القصر والأعيان ورجال الأعمال.. تعرف على التجمع الوطني للأحرار الفائز بانتخابات المغرب

الرباط – تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الانتخابات النيابية في المغرب التي جرت أمس الأربعاء حيث حصل على 102 مقعد في مجلس النواب مما يخول له تشكيل أغلبية حكومية، وفق ما ينص عليه الدستور.

وتنص المادة 47 من الدستور المغربي على أنه "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها". وجرى العرف -منذ تعديل الدستور سنة 2011- على أن يعين الملك الأمين العام للحزب الفائز في منصب رئيس الحكومة.

وتأسس حزب التجمع الوطني للأحرار على يد أحمد عصمان الوزير الأول السابق وصهر الملك الراحل الحسن الثاني، ويصنف هذا الحزب -الذي يوصف بأنه موال للقصر- في اليمين. ويركز كما يصف نفسه على "الديمقراطية الاجتماعية" باعتبارها مرجعية سياسية وعلى العدالة الاجتماعية والتمكين للمواطن.

وأسس أحمد عصمان الحزب سنة 1978 عندما كان في منصب الوزير الأول تحت شعار "المغرب الجديد"، واستقطب الطبقة البرجوازية ورجال الأعمال والأعيان وكبار الموظفين للانضمام إلى حزبه، وحصل في أول انتخابات نيابية شارك فيها عام 1977 على 144 مقعدا من أصل 267.

قضى أحمد عصمان 7 سنوات في منصب الوزير الأول بين عامي 1972 و1979، وهي أطول مدة قضاها وزير في هذا المنصب، وظل على رأس قيادة الحزب لمدة 29 عاما، إلى أن نظم مؤتمره الوطني الرابع في مايو/أيار 2007، واختير مصطفى المنصوري رئيسا، بينما احتفظ أحمد عصمان بلقب "الرئيس الشرفي".

وشهد الحزب على مدار تاريخه الذي يمتد لنحو 4 عقود حركتين انشقاقيتين، الأولى عام 1981 عندما خرج محمد أرسلان الجديدي ليؤسس الحزب الوطني الديمقراطي، والثانية عندما انشق عبد الرحمن الكوهن، وهو أحد القيادات المؤسسة للتجمع، ليؤسس حزب الإصلاح والتنمية عام 2001 احتجاجا على أسلوب أحمد عصمان في إدارة الحزب.

قيادة مجموعة الثمانية

شارك الحزب منذ تأسيسه في حكومات ائتلافية متعددة، وعندما كانت التحالفات ترمي به خارج الحكومة كان أداؤه في البرلمان يتراوح بين المعارضة والمساندة النقدية للحكومة.

في سنة 2010، انتخب صلاح الدين مزوار -الذي كان اسما مغمورا في عالم السياسة- رئيسا للحزب بعد إطلاقه ما عرف بـ"الحركة التصحيحية" داخل التجمع التي أطاحت بالرئيس السابق مصطفى المنصوري.

وعقب احتجاجات حركة 20 فبراير/شباط عام 2011 المطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد، تزعم مزوار تيار مجموعة الثمانية (G8) وهو تحالف سياسي ضم 8 أحزاب سياسية التأمت لمواجهة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات النيابية المبكرة التي دعا إليها الملك محمد السادس بعد تعديلات دستورية.

وانتهت هذه الانتخابات بفوز كاسح لحزب العدالة والتنمية الذي شكل أول حكومة يقودها الإسلاميون في تاريخ المغرب، وشكلت فشلا ذريعا لمجموعة الثمانية وحزب التجمع الوطني للأحرار الذي لم يحصل على سوى 25 مقعدا في البرلمان، وقرر الاصطفاف في المعارضة.

وفي أغسطس/آب 2013، انضم حزب التجمع الوطني للأحرار للأغلبية الحكومية بعد انسحاب حزب الاستقلال وتوجهه إلى المعارضة.

مرحلة "البلوكاج"

حصل حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات النيابية الماضية (2016) على 37 مقعدا، ومباشرة بعد إعلان النتائج شكل تكتلا مع عدة أحزاب: الاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والحركة الشعبية.

وباسم هذا التكتل، فاوض رئيس التجمع الجديد عزيز أخنوش -الذي يشغل منصب وزير الزراعة منذ سنة 2007 إلى اليوم- عبد الإله بنكيران من أجل دخول هذا التكتل للحكومة وإقصاء حزب الاستقلال من المشاركة فيها.

تسببت شروط أخنوش في تعليق مفاوضات تشكيل الحكومة وهو ما أطلق عليه في المغرب "بلوكاج سياسي" (أي التعطيل والتأزيم) الذي استمر 5 أشهر، وأفضى إلى عزل رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران، وحينها كلف الملك سعد الدين العثماني الرجل الثاني في الحزب بتشكيل الحكومة وهو ما حدث وفق شروط التجمع الوطني للأحرار.

دينامية جديدة

في أكتوبر/تشرين الأول 2016، انتخب عزيز أخنوش رئيسا لحزب التجمع الوطني للأحرار، وكان انتخابه إيذانا ببداية فترة إعادة هيكلة الحزب وإرساء دينامية جديدة.

غير أن صورة الحزب ورئيسه سرعان ما تضررت خلال حملة المقاطعة التي شهدتها البلاد سنة 2018 وانطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي، وشملت 3 علامات تجارية ومن بينها محطات توزيع الوقود "أفريقيا" التي يملكها عزيز أخنوش.

وسلطت الحملة الضوء على ما يسمى "زواج المال والسلطة" وتضارب المصالح لدى شخصيات تتولى مناصب المسؤولية في الحكومة إلى جانب ممارستها أعمال تجارية واقتصادية.

وعزيز أخنوش من أغنياء البلاد، حيث صنفته مجلة فوربس لأثرياء العالم في 2021، ضمن قائمة ضمت 22 مليارديرا عربيا، وحل أخنوش في المرتبة 13 ضمن القائمة، بثروة بلغت 1.9 مليار دولار، وعلى المستوى الدولي، حل في المرتبة 1664 من بين أغنياء العالم.

وعمل عزيز أخنوش -الذي يوصف بأنه مقرب من القصر- خلال السنوات الأخيرة على ترميم صورة الحزب وأسس تنظيمات موازية وجمعيات ومنظمات وفروعا جديدة في مختلف الجهات والأقاليم.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أطلق برنامجا تواصليا أطلق عليه اسم "100 يوم 100 مدينة" جالت في تلك الفترة قيادات الحزب مدن المغرب المتوسطة والصغرى في لقاءات تواصلية مباشرة مع السكان حيث تم الاستماع لهمومهم ومقترحاتهم وأفكارهم، تمهيدا للانتخابات النيابية والبلدية.

المصدر : الجزيرة