل أشكالها في قصد ثابت لاستهداف التحركات المناهضة لمنظومة الانقلاب".

من جهته، أكد القيادي في حركة النهضة محمد القوماني أن الحركة ستمضي قدما في تنفيذ الاحتجاج المقرر غدا الجمعة ضد إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد.

وقال القوماني "مبدئيا، النهضة ستمضي قدما في احتجاج الجمعة، قرار المنع سياسي ويهدف إلى محاصرة الاحتجاج".

وأضاف "لقد سُمح للمحتجين بالخروج يوم 25 يوليو/تموز الماضي في ذروة انتشار كورونا، واليوم تُمنع الاحتجاجات".

وقد أعلنت الحكومة التونسية أمس الأربعاء منع التجمعات وفرض حظر تجول ليلي ابتداء من اليوم الخميس لمدة أسبوعين قابلة للتجديد، لمواجهة ما وصفها المجلس الوزاري بالتطورات المحتملة لفيروس كورونا.

وتنص الإجراءات الجديدة على تأجيل أو إلغاء المظاهرات، سواء في الأماكن المفتوحة أو المغلقة، وتشجيع آلية العمل عن بعد.

رفض واسع

وفضلا عن حركة النهضة، تعهدت أحزاب تونسية أخرى بالتظاهر غدا الجمعة رغم الحظر، رفضا لقرارات الرئيس قيس سعيد، في حين يواصل الرئيس تنفيذ ما سماها خريطة الطريق.

وفي هذا السياق، عقد أحزاب "التيار الديمقراطي"، و"الجمهوري"، و"التكتل من أجل العمل والحريات" مؤتمرا صحفيا للرد على القرارات الرئاسية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد.

وقال غازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي الذي يشغل 22 مقعدا في البرلمان "سنكون في شارع الثورة (شارع الحبيب بورقيبة) للاحتجاج مهما كان الثمن، وقرار المنع قرار سياسي".

وأضاف أن السلطات قامت بتسييس عمل اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، واستغلت الأوضاع الصحية لقمع الحقوق والحريات.

في السياق نفسه، قال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي إن هذا الإجراء يهدف "إلى منع التجمعات والمظاهرات، والإبقاء على المدارس مفتوحة في وجه مئات الآلاف من الطلبة والتلاميذ، فقط لمنع موجة غضب شعبي لم تجد لمواجهتها سوى التعلل بالأوضاع الصحية".

وأكد الأمين العام للحزب الجمهوري أنه لن يتم الرضوخ لأي قرار بمنع التظاهر في ذكرى ثورة 14 يناير/كانون الثاني.

Protest in Tunisia
الأحزاب التونسية المعارضة لقرارات الرئيس سعيد رفضت قرار السلطات بحظر التظاهر والتجمعات (الأناضول)

من جهة أخرى، اتهم حزب العمال التونسي الرئيس سعيد بالانقلاب على الثورة والسعي للانفراد بالحكم، وعبّر عن رفضه الانصياع لما وصفه بـ"القرار السياسي المقنّع للرئيس سعيد وحكومته بمنع التظاهر غدا" في ذكرى الثورة.

وقال الأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي -خلال مؤتمر صحفي أمس الأربعاء- إن الرئيس استغل تردي الأوضاع لتنفيذ انقلاب مهد له وخطط له مسبقا.

وأشار الهمامي إلى أن سعيد استحوذ على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأنه يسعى للسيطرة على القضاء، لافتا إلى أن رئيسة الحكومة ليست إلا موظفة لدى الرئيس، ولا تملك أي صلاحيات، على حد تعبيره.

في تلك الأثناء، حمّلت حركة النهضة السلطات التونسية "المسؤولية الكاملة" عن حياة نور الدين البحيري نائب رئيس الحركة، وقالت إن حالته الصحية بلغت "مرحلة الخطر الشديد وإشرافه على الموت"، نتيجة إضرابه عن الطعام.

ويخوض البحيري (63 عاما) إضرابا عن الطعام منذ توقيفه من قبل السلطات في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، مما استدعى نقله إلى قسم الإنعاش في مستشفى بمدينة بنزرت (شمال) في الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري بعد تدهور صحته.

رسالة لبايدن

وبالتزامن مع الحراك داخل تونس، دعا مشرعون أميركيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري إدارة الرئيس جو بايدن إلى تقييم ما وصفوه بمسار الرئيس التونسي المناهض للديمقراطية، وضمان إصلاحات ذات مغزى.

وفي رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أعرب مشرعون كبار -من بينهم رئيسا لجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والشؤون الخارجية بمجلس النواب- عن مخاوفهم بشأن التطورات الأخيرة التي تهدد الديمقراطية في تونس.

كما أعرب المشرعون عن قلقهم من استخدام الجيش التونسي ضد المؤسسات الديمقراطية والمعارضين، ومن الاعتقالات ذات الدوافع السياسية المحتملة، على حد تعبير الرسالة.

ورحب المشرعون بتعيين رئيس وزراء تونسي جديد وبإعلان خريطة طريق سياسية، وطالبوا بمزيد من الجهود لضمان ديمقراطية متجذرة.

المصدر : الجزيرة + وكالات