بعدما عدتها "طعنة في الظهر".. فرنسا تستدعي سفيريها في أميركا وأستراليا للتشاور بسبب "صفقة الغواصات"

قال بيان للخارجية الفرنسية إنه تقرر بناء على طلب رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون استدعاء سفيري فرنسا في الولايات المتحدة وأستراليا فورا للتشاور، على خلفية مبادرة "أوكوس" (Aukus) بين أميركا وبريطانيا وأستراليا، والتي عدّتها باريس "طعنة في الظهر".

وندد البيان بالتخلي عن صفقة الغواصات التي أبرمتها أستراليا وفرنسا منذ عام 2016، وقال إن الإعلان عن شراكة جديدة مع الولايات المتحدة سلوكٌ غير مقبول وستؤثر عواقبه على مفهوم فرنسا لتحالفاتها وشراكاتها، وأهمية منطقة المحيطين الهندي والهادي بالنسبة لأوروبا.

ووصف البيان القرار بالاستثنائي الذي تبرره الخطورة الاستثنائية للإعلانات الصادرة في 15 سبتمبر/أيلول الجاري من قبل أستراليا والولايات المتحدة.

ورفضت أستراليا الانتقادات الفرنسية الموجهة إليها بشأن إلغاء صفقة الغواصات، إذ قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون الجمعة إنه أثار احتمال أن تلغي بلاده صفقة غواصات أبرمتها عام 2016 مع شركة فرنسية في محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يونيو/حزيران، رافضا الانتقادات الفرنسية بشأن عدم تلقيها تحذيرات.

وكانت أستراليا أعلنت أمس أنها ستلغي صفقة قيمتها 40 مليار دولار مع مجموعة "نافال" الفرنسية لبناء أسطول من الغواصات التقليدية، وأنها ستبني بدلا من ذلك ما لا يقل عن 8 غواصات تعمل بالطاقة النووية بتكنولوجيا أميركية وبريطانية بعد إبرام شراكة أمنية ثلاثية.

وأعلنت الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة الأربعاء أنها ستقيم شراكة أمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، من شأنها أن تساعد أستراليا في الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية، مما سيلغي صفقة الغواصات الفرنسية.

كما ستنشئ الدولتان في أستراليا "قدرات مشتركة" في مجال الخدمات اللوجيستية والصيانة للغواصات التي ستحصل عليها أستراليا، على أن تُكثفا أيضا التدريبات المشتركة، وفقا لوزير الدفاع الأسترالي بيتر داتون.

وأعلن داتون أن الاتفاق الأمني الذي أبرمته بلاده مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة سيتيح لواشنطن تعزيز وجودها العسكري في البلاد.

وقال -في مؤتمر صحفي في إطار المحادثات الثنائية في واشنطن- إن الاتفاق الأمني ينص على إجراءات من شأنها أن "تعزز إلى حد كبير" التعاون وقابلية العمل المشترك بين القوات الأسترالية والأميركية.

وتابع داتون "ستُعزَز قدراتنا الجوية وستعزز قدراتنا البحرية وبالتأكيد الموقف العسكري أيضا".

ويمتلك الجيش الأميركي بالفعل وجودا غير دائم في داروين (شمال أستراليا)، حيث يتم نشر حوالي 2500 جندي من مشاة البحرية كل عام بشكل تناوبي لإجراء تدريبات.

موقف واشنطن

في المقابل، أشاد مسؤول بالبيت الأبيض -في تصريحات للجزيرة- بالاتفاق الدفاعي بين واشنطن ولندن وكانبيرا، مؤكدا أن بلاده تتعاون بشكل وثيق مع باريس بشأن الأولويات المشتركة في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وستواصل القيام بذلك.

وأضاف هذا المسؤول أن تنشيط التحالفات والشراكات لدعم النظام الدولي يعني تعزيز العلاقات التاريخية طويلة الأمد، "بما في ذلك مع حلفائنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي".

وأضاف المسؤول الأميركي أن بلاده تتطلع للعمل مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز الأهداف المشتركة في المنطقة، بما في ذلك عبر الحوار بشأن الصين.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول كبير بالبيت الأبيض أن مسؤولين كبارا في الإدارة الأميركية "كانوا على اتصال مع نظرائهم الفرنسيين لمناقشة" الاتفاقية العسكرية الجديدة مع أستراليا، "بما في ذلك قبل الإعلان" الذي صدر الأربعاء.

وأضاف المسؤول -طالبا عدم كشف هويته- "كما قال الرئيس (الأميركي جو بايدن) الأربعاء، نتعاون بشكل وثيق مع فرنسا بشأن أولوياتنا المشتركة في المحيطين الهندي والهادي وسنواصل القيام بذلك".

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن الولايات المتحدة ترحّب بمنافسة الصين، ولا تسعى للصراع معها.

وأضافت أن بلادها ستواصل العمل والتعاون مع الشركاء والحلفاء بأوروبا لضمان أمن منطقة المحيطين الهندي والهادي. كما نوهت بتقدير واشنطن للعلاقات مع فرنسا، وأشارت إلى أن شراء أستراليا تقنيات أميركية شأن يخص الأستراليين. وكشفت عن أن الأميركيين تحدثوا مع المسؤولين الفرنسيين قبل إتمام صفقة بيع الغواصات إلى أستراليا.

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن بلاده وبريطانيا وأستراليا ستعزز تعاونها في مجالات الدفاع والأمن، ضمن مبادرة "أوكوس" التي أعلنها بايدن. وأكد بلينكن أن المبادرة تعكس التزام البلدان الثلاثة بحماية السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهادي والهندي.

قلق صيني بالغ

و‎‎أعرب وانغ كون مندوب الصين لدى المنظمات الدولية في فيينا عن قلق بكين البالغ إزاء المساعدة المعلنة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا لامتلاك أستراليا غواصات تعمل بالطاقة النووية.

وخلال كلمة أمام اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال المندوب الصيني إن هذه الخطوة تشجع على الانتشار النووي، وإن ذلك يتنافى مع معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وطالب المندوب الصيني الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتعبير صراحة عن موقفها الرسمي من عقد أستراليا شراكة مع الولايات المتحدة وبريطانيا لاقتناء غواصات تعمل بالدفع النووي، وهو ما يتعارض مع التزامات الدول الثلاث المعنية، وفق قوله.

وتبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها عن طرق للتصدي لقوة ونفوذ الصين المتنامي، لا سيما تحركاتها للحشد العسكري والضغط على تايوان وعمليات الانتشار في بحر جنوب الصين المتنازع عليه.

وقال مسؤول السياسات الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الوقت أصبح ملحا أكثر من أي وقت مضى لقرار مستقل للاتحاد، يحافظ على سيادته ويجعله قادرا على اتخاذ قرارات لها علاقة مباشرة بمصالحه.

وأضاف بوريل أن هناك حاجة لإبرام شراكة مع منطقة جنوب المحيط الهادي، بالاعتماد على برنامج يشمل التعاون الدفاعي والتنوع البيئي والتبادل الأمني.

المصدر : الجزيرة + وكالات