بعد مكالمته مع بايدن.. ماكرون يقرر عودة السفير الفرنسي إلى واشنطن

محادثة هاتفية بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) والأميركي جو بايدن بهدف احتواء أزمة الغواصات (رويترز)

قررت فرنسا إعادة سفيرها إلى واشنطن، وذلك بعد أيام من استدعائه احتجاجا على الموقف الأميركي في موضوع صفقة الغواصات.

جاء ذلك في أعقاب محادثة هاتفية بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن بهدف احتواء الأزمة التي تضرب العلاقة بين البلدين منذ إعلان أستراليا انسحابها من صفقة لشراء غواصات فرنسية لصالح صفقة جديدة مع الولايات المتحدة وبريطانيا.

وقال بيان قصر الإليزيه إن الرئيسين ماكرون وبايدن اتفقا على أن المشاورات المفتوحة بين الحلفاء كان من الممكن أن تحول دون حدوث هذه الأزمة، وأضاف البيان أن بايدن أعرب عن التزامه الدائم بهذا الأمر.

وذكر البيان أن الرئيسين قررا إطلاق مشاورات معمقة تهدف إلى تهيئة الظروف التي تضمن تحقيق الثقة واقتراح إجراءات ملموسة لتحقيق الأهداف المشتركة، مشيرا إلى أنهما سيلتقيان نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل في أوروبا للتوصل إلى نقاط اتفاق، بغية الحفاظ على دينامية هذا المسار.

ووفق بيان الإليزيه، فقد جددت الولايات المتحدة تأكيدها أن مشاركة فرنسا والاتحاد الأوروبي في المحيطين الهندي والهادي تكتسي أهمية إستراتيجية، وأكدت أنها تدرك أن ثمة حاجة إلى أن يكون الدفاع الأوروبي أقوى وأكثر كفاءة، ويسهم بشكل إيجابي في الأمن العالمي، وأن يكمل دور حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة تتعهد أيضا بتعزيز دعمها لعمليات مكافحة الإرهاب التي تقودها الدول الأوروبية في منطقة الساحل، ضمن حربها المشتركة ضد الإرهاب.

وقالت أستراليا الأسبوع الماضي إنها ستلغي طلبية للحصول على غواصات تقليدية من فرنسا، وإنها تبني 8 غواصات -على الأقل- تعمل بالطاقة النووية بتكنولوجيا أميركية وبريطانية بموجب شراكة أمنية جديدة تسمى "أوكوس" (AUKUS).

وأثار إلغاء الصفقة غضب فرنسا التي اتهمت أستراليا والولايات المتحدة بطعنها في الظهر، واستدعت سفيريها من كانبيرا وواشنطن.

تجاوز الغضب

في السياق ذاته، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فرنسا إلى تجاوز غضبها بشأن صفقة الغواصات الأميركية الأسترالية.

في حين أكد دومينيك راب نائب رئيس الوزراء البريطاني أهمية اتفاقية أوكوس الموقعة مع الولايات المتحدة وأستراليا، لتحقيق رؤية بلاده بتعزيز الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

واعتبر راب أن أوكوس مهمة جدًا لأمن بريطانيا وازدهار اقتصادها، لافتا إلى أنها ستعزز مفاوضات لندن وواشنطن لتوقيع اتفاقيات تجارة حرة، وستخلق كثيرا من الفرص والوظائف.

دفاع دانماركي

من جانبها، أعلنت رئيسة الوزراء الدانماركية مته فريدريكسن اليوم الأربعاء أن بلادها، لا تفهم على الإطلاق الانتقادات الفرنسية والأوروبية الموجهة لواشنطن في أزمة الغواصات.

ويتناقض موقف كوبنهاغن مع اجتماع بروكسل أمس الثلاثاء حيث أعرب الأوروبيون عن تضامنهم مع باريس، رغم إصرار العديد من الدول على الحفاظ على العلاقة عبر الأطلسي.

وقالت فريدريكسن في مقابلة أجرتها معها صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، "أعتقد أنه من المهم أن أقول -فيما يتعلق بالمناقشات الجارية في أوروبا في الوقت الحالي- إنني أرى بايدن مخلصًا جدًا للتحالف عبر الأطلسي".

وتابعت "هذا لا يعني أننا في الحكومة الدانماركية نتفق بالضرورة مع الولايات المتحدة في كل الأمور، وقلنا أيضًا إننا كنا نود أن نرى انسحابًا مختلفًا من أفغانستان. لكنني لا أشعر مطلقًا بأن هناك ما يحبط من الإدارة الأميركية الجديدة".

وفقًا لفريدريكسن، لا شك أن جو بايدن يبعد السياسة الخارجية الأميركية عن اتجاه انعزالي ليتولى مجددا دور الدولة الرائدة في العالم، والولايات المتحدة وحدها قادرة على الاضطلاع به.

تعويضات مالية

في سياق آخر، بدأت محادثات بين مجموعة "نافال غروب" (Naval Group) الفرنسية والسلطات الأسترالية بشأن الحصول على تعويضات مالية محتملة، بعد فسخ كانبيرا صفقة ضخمة لشراء غواصات، وفق ما ذكرت وزارة الجيوش الفرنسية.

وذكرت الوزارة للصحفيين -في مؤتمر صوتي دار حول "أزمة الغواصات"- أن المناقشات جارية بين خبراء "نافال غروب" والأستراليين بشأن التعويضات.

وانتقدت وزارة الجيوش الفرنسية من جديد ما وصفته بأنه "خيانة" أستراليا، مؤكدة أنه "لم يتم في أي وقت التطرق" مع السلطات الفرنسية إلى القرار الأسترالي بالتحول إلى الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، ولا إلى مباحثاتها مع الولايات المتحدة.

وأكدت باريس أن الدليل على ذلك أنه يوم 15 سبتمبر/أيلول الجاري صادق المهندسون والجيش الأسترالي على استعراض البرنامج الفرنسي في وثيقة رسمية تُدعى "إشعار انتهاء المراجعة الوظيفية للبرنامج"، مما يعني أن أستراليا كانت راضية ويمكننا المضي قدما.

المصدر : الجزيرة + وكالات