في انتظار القمة الروسية التركية.. إدلب أمام تصعيد خطير أم استقرار ميداني؟

يُعتقد أن القمة الروسية التركية ستكون مهمة بالنسبة للوضع العسكري والسياسي في سوريا، ولا يمكن فصلها عن الحراك الدبلوماسي الذي بدأ بزيارة العاهل الأردني عبد الله الثاني إلى روسيا، وكذلك الاجتماعات الروسية الأميركية حول الوضع في سوريا.

صور تظهر آثار الدمار جراء قصف قوات النظام منطقة جبل الزواية و أخرى من أرشيف الجزيرة تظهر عربات وجنود للقوات التركية إلى جانب طريق باب الهوى عام ٢٠١٩
صورة أرشيفية تظهر عربات وجنود من القوات التركية في طريق باب الهوى القريب من إدلب شمالي غرب سوريا ( الجزيرة)

إدلب- اعتاد سكان محافظة إدلب (شمالي غرب سوريا) على مشاهدة الأرتال العسكرية التركية تتحرك جيئة وذهابا على طريق باب الهوى لتدخل إلى تركيا ثم تعود بتعزيزات إضافية إلى قواعدها المنتشرة في جبل الزاوية جنوبا.

وتتزامن التعزيزات العسكرية التركية مع التصعيد العسكري الذي تشهده إدلب منذ أكثر من شهرين، وتتصاعد حدته قبيل انعقاد القمة الروسية التركية في موسكو، التي يتوقع أن ينضم إليها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، نهاية الشهر الجاري.

وفي الأسابيع الأخيرة، لجأت قوات النظام السوري إلى قصف مدفعي استهدف جبل الزواية، والمناطق المتاخمة لنطاق سيطرتها في ريف حلب الغربي. كما استهدف الضربات الروسية بشكل مكثف، مواقع لقوات المعارضة، بالمقاتلات الحربية في جبل الزاوية أيضا، وفي عمق محافظة إدلب.

صور تظهر آثار الدمار جراء قصف قوات النظام منطقة جبل الزواية و أخرى من أرشيف الجزيرة تظهر عربات وجنود للقوات التركية إلى جانب طريق باب الهوى عام ٢٠١٩
صور تظهر آثار الدمار جراء قصف قوات النظام منطقة جبل الزواية جنوب إدلب (الجزيرة)

سياسة القضم

وفتح هذا التصعيد الباب أمام تساؤلات حول نية قوات النظام -مدعومة من روسيا- قضم منطقة جديدة من إدلب كما جرت العادة منذ عام 2018. حيث تشرع قوات النظام بعمليات عسكرية بعد غارات روسية مكثفة تفضي أخيرا إلى السيطرة على مناطق واسعة من إدلب، وما يتصل بها من أرياف من محافظات حماة وحلب.

لكن سياسة القضم تلك وصلت مرحلة "بالغة الخطورة" بالنسبة للمعارضة؛ فبحسب قيادي فيها -فضل عدم الكشف عن اسمه- فإنها لن تقبل بأي حال من الأحوال بخسارة جبل الزاوية وقمة جبل الأربعين التي تتصل معه جغرافيا، وفق تعبيره، لما لها من أهمية إستراتيجية تهدد وجود المعارضة والثورة السورية ككل في مدينة إدلب، ومناطق واسعة من شمالي غرب سوريا.

وأضاف القيادي أن الجانب التركي أبلغهم أن أنقرة ردت على طلب موسكو بفتح الطريق الدولي بين اللاذقية وحلب المعروف بطريق "إم 4" (M4)"، بمطالبة روسيا بالعودة إلى اتفاق "سوتشي" لعام 2018، الذي يضمن عودة النازحين إلى المناطق التي خسرتها المعارضة حول الطريق الدولي بين دمشق وحلب والمعروف بطريق "إم 5" (M5).

ترجيح اتفاق جديد

وبالنسبة للوقائع على الأرض، فإنها لا تشير إلى أي عملية عسكرية كبيرة قادمة، كما يرى كمال عبدو عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال بإدلب.

ويقول عبدو -في حديث للجزيرة نت- إن الوضع الميداني بإدلب يكشف أن التفاهمات بين أنقرة وموسكو وصلت إلى طريق مسدود، مرجحا أن يتوصل الطرفان لاتفاق جديد، وأن تحاول موسكو الضغط عن طريق القصف لتحصيل مكاسب أكبر خلال هذا الاتفاق .

وباعتقاد الخبير السياسي، فإن المعركة القادمة إن وقعت في ادلب، لن يقدر أحد على توقع نتائجها وتبعاتها التي قد لا تتوقف ضمن الحدود السورية، وذلك بالنظر إلى أن الجانب التركي قد زجّ بقوات قتالية ضخمة جنوب إدلب.

دمار كبير بمنزل خلفه قصف قوات النظام السوري على قرى بريف إدلب في يوليو/تموز الماضي (الفرنسية)

حراك وترتيبات سياسية

وحول القمة الروسية التركية المرتقبة، قال الباحث الأكاديمي عبادة التامر إن هذه القمة "ستكون مهمة جدا بالنسبة للوضع العسكري والسياسي في سوريا، ولا يمكن فصلها عن الحراك الدبلوماسي حول سوريا، الذي بدأ بزيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى روسيا والاجتماعات الروسية الأميركية".

وتوقع التامر من مخرجات القمة، أن تثبّت الوضع الميداني في إدلب، مقابل ترتيبات سياسية في سوريا، أو في بقية الملفات بين الجانبين، أو أن يستمر التصعيد العسكري الذي سيتحول إلى مواجهة شبه مباشرة، بما يعنيه ذلك من الدخول في نفق ضيق من العلاقات الروسية والتركية، بحسب تعبيره .

ويقدّر التامر أن التوصل لتفاهم شامل بين الأطراف الفاعلة في سوريا سيكون بطيئا، وسيحتاج إلى وقت طويل، بسبب تداخل الملفات وتعقيدها ونقص الثقة بين الأطراف المتنازعة.

المصدر : الجزيرة