تونس.. الرئيس سعيّد يكلف نجلاء بودن بتشكيل حكومة ونواب النهضة يطالبون الغنوشي بخطوة حاسمة

كلّف الرئيس التونسي قيس سعيّد -اليوم الأربعاء- السيدة نجلاء بودن بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك استنادا إلى أوامره الرئاسية الأخيرة، في وقت دعت فيه كتلة "النهضة" البرلمانية رئيس الحركة راشد الغنوشي لاتخاذ الإجراءات الضرورية لعودة البرلمان إلى العمل.

ولم تحدد الرئاسة التونسية آجال تشكيل الحكومة، مكتفية بالإشارة إلى أنها ستكون في أقرب وقت ممكن.

ونجلاء بودن (63 عاما) أستاذة تعليم عال في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس مختصّة في علوم الجيولوجيا، وتتابع حاليا خطّة لتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وقال الرئيس سعيد -في خطاب تكليف نجلاء بودن- إنه يتعين الإسراع في اقتراح أعضاء الحكومة، معتبرا أن تونس أضاعت وقتا كثيرا.

وأشار إلى أن تعيين امرأة رئيسة للوزراء هو تكريم وشرف للمرأة التونسية، وهو أمر تاريخي يحصل لأول مرة في تونس. وطالب أن تكون مقاومة الفساد أولوية الحكومة التي ستواصل عملها حتى نهاية التدابير الاستثنائية التي أقرها قبل شهرين.

وقال مراسل الجزيرة سيف الدين بوعلاق إن تكليف الرئيس سعيد لنجلاء بودن الأستاذة الجامعية والمسؤولة في وزارة التعليم العالي جاء بعد انقضاء شهرين من الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها، وهو ما عده كثيرون قرارا متأخرا.

وأشار المراسل إلى أن تكليف سعيّد جاء بعد مطالبات من عدة أحزاب ومنظمات، وعلى رأسها الاتحاد التونسي للشغل ومنظمة "الأعراف" للإسراع بتشكيل حكومة بعد القرارات الرئاسية الصادرة في 25 يوليو/تموز الماضي، التي تضمنت إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتعليق عمل البرلمان، وإجراءات أخرى، ومن دون تشكيل حكومة تدير الشأن العام.

وأوضح المراسل أن هناك عدة انتقادات موجهة لرئيسة الحكومة المكلفة، وتتعلق بطبيعة الشخصية، وغياب التجربة في إدارة مؤسسات الدولة أو نشاط حزبي أو سياسي مستقل، وكذلك طبيعة الصلاحيات الممنوحة لها.

اتصال مع ميركل

في سياق متصل، جدد الرئيس سعيّد -خلال اتصال هاتفي بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل- عزمه على المضيّ قدما في تطبيق القانون وفرض احترامه على الجميع، وفق ما جاء في بيان للرئاسة التونسية.

وتناولت المكالمة أيضا الإجراءات التي يعتزم سعيّد اتخاذها حتى تكون المرحلة المقبلة مرحلة تقوم على القانون المعبّر عن الإرادة الشعبية، وفق تعبير البيان.

من جانب آخر، نقلت وكالة رويترز عن ميركل تأكيدها للرئيس التونسي أهمية المكتسبات الديمقراطية لاستقرار البلاد.

مواقف حذرة

وفي ردود الأفعال الأولية على تكليف الرئيس سعيّد لبودن بتشكيل الحكومة، دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، إلى العمل المشترك للخروج من الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد.

وقال الطبوبي خلال اجتماع نقابي إن الاتحاد سيواصل النضال السلمي من أجل تعديل بوصلة الخيارات الوطنية، وفق تعبيره، وأضاف أن عهد الخوف والسكوت قد مضى مؤكدا على أن الجميع شركاء في الوطن.

واعتبر القيادي بحزب "تحيا تونس" وليد جلاد أن تكليف امرأة بتشكيل حكومة أمر مهم على المستوى الرمزي -وفق تعبيره- مستدركا أن الأهم هو أن يكون لديها برنامج اقتصادي واجتماعي لإنقاذ تونس من الأزمة التي تواجهها.

وقال جلاد -في تصريح لإذاعة محلية- إن استناد رئيس الجمهورية قيس سعيد في قرار التكليف إلى الأمر رقم 117 المتعلق بالإجراءات الاستثنائية يطرح إشكالا بخصوص مسألة الشرعية، وفق تعبيره.

دعوة النهضة

وقالت الكتلة البرلمانية لحزب النهضة التونسي إنها دعت رئيس البرلمان ومكتبه للانعقاد من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية لعودة المؤسسة البرلمانية للعمل، تطبيقا لأحكام الدستور ونظامها الداخلي.

وفي بيان صادر عنها، أوضحت الكتلة أن دعوتها جاءت عقب اجتماع أعضائها صباح اليوم الأربعاء، حيث اعتبر القرار الرئاسي رقم 117 "تعطيلاً فعليا لدستور الجمهوريّة التونسيّة، ونزوعا بيّنًا نحو الحكم الاستبدادي المطلق، وانقلابا مكتمل الأركان على الشرعية الدستورية وعلى المسار الديمقراطي".

كما عبّرت عن رفضها من ناحية مبدئية تجميع كلّ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بيد شخص واحد، واستغلال ذلك لفرض خيارات بعينها.

في سياق متصل، قال أسامة الخليفي رئيس كتلة حزب "قلب تونس" الثانية في البرلمان -في تدوينة- "أتمنى أن تنال السيدة بودن ثقة البرلمان بعد تشكيل حكومتها كما ينص على ذلك الفصل 89 من الدستور، كي تصبح حكومتها شرعية".

ومنذ 25 يوليو/تموز الماضي، اتخذ سعيّد سلسة إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن النواب، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة.

وترفض أغلب الأحزاب القرارات الاستثنائية، ويعدّها البعض "انقلابا على الدستور"، في حين تؤيدها أحزاب أخرى ترى فيها "تصحيحا للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).

وفي أكثر من مناسبة، قال سعيّد إنه لا ينوي إرساء نظام دكتاتوري ولا المس بالحقوق والحريات، وإنما يرمي إلى إصلاح الأوضاع بعد أن تثبّت من وجود خطر داهم يهدد الدولة التونسية، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة + وكالات