شبهتها بسقوط جدار برلين.. إيكونوميست: الارتدادات الإستراتيجية لصفقة أوكوس ستكون كبيرة ودائمة

الصفقة بالنسبة للندن توضح دورها المتغير في العالم وتتناغم بشكل تام مع جهودها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي للترويج لـ"بريطانيا عالمية"

U.S Secretary of State Blinken and U.S Defense Secretary Austin, host Australian counterparts at US State Department
وزيرا خارجية أميركا أنتوني بلينكن وأستراليا ماريس باين خلال لقاء لهما في واشنطن الأسبوع الماضي (رويترز)

قالت مجلة إيكونوميست (The Economist) البريطانية إن اتفاقية الدفاع الثلاثية الموقعة الأسبوع الماضي بين كل من الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا والمعروفة بصفقة أوكوس (Aukus) تعد من المناسبات النادرة التي أحدثت تحولا إستراتيجيا عميقا في الجغرافيا السياسية للعالم.

وتشبه هذه الاتفاقية في حجمها وتداعياتها -بحسب المجلة- أحداثا تاريخية أخرى بارزة مثل سقوط جدار برلين عام 1989، وزيارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون إلى الصين عام 1972، وأزمة قناة السويس في العام 1956.

وتشمل الاتفاقية نطاقا واسعا من التعاون في المجالات الدبلوماسية والتكنولوجية بين الدول الثلاث، لكنها في جوهرها اتفاق لبدء مشاورات من أجل مساعدة أستراليا في الحصول على أسطول من الغواصات تعمل بالطاقة النووية رغم أنها ليست دولة نووية.

وقد تسببت الصفقة في قيام أستراليا بإلغاء عقد بعشرات المليارات من الدولارات تم توقيعه عام 2016 مع فرنسا لغواصات تعمل بالديزل والكهرباء، مما تسبب في رد فعل غاضب من قبل باريس التي وصف وزير خارجيتها جان إيف لودريان الاتفاقية بأنها "طعنة في الظهر"، كما استدعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 17 سبتمبر/أيلول الجاري سفيري بلاده في كل من واشنطن وكانبيرا للتشاور.

وترى المجلة البريطانية أن الارتدادات القوية للصفقة تظهر مدى التحول العميق الذي أحدثته، فبالنسبة للولايات المتحدة يعتبر هذا الاتفاق الخطوة الأكثر دراماتيكية التي تتخذها حتى الآن في تصميمها على مواجهة ما تعتبره تهديدا متزايدا من الصين، ولا سيما في المحيط الهادي.

كما تشير مشاركتها في أفضل التكنولوجيات العسكرية -التي تمتلكها (تكنولوجيا الغواصات النووية)- مع ثاني حليف لها خلال 63 عاما (بعد بريطانيا) إلى التزامها القوي طويل الأمد في ما تسميها "منطقة محيط هندي وهادي حرة ومفتوحة".

ويرى مايكل فوليلوف من "معهد لوي" (Lowy Institute) -وهو مؤسسة فكرية في سيدني- أن "الأهمية الكبرى لهذا الاتفاق تكمن في أن الولايات المتحدة باتت تراهن أكثر على حلفائها، وحلفاؤها باتوا أيضا يراهنون عليها بشكل أكبر، ولسوء الحظ فرنسا مجرد ضرر جانبي".

وتعتبر بريطانيا -بحسب المجلة- الطرف الأقل أهمية في الاتفاقية الموقعة، وهو ما أكده موقف باريس التي لم تستدع سفيرها في لندن لديها للتشاور كما فعلت مع سفيريها في واشنطن وكانبيرا، حتى أن وزير الخارجية الفرنسي وصف بريطانيا بـ"العجلة الثالثة" في الاتفاق.

بريطانيا عالمية

لكن الصفقة توضح بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون -تضيف إيكونوميست- دور بلاده المتغير في العالم، وتتناغم بشكل تام مع جهود لندن ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي للترويج لـ"بريطانيا عالمية"، كما أنها تعطي معنى "للميول نحو المحيطين الهندي والهادي" الذي تبنته مراجعة شاملة للسياسة الخارجية والدفاعية البريطانية في مارس/آذار الماضي.

أما بالنسبة للفرنسيين فإن ما جرى يؤكد ما يعتبرونها حقائق عميقة في العلاقات الدولية، ولا سيما فكرة أن أوروبا بحاجة إلى مزيد من "الحكم الذاتي الإستراتيجي" حتى لا تعتمد بشكل مفرط على أميركا رغم أن صمت شركاء فرنسا الأوروبيين يلقي بظلال من الشك على مدى قوة وجدية مثل هذا الحكم الذاتي.

المصدر : إيكونوميست