قراءة في التشكيلة الوزارية التي أعلنتها حركة طالبان

Taliban spokesperson Zabihullah Mujahid holds press conference​​​​​​​
التشكيلة الوزارية التي أعلنتها حركة طالبان لا تضم أي شخصية من خارج الحركة وجميع أعضائها من داخلها (الأناضول)

كابل- بعد 3 أسابيع من سيطرتها على العاصمة الأفغانية كابل، أعلنت حركة طالبان مساء اليوم حكومتها التي تضم قائمة من 33 شخصا، فيها أسماء رئيس الوزراء ونائبيه والوزراء ورؤساء بعض الإدارات المستقلة.

وجاء في البيان الموجز الصادر من حركة طالبان -وقرأه المتحدث الرسمي باسم الحركة ذبيح الله مجاهد- "إن الإمارة الإسلامية قررت تعيين حكومة تصريف أعمال". ولم يذكر البيان شيئا عن مدة عمل الحكومة المعلنة، كما لم يشر إلى موعد إعلان الحكومة الدائمة.

وكان المسؤولون في طالبان يؤكدون في أحاديثهم عقب سقوط النظام السابق وسيطرة الحركة على كافة الأراضي الأفغانية أن الحكومة التي يريدون تشكيلها ستكون شاملة لجميع أطياف الشعب الأفغاني وممثلة له.

وخلافا لهذه التأكيدات والتوقعات الداخلية والخارجية، فإن التشكيلة الوزارية التي أعلنتها حركة طالبان لا تضم أي شخصية من خارج الحركة، وإنما جميع أعضائها من داخلها.

قيادة طالبان

ويتولى أهم الشخصيات القيادية في الحركة مناصب مهمة في التشكيلة الوزارية المعلنة؛ فالملا محمد حسن آخند سيتولى منصب رئاسة الوزراء، وسيكون كل من الملا عبد الغني برادر والمولوي عبد السلام حنفي نائبين لرئيس الوزراء.

في حين تولى المولوي محمد يعقوب -نجل الملا محمد عمر مؤسس الحركة وزعيمها الأول- وزارة الدفاع، والملا سراج الدين حقاني -نجل المولوي جلال الدين حقاني- تولى وزارة الداخلية، والمولوي أمير خان متقي سيشغل وزارة الخارجية.

ورغم أن التوقعات كانت أن يعين الملا برادر رئيسا للحكومة، ولكن برز اسم الملا محمد حسن في الأيام الأخيرة، وعُين رئيسا للحكومة. وسبق للملا محمد حسن تولي منصب وزير الخارجية ومنصب رئيس الوزراء في الحكومة السابقة لحركة طالبان قبل 20 سنة.

ومن الملفت للنظر في التشكيلة الجديدة أن المولوي أميرخان متقي -وهو من الوجوه الإعلامية في قيادات حركة طالبان- عُين وزيرا للخارجية، وكان وزيرا للإعلام في حكومة طالبان الأولى.

ويبدو أن حكومة حركة طالبان تضم أغلب قيادات الحركة السياسية والعسكرية؛ ففي المجال السياسي الملا برادر والمولوي أمير خان متقي والمولوي عبد السلام حنفي وشير عباس إستانكزي نائب وزير الخارجية.

أما في المجال العسكري فأبرزها المولوي محمد يعقوب وزير الدفاع والملا سراج الدين حقاني وزير الداخلية والمولوي فصيح الدين رئيس قيادة أركان الجيش.

عرقية البشتون

ومن سمات التشكيلة الوزارية المعلنة أن الأغلبية العظمى من أعضائها من عرقية البشتون؛ فعلى سبيل المثال رئيس الوزراء المولوي محمد حسن ونائبه الملا عبد الغني برادر ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والإعلام والكهرباء والمياه والتعليم العالي وشؤون المهاجرين ورئيس جهاز الاستخبارات ورئيس البنك المركزي كلهم من البشتون.

ومن الملفت للنظر أيضا أن جميع الأسماء المعلنة باستثناء شير محمد إستانكزي من دارسي العلوم الشرعية في المدارس والمعاهد الدينية التقليدية؛ فبعضهم يحملون لقب الملا، وبعضهم يحملون لقب المولوي، ولا يوجد في الحكومة الجديدة أي شخص من التخصصات العلمية الأخرى.

كما أن التشكيلة الوزارية تفتقر إلى حملة الشهادات العلمية كالدكتوراه والماجستير في التخصصات الشرعية من الجامعات الإسلامية العصرية، مثل الأزهر وغيرها.

ويظهر أن الحكومة الجديدة لا تضم أي عضو من عرقيات التركمان والهزارة والعرب والبلوش، كما ليس فيها أي عضو من المنتمين للمذهب الشيعي.

وأضافت حركة طالبان في الحكومة وزارة جديدة سمتها "وزارة الدعوة والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وشغل حقيبتها شخص غير مشهور باسم الشيخ محمد خالد.

التوزيع الجغرافي

من ناحية التوزيع الجغرافي؛ فإن لمناطق الجنوب مثل ولايات قندهار وهلمند نصيب الأسد في التشكيلة الوزارية الجديدة ومناصبها المهمة؛ فعلى سبيل المثال كل من المولوي محمد حسن رئيس الوزراء، والملا عبد الغني برادر نائب رئيس الوزراء والمولوي محمد يعقوب وزير الدفاع من ولاية قندهار.

وتأتي ولايات خوست وبكتيا في الدرجة الثانية؛ فشخصيات مهمة في الحكومة مثل الملا سراج الدين حقاني وزير الداخلية وعمه الحاج خليل الرحمن حقاني وزير شؤون المهاجرين والملا عبد اللطيف منصور وزير الكهرباء والمياه من ولايتي بكتيا وخوست.

ولا تشتمل الحكومة الجديدة على وزارة للمرأة كما كانت الحال في الحكومات بعد الغزو الأميركي لأفغانستان خلال السنوات العشرين الماضية، كما لا تشتمل الحكومة على أية شخصية من ذوي المناصب في الحكومات السابقة.

ومما يلفت النظر أن حركة طالبان لم تعلن مرجعية أعلى تكون فوق الحكومة، كما لم تعلن عن تشكيل مجلس أو هيئة تساعد الحكومة وتقدم لها المشورة.

كما أن غياب شخصيات قيادية مهمة في زعامة حركة طالبان من ذوي الخبرة مثل المولوي شهاب الدين دلاور السفير السابق لحكومة طالبان في باكستان ثم السعودية والملا عبد السلام ضعيف السفير الأفغاني السابق في باكستان مثير للانتباه.

هذا ولم يتم الإعلان في التشكيلة الجديدة عن أسماء رئيس المحكمة العليا والنائب العام.

ويرى المراقبون أن التشكيلة الوزارية المعلنة لا ترتقي إلى مستوى التوقعات والطموح في الداخل، كما قد لا تلقى ترحيبا في الخارج، ومن الصعب أن تتمكن من مواجهة التحديات والأزمات التي تواجهها أفغانستان في الظروف الراهنة.

المصدر : الجزيرة