عودة الزخم إلى أزمة سد النهضة.. السيسي يؤكد أنها تهدد استقرار المنطقة

وزير الري المصري محمد عبد العاطي، في أثناء إلقاء كلمته بالمنتدى العربي الخامس للمياه (الصحافة المصرية)

القاهرة – بعد شهرين من توقف المفاوضات، في أعقاب إعلان إثيوبيا انتهاء الملء الثاني لسد النهضة، يبدو أن البيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الأمن الدولي بشأن السد قد أعطى مصر دفعة لمواصلة نشاطها الدولي، لدعم موقفها مع السودان في مواجهة ما تسميه "التعنت الإثيوبي" في الوصول إلى اتفاق نهائي وملزم حول سد النهضة.

فقد شهد أمس الثلاثاء، حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الري والموارد المائية، محمد عبد العاطي، عن قضية سد النهضة وأهمية الوصول إلى قرار ملزم بشأن السد، وذلك أمام كل من الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمنتدى العربي الخامس للمياه، استمرارا لجهود حشد المواقف الدولية المساندة لمصر والسودان في أزمة السد الإثيوبي.

واعتمد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، بيانا رئاسيا يحث مصر وإثيوبيا والسودان على استئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة، وفي حين اعتبرت أديس أبابا البيان غير ملزم، طالبتها القاهرة والخرطوم بالإرادة السياسية الجادة لإنجاح الوساطة الأفريقية.

تهديد الأمن والاستقرار

من جهته، قال الرئيس المصري إن نهر النيل هو شريان الوجود الوحيد لمصر، وإن سياسة فرض الأمر الواقع بشأن أزمة سد النهضة باتت تنذر بتهديد واسع لأمن واستقرار المنطقة بأكملها.

وأوضح السيسي -خلال الكلمة التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة- أمس الثلاثاء أن كون نهر النيل يشكل شريان وجود مصر الوحيد عبر التاريخ يفسر القلق العارم الذي يعتري المواطن المصري إزاء سد النهضة الإثيوبي.

وشدد الرئيس المصري على أن "ما آلت إليه المفاوضات الدائرة منذ عقد من الزمن بين مصر وإثيوبيا والسودان جراء تعنت معلوم، ورفض غير مبرر، للتعاطي بإيجابية مع العملية التفاوضية في مراحلها المتعاقبة، واختيار المنهج الأحادي وسياسة فرض الأمر الواقع، بات ينذر بتهديد واسع لأمن واستقرار المنطقة بأكملها".

ولفت السيسي إلى أن مصر لجأت إلى مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته في هذا الملف ودعم وتعزيز جهود الوساطة الأفريقية، عن طريق دور فاعل للمراقبين من الأمم المتحدة والدول الصديقة، تداركا لعدم تطور الأمر إلى تهديد للسلم والأمن الدوليين.

وفي الوقت نفسه، أكد السيسي أن بلاده لا تزال تتمسك بالتوصل -في أسرع وقت ممكن- إلى اتفاق شامل متوازن وملزم قانونا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي حفاظا على وجود 150 مليون مواطن مصري وسوداني وتلافيا لإلحاق أضرار جسيمة بمقدرات شعبي البلدين.

الإجراءات الأحادية تزيد الوضع تعقيدا

وفي محفل دولي آخر، أكد وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، أن الإجراءات الأحادية والمعلومات الخاطئة من شأنها أن تزيد الوضع تعقيدًا، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن الملء والتشغيل يمكن أن يمهد الطريق للتكامل الاقتصادي والتنمية الشاملة لكل الدول، وبما يحقق أهداف التنمية بالدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا).

وقال عبد العاطي، في كلمته بالمنتدى العربي الخامس للمياه، أمس الثلاثاء، إن مصر انخرطت -لمدة عقد كامل وبإرادة سياسية قوية- في مفاوضات جادة بحسن نية أملاً في الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء السد الإثيوبي وتشغيله، إلا أن الطرف الآخر لم تكن لديه الإرادة السياسية الكافية والنية الصادقة للوصول إلى مثل هذا الاتفاق.

وأوضح الوزير أن مصر عرضت -خلال المفاوضات- العديد من سيناريوهات الملء والتشغيل التي تتعامل مع كل الظروف الهيدرولوجية للنهر، بدءا من تعيين استشاري دولي، ثم الآلية التساعية، ثم مسار واشنطن، وصولا إلى مسار الاتحاد الأفريقي، وبما يضمن لإثيوبيا توليد وإنتاج ما يقرب من 85% من الطاقة الكهربائية المطلوبة، وذلك خلال أقصى فترات الجفاف.

وشدد عبد العاطي على ضرورة التعاون في مشروعات السدود المنشأة على الأنهار الدولية وتشابكها مع التغيرات المناخية، وأهمية التعامل بجدية مع أي إجراءات أحادية تسهم في تفاقم تبعات تغير المناخ على مستوى أحواض الأنهار المشتركة، وفي مقدمتها إقامة السدود على الأنهار الدولية من دون الأخذ في الاعتبار شواغل دول المصب.

سامح شكري على الخط

وزير الخارجية المصري سامح شكري أيضا شارك في النشاط الدولي المصري بملف أزمة سد النهضة، وناقش القضية خلال لقائه، أمس الثلاثاء، مع الممثل الأعلى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، على هامش مشاركتهما في الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.

وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير أحمد حافظ، بأن لقاء شكري وبوريل تطرق إلى مجمل الملفات الإقليمية والدولية التي تمثل أولويات لكل من مصر والاتحاد الأوروبي، لا سيما ما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، وملف سد النهضة.

كما حرص شكري خلال الاجتماع الوزاري التشاوري السنوي لمجلس جامعة الدول العربية المنعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاثنين الماضي، على الإشادة بجهود تونس ونجاحها في استصدار بيان رئاسي لمجلس الأمن خاص بسدّ النهضة، من شأنه الإسهام في جهود التوصل إلى حل سلمي عادل يراعي مصالح كل من مصر والسودان وإثيوبيا.

وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر المفاوضات بشأن السد التي يرعاها الاتحاد الأفريقي منذ شهور، ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات، بسبب خلافات حول ملء السد وتشغيله.

وتقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، بل تهدف فقط إلى توليد الكهرباء من السد لأغراض التنمية، في حين تدعو القاهرة والخرطوم إلى إبرام اتفاق ثلاثي ملزم قانونا، للحفاظ على منشآتهما المائية، واستمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه النيل.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة