دفعت عشرات الملايين لصحف كبرى.. بايدن يواجه الصين وقادة كونغرس سابقون يعملون لصالحها

قادة بارزون واجهوا الصين في الكونغرس وعملوا لصالحها بعد نهاية خدمتهم (غيتي)

واشنطن – لم يمنع التنافس الحاد بين الولايات المتحدة والصين قيام عدد من قادة الكونغرس السابقين بالعمل ضمن شركات لوبي كبرى لخدمة المصالح الصينية، والضغط على زملاء سابقين لهم لتبني تشريعات لا تعادي الصين، حيث رصدت الجزيرة نت 26 شركة تخدم الصين حاليا طبقا لسجلات وزارة العدل الأميركية.

ويؤكد البيت الأبيض أن علاقة واشنطن مع الصين ليست علاقة صراع بل منافسة، وأن الرئيس جو بايدن لا يسعى إلى خوض حرب باردة جديدة مع أي بلد كان، لكن التطورات الجيوإستراتيجية الأخيرة -خاصة في ما يتعلق بصفقة الغواصات الأسترالية واستضافة واشنطن قمة رباعية تجمع جيران الصين- تشير إلى غير ذلك.

ويعد التشدد تجاه العلاقات مع الصين إحدى القضايا القليلة التي يتفق عليها سياسيو الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة، خاصة منذ وصول الرئيس شي جين بينغ للحكم، حيث تعمل بكين على تطوير قدرات عسكرية متقدمة تكنولوجيا في مختلف المجالات.

ولم تمنع التهديدات الصينية للريادة الأميركية من وجود كبير لشركات لوبي وشركات علاقات عامة تخدم المصالح الصينية في واشنطن وتحاول التأثير على قرارات الحكومة الأميركية بما يضع المصلحة الصينية في الاعتبار، وذلك بطرق مختلفة مباشرة وغير مباشرة.

أعضاء كونغرس في خدمة الصين

خلال فترة خدمتهم بالكونغرس تبنى عدد من المشرعين السابقين مواقف متشددة من الصين، إلا أنهم سرعان ما غيروا قناعاتهم وبدؤوا في العمل ضمن شركات ضغط وعلاقات عامة، لخدمة المصالح الصينية بعد خروجهم من الكونغرس.

ويجيء على رأس هؤلاء المشرعين إد رويس النائب الجمهوري السابق عن ولاية كاليفورنيا، والنائب الجمهوري ديفيد فيتر من ولاية لويزيانا، والسيناتور ترينت لوت من ولاية مسيسيبي، والسيناتورة الديمقراطية باربرا بوكسر من ولاية كاليفورنيا.

وخلال سنوات خدمتهم الطويلة بمجلسي الكونغرس عرف عن الأعضاء الأربعة الوقوف في وجه الصين وتبني تشريعات متشددة تجاهها، سواء في القضايا الثنائية، أو في القضايا الدولية المتعلقة مثل حق الملاحة في بحر جنوب الصين أو سجلات حقوق الإنسان.

وكرئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب وقع النائب رويس على العديد من مشاريع القوانين التي تشددت مع الصين بسبب قضايا حقوق الإنسان، وذلك على الرغم من إصراره في عام 2007 على أن حقوق الإنسان يجب ألا تعرقل دفء العلاقات التجارية والدبلوماسية مع فيتنام الدولة الشيوعية.

بدوره، تبنى النائب فيتر مشروع قانون عام 2015 طالب فيه إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بأخذ الحرية الدينية في الاعتبار عند التفاوض على اتفاقيات تجارية مع الصين.

وكزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ عام 2000 عرقل السيناتور لوت تشريعا لتوسيع العلاقات التجارية مع الصين بسبب المخاوف المتعلقة بمبيعات أسلحتها إلى باكستان ودول أخرى.

واليوم، يشترك مسؤولو الكونغرس في تمثيل شركات صينية تتهم من الحكومة الأميركية بتهديد الأمن القومي للولايات المتحدة.

وتظهر بيانات وزارة العدل أن 12 عضوا سابقا في الكونغرس عملوا لصالح شركات صينية أو جماعات ضغط تابعة لها.

بايدن قال إن بلاده لا تخوض حربا باردة مع الصين لكن صفقة الغواصات مع أستراليا وقمة جيران الصين تشير إلى غير ذلك (وكالة الأنباء الأوروبية)

عملاء في عهد ترامب

وارتفع عدد العملاء المسجلين حاليا لصالح الصين مع تصاعد الضغوط على الشركات الصينية في السنوات الأخيرة -خاصة خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب- بسبب التركيز على التهديدات الصينية المتزايدة، واتفاق الحزبين الجمهوري والديمقراطي على اتخاذ مواقف متشددة من الصين، خصوصا عقب تفشي وانتشار جائحة كورونا.

ولم تتوقف الجهود الصينية لتوظيف المزيد من أعضاء الكونغرس السابقين بعد وصول جو بايدن للبيت الأبيض، حيث لم تظهر أي علامة على أي تحول سريع في ظل إدارة بايدن.

وتسببت ظاهرة "الباب الدوار" -حيث يعمل مسؤولون سابقون في شركات لوبي ويضغطون على زملاء سابقين لهم- في إثارة غضب الصقور المعادين للصين داخل وخارج الكونغرس.

وقال كريغ سينغلتون -وهو مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي وباحث حاليا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن- "قد يكون بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي الكثير من الخلافات هذه الأيام، ولكن هناك قضية رئيسية واحدة يتحالف فيها الحزبان، وهي مواجهة الممارسات التجارية الخاطئة وانتهاكات حقوق الإنسان في الصين".

ويتابع "من المخيب للآمال أن نرى أعضاء سابقين يحظون باحترام كبير في الكونغرس يمثلون شركات متهمة بالانخراط في انتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الانتهاكات، إلا أنهم يمثلون مجموعة صغيرة جدا من السياسيين المستعدين للتغاضي عن سلوك الصين الخبيث".

وفاجأت السيناتورة باربرا بوكسر الكثيرين في وقت سابق هذا العام بالتسجيل كعميلة أجنبية لصالح شركة "هيكفيجن" (Hikvision) المتخصصة في المراقبة بالفيديو، وتُتهم بشكل خاص بمساعدة الحكومة الصينية على تنفيذ انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الإيغور في إقليم شينجيانغ، وذلك مقابل 125 ألف دولار شهريا للشركة التي تعمل فيها.

وبعد حملة قوية لإدانة الشركة وفضح سجلاتها ودورها وعلاقتها بالحزب الشيوعي الصيني اضطرت السيناتورة بوكسر للتخلي عن تمثيل الشركة الصينية في يناير/كانون الثاني الماضي.

لوبيات صينية

من ناحية أخرى، حذر وزير العدل السابق بيل بار قبل عام العديد من الشركات الأميركية من أن وزارة العدل ستعاملها كعملاء صينيين رسميين بموجب القانون الأميركي في حال ممارستها ضغوطا من أجل تمرير تشريعات وسياسات تخدم مصالحهم التجارية وتفضلها الصين.

وقال بار "لطالما استخدم الحزب الشيوعي الصيني آلية التهديدات العلنية بالانتقام ومنع الوصول إلى الأسواق لممارسة النفوذ على الشركات الأميركية، ولكن في الآونة الأخيرة كثف الحزب الشيوعي الصيني أيضا جهوده وراء الكواليس لدفع وإجبار مديري الشركات الأميركيين على تعزيز أهدافه السياسية، وهي جهود أكثر ضررا لأنها مخفية إلى حد كبير عن الرأي العام".

وخص بار شركات التكنولوجيا، كما اتهم هوليود بالرقابة على النصوص لضمان عدم إغضاب الصين، لضمان الوصول إلى شباك التذاكر الصيني الضخم، وحذر من زيادة النفوذ الصيني على الجامعات الأميركية.

كذلك أنفقت الحكومة الصينية أكثر من 10 ملايين دولار لإيصال وجهة نظرها إلى قراء الصحف الأميركية وفق ما كشفته ملفات وزارة العدل أفرجت عنها حديثا.

كما اشترت شركة التوزيع اليومي الصينية، وهي الناشر الرسمي للطبعة العالمية من صحيفة الحزب الشيوعي الصيني باللغة الإنجليزية "تشاينا ديلي" (China Daily).

وكشفت وزارة العدل عن دفع الشركة الصينية لصحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) 5.3 ملايين دولار، وصحيفة "واشنطن بوست" (The Washington Post) 4.6 ملايين دولار منذ عام 2016 "كنفقات إعلان".

كما أنفقت الشركة الصينية مئات الآلاف من الدولارات على الطباعة عند صحف شهيرة مثل "لوس أنجلوس تايمز" (Los Angeles Times) و"سياتل تايمز" (The Seattle Times) و"شيكاغو تريبيون" (Chicago Tribune)، و"أتلانتا جورنال كونستيتيوشن" (The Atlanta Journal Constitution)، و"هيوستن كرونيكل" (Houston Chronicle)، و"بوسطن غلوب" (The Boston Globe).

المصدر : الجزيرة