شبح الغزو الروسي يخيم عليها ودعم حذِر من الناتو.. ما سيناريوهات 2022 لأزمة أوكرانيا؟

يرى المحللون السياسيون أن على أوكرانيا عام 2022 أن تحصل من الناتو على ما يعزز أمنها بمواجهة روسيا. ويقف الحلف أمام خيارين: إما خسارتها كحليف مهم، أو تغيير سياسة الاستهانة، والتعامل بمنطق جدّي موحّد مع خطورة وتداعيات الأزمة.

صورة من مناورات أوكرانية وأوكرانية أطلسية مشتركة نشرتها صفحة قيادة الأركان العامة للجيش الأوكراني على فيسبوك (29)
مناورات أوكرانية أطلسية نشرتها صفحة قيادة الأركان العامة للجيش الأوكراني (مواقع التواصل)

كييف- شكل عام 2021، بما حمله من أحداث وتطورات، منعطفا في علاقات أوكرانيا مع كل من روسيا والغرب عموما، ومع حلف شمال الأطلسي "الناتو" على وجه الخصوص.

ومع تكرار مشهد الحشود العسكرية الروسية حولها، دخلت أزمة أوكرانيا أبعادا جديدة أعادت الحديث حول إمكانية نشوب حرب بين المعسكرين الروسي والغربي تكون أوكرانيا ساحتها الرئيسية.

وكان لافتا في هذا العام، حجم الاهتمام الذي أولاه "الناتو" بأوكرانيا، سواء من خلال المناورات والتدريبات المشتركة، أو تصريحات مسؤوليه التي تحولت من خطاب تشجيع "كييف" على تطبيق إصلاحات ومعايير العضوية، إلى التأكيد على أن "أبوابه مفتوحة" أمامها، بغض النظر عن موقف روسيا.

صورة من مناورات أوكرانية وأوكرانية أطلسية مشتركة نشرتها صفحة قيادة الأركان العامة للجيش الأوكراني على فيسبوك (4)
مناورات مشتركة بين القوات الأوكرانية والناتو استعدادا لأي غزو روسي (مواقع التواصل)

مخاوف الغزو والتوسع الروسي

يرى مسؤولون ومحللون أوكرانيون أن سر الاهتمام يكمن في زيادة القناعة بالحاجة إلى أوكرانيا بين دول الحلف "كحائط صد أول" في وجه "أطماع روسيا العدوانية التوسعية نحو استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي السابق" والتي تخيف البلدان المجاورة لأوكرانيا أكثر من غيرها، وعلى رأسها دول البلطيق الأعضاء في الحلف.

ولعل هذا سبب رئيس يفسّر تهديد ووعيد الحلف لموسكو، بعدم السكوت عن أي "غزو محتمل" يستهدف أوكرانيا، وبغض النظر عن حقيقة أنها ليست عضوة فيه.

يقول أوليكسي هاران مدير وكبير خبراء مركز "المبادرات الديمقراطية" في كييف، للجزيرة نت، إن الأزمة تجاوزت أبعادها الأوكرانية بالنسبة للناتو. فروسيا، التي كانت ومازالت تحذّر من خطر زحف الناتو صوب حدودها، أصبحت هي التي تشكّل تهديدا مباشرا لحدود غيرها، وخطرا على مصالح كثير من الدول في البحر الأسود.

أبواب الناتو لم تُفتح تماما

لكن سرعان ما خذلت التصريحات الأطلسية الأماني الأوكرانية، وتبيّن أن أبواب الانضمام انفرجت خطابيا، دون أن تفتح بعد، خاصة أن طالبت روسيا مؤخرا بضمانات أمنية لوقف التصعيد، وعلى رأسها منع ضم أوكرانيا إلى الناتو الذي وافق على مناقشة هذه الضمانات مع موسكو.

وهنا تبرز أسباب تفسر تراجع الناتو السريع، إن صح التعبير، أو العودة للتأني في تعامله مع قضية انضمام أوكرانيا، يجملها مدير مركز "التحليل السياسي" إيهور كوهوت، للجزيرة نت، في أن "الحلف منقسم إزاء ضم أوكرانيا ودعمها، وبعيدا عن حماسة الولايات المتحدة في هذا الإطار، تعارض ألمانيا ودول أخرى التقارب مع أوكرانيا حتى الآن، خشية الحرب والتداعيات".

أقرب من أي وقت مضى

ومع ذلك، يعتبر كثيرون أن أوكرانيا باتت عام 2021 أقرب إلى الحلف من أي وقت مضى، وأن هذا لا يعود فقط إلى الواقع الذي فرضته تهديدات الحشود الروسية.

في حديث سابق للجزيرة نت، قال الخبير العسكري فيكتور موجينكو "جيش أوكرانيا يضم اليوم نحو 250 ألف جندي، وميزانيته تبلغ نحو 6% من الناتج المحلي، أي أنه يضاهي بقدراته جيوشا أخرى في الحلف".

وكان مجلس "الناتو" منح، في يونيو/حزيران 2020، أوكرانيا صفة "شريك مُعزز الفرص" الأمر الذي اعُتبر قفزة نوعية، وتحولا في تعامل الحلف مع أوكرانيا، منذ أن بدأت المطالبة بعضويته أول مرة عام 2005.

أوليكسي هاران (الصور فيها من صفحة فريق زيلينسكي على فيسبوك )
سيناريوهات عدة للأزمة الأوكرانية عام 2022 يوضحها المحلل أوليكسي هاران (مواقع التواصل)

إلى 2022 وسيناريوهات مختلفة

وهكذا، ينتهي 2021 دون استجابة أطلسية تلبي مطالب أوكرانيا، وباستمرار حشود عسكرية روسية قريبة من حدودها، ليبدأ 2022 بمفاوضات بين الحلف وموسكو حول هذا الشأن.

ويطالب الرئيس الأوكراني الناتو بخارطة طريق واضحة للعضوية عام 2022، رافضا فكرة الانضمام "خلال 50 عاما" كما قال ساخرا قبل أيام.

وهنا، تقف أوكرانيا أمام عدة سيناريوهات في العام الجديد، يحددها هاران، بما يلي:

1. وصول روسيا إلى اتفاق صريح مع الحلف بمنع ضم أوكرانيا، كشرط لخفض حدة التصعيد الراهن، وهذا سيكون "خذلانا" وسببا لإحباط كبير بين الأوكرانيين، بحسب قوله.

2. تأجيل الضم والمماطلة في قضية الدعم، بالعودة إلى الخوض في عبارات الدعم السياسي والمطالبة بالإصلاحات، وانتظار وضوح موقف ونوايا روسيا في أوكرانيا.

3. الإسراع إلى دعم كييف بالسلاح، وبغض النظر عن فكرة ضمها حتى، لاسيما إذا ما كشفت الأيام عن نوايا عدوانية توسعية لدى روسيا، للسيطرة على مساحات جديدة في أوكرانيا.

ولكن، هاران لا يستبعد أن تقوم الولايات المتحدة منفردة بهذا الدور، إذا ما اشتدت ممانعة ألمانيا لعضوية ودعم أوكرانيا، وتمسّكت، إلى جانب فرنسا وتركيا ودول أخرى، برفض الحرب مع روسيا.

ويختم بالقول "عام 2022، على أوكرانيا أن تحصل من الناتو على ما يعزز أمنها وموقفها في مواجهة روسيا. وسيقف الحلف أمام خيارين: إما خسارة أوكرانيا كحليف مهم، أو تدارك أخطائه السابقة، بتغيير سياسة الاستهانة، والتعامل بمنطق جدّي موحّد مع خطورة وتداعيات الأزمة".

المصدر : الجزيرة