ما فرص نجاحها؟.. مقتدى الصدر يشكل لجنة عراقية للبحث في اختفاء موسى الصدر

شكل اختفاء موسى الصدر عام 1978 -عندما كان في زيارة إلى ليبيا- لغزا محيرا لم تتمكن اللجان التحقيقية من إنجاز تقدم فيه، فهل تستطيع لجنة مقتدى الصدر حل هذا اللغز؟

موسى الصدر - الموسوعة
موسى الصدر اختفى عام 1978 بعد زيارة إلى ليبيا (مواقع التواصل)

بغداد – يفتح زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر ملفا من أعقد الملفات في المنطقة خلال العقود الماضية، وهو اختفاء القائد السياسي والديني اللبناني موسى الصدر، فيما تباينت الرؤى حيال الفرص المتاحة لتحقيق تقدم ملموس في هذا الملف.

وموسى الصدر، هو زعيم سياسي لبناني، ولد عام 1928 في مدينة قم بإيران، وهناك قضى معظم سنوات طفولته وشبابه، وحصل خلال فترة حياته على شهادات كثيرة من الحوزة العلمية التي امتدت دراسته فيها أكثر من 15 عاما.

غادر إلى النجف في العراق لإكمال دارسته الدينية بعد وفاة والده عام 1954 وبقي فيها حتى 1959، حيث عاد إلى إيران. بعدها بسنوات ذهب موسى الصدر إلى لبنان؛ حيث أسس العديد من المنظمات والمدراس والجمعيات الخيرية بما فيها أفواج المقاومة اللبنانية التي تعرف بحركة أمل.

وشكل اختفاء موسى الصدر عام 1978 -عندما كان في زيارة إلى ليبيا- لغزا محيرا لم تتمكن اللجان التحقيقية من إنجاز تقدم فيه، فهل تتمكن لجنة مقتدى الصدر من حل هذا اللغز؟

لجنة سرية

وأعلن مقتدى الصدر -الأحد الماضي- تشكيل لجنة للكشف عن مصير موسى الصدر، حيث قال -عبر حسابه على تويتر- "تم تشكيل لجنة مهامها الكشف عن مصير القائد المغيب، السيد موسى الصدر"، ووجه ببدء عمل اللجنة، مبينا أن "في عملها أجرا كبيرا ونفعا عظيما".

وأضاف، "هي لجنة تُمثّلنا في ذلك، مع كامل الصلاحية في التقصّي وكشف الحقائق من داخل العراق وخارجه، آملا من كل الدول ذات الصلة بهذه القضية، وكذا كل الأشخاص المعنيّين بها التعاون.. ولستُ طالبا إلا (الكشف عن مصيره)، وهو حق مكفول عقليا وشرعيا وقانونيا وإنسانيّا، وأخصّ بالذكر كلا من ليبيا، ومصر، ولبنان، وإيران، وسوريا، وكذا قطر، وهذا ليس اتهاما، وإنّما طلبا للتعاون مشكورين".

وأثيرت تساؤلات عن قدرة تلك اللجنة على تحقيق تقدم في هذا الملف، فضلا عن سر التوقيت الذي يفتح فيه الصدر هذا الموضوع الغامض، في ظل السكوت عنه خلال العقود الماضية.

النائب السابق عن سائرون رياض المسعودي: القانون الجديد لن يغير من المشهد أكثر من ١٠٪؜ (الجزيرة نت)
المسعودي: بتقادم الزمن لا تسقط حادثة اختفاء موسى الصدر (الجزيرة نت)

لا تسقط الحادثة بالتقادم

النائب عن التيار الصدري، رياض المسعودي، قال إن "عنوان آل الصدر أصبح عالميا، وليس محليا أو إقليميا، فيما يخص الجانب التغييري، لكن البعض يحاول أن يُبعد ذلك"، مشيرا إلى أنه "بتقادم الزمن لا تسقط تلك الحادثة، وإنما يجب العمل بكل الجهود بالتعاون مع الدول المعنية في هذا الأمر".

وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن "شخصية موسى الصدر كانت مهمة، ولها ثقلها في الشرق الأوسط، وتمكنت من توحيد الجهود اللبنانية، وبعد اختفائه، تعرضت المنطقة ولبنان إلى هزة كبيرة، وشهدت المنطقة أحداثا جساما".

ولفت إلى أن "الصدر أطلق هذا المشروع العالمي، كجزء من رؤيته التي تتعدى الحدود العراقية، حيث بدأت اللجنة المشكلة بالعمل، وهي تسير وفق رؤية إستراتيجية واضحة".

وما زال الغموض يحيط اللجنة المشكلة، وهوية أعضائها، حيث لم يعلن الصدر عنها في بيان تأسيسها، وهو ما أثار علامات استفهام حول طبيعة عملها، وآلياته.

غير أن مصدرا مقربا من مكتب الصدر، قال إن "اللجنة المكلفة ستضم عددا من رجال الدين، والاختصاصات الأخرى، على أن يستعينوا بأهل الخبرة من كل المجالات، ويمكنهم التنقل في عدة بلدان، لإجراء المقابلات والتحقيقات اللازمة".

وأضاف المصدر -الذي رفض الكشف عن اسمه للجزيرة نت- أن "مكتب الصدر رأى أن يكون عمل تلك اللجنة سريا بشكل كبير، ولا تُعلن أسماء أعضائها، لحين الانتهاء من عملها، والتوصل إلى نتائج ملموسة، خاصة أن أعمالها ستجري خارج البلاد".

مسؤولية ليبيا

ويتهم شيعة لبنان -وكذلك إيران- ليبيا إبان حكم القذافي بالمسؤولية عن اختفاء الصدر ورفيقيه، لكن نظام القذافي نفى دوما اختفاءهم في أثناء وجودهم على أراضي ليبيا، وأكد أنهم غادروا إلى إيطاليا قبل الاختفاء، إلا أن السلطات الإيطالية أكدت أن الثلاثة لم يدخلوا البلاد لأنهم لم يخرجوا من ليبيا أصلا.

وتطالب حركة أمل اللبنانية (التي أسسها موسى الصدر) بإلحاح السلطات الليبية بعد الثورة على القذافي عام 2011 بتوضيح مصير الصدر ورفيقيه.

وتقول الحركة إن "مدير المخابرات الليبية السابق عبد الله السنوسي يعلم كل شيء حول اختفاء موسى الصدر"، وهو الذي ختم "زورا" جوازات سفرهم إلى روما.

أبو رغيف كشف عن تكليف نحو 160 خبيرا لتقديم المساعدة الفنية والرقابة الانتخابية - الجزيرة نت
أبو رغيف استبعد إنجاز مهمة العثور على موسى الصدر في ظل التعقيدات التي تحيط بها (الجزيرة نت)

تعقيدات قد تعرقل المهمة

وأثارت لجنة الصدر تساؤلات عن إمكانية تحقيق تقدم في هذا الملف، والعثور على تفاصيل تلك القضية، حيث استبعد الخبير في الشأن الأمني العراقي فاضل أبو رغيف إنجاز تلك المهمة في ظل التعقيدات التي تحيط بها.

وقال أبو رغيف -للجزيرة نت- إنه "يمكن البحث عن أحياء من أعضاء جهاز المخابرات الليبي الذين كانوا في زمن القذافي، لأنهم الأعرف بمسألة اختفائه (الصدر) وقتله".

وتابع، "لا أعتقد أنه سيتم كشف النقاب عنه، بسبب التعقيدات والغموض الذي يحيط بهذا الأمر، وإذا ما أردنا الحديث عن نتائج عاجلة وملموسة، فهذا مرهون بالعثور على ما تبقى من أعضاء نظام القذافي، وإمكانية تحقيق شيء ملموس".

ولفت إلى أن "هذا الملف مر بمنعطفات، وفي النهاية أصبح هناك ركود في التحقيقات للكشف عنه".

حيدر الزريجاوي
الزيرجاوي اعتبر أن توقيت طرح موضوع موسى الصدر يأتي بسبب الظروف التي باتت مهيأة في المنطقة (الجزيرة نت)

سر التوقيت

وتساءل عراقيون عن سر توقيت عرض تلك القضية، وفيما إذا كانت تتعلق بقرب الانتخابات البرلمانية، أو تحقيق دعاية أوسع للتيار الصدري.

لكن عضو التيار حيدر الزيرجاوي، نفى ذلك، وأكد أن "الصدر ليس بحاجة إلى دعاية جماهيرية ولا يمكن النظر إلى هذا الملف الإنساني بهذا الشكل".

وأضاف الزيرجاوي -للجزيرة نت- أن "توقيت طرح هذا الأمر، يأتي بسبب الظروف التي باتت شبه مهيأة في المنطقة، فهناك تقارب كبير بين أغلب الدول، وحراك دبلوماسي ساهم بالخروج ولو نسبيا من الوضع السابق الذي تعاظمت فيه الخلافات، وهو ما سيساعد في حل هذا الأمر".

ولفت إلى أن "ما يساعد أيضا هو سقوط نظام القذافي، ما يجعل إعادة التحقيقات بالنظر إلى تغير الظروف أمرا بالغ الأهمية".

وفيما إذا ستتمكن تلك الجنة من تحقيق تقدم، يرى الزيرجاوي أنه "بالنظر إلى ما تقدم فإن البوصلة تتجه إلى وجود فرصة ولو بنسب متقدمة لإنجاز تطور كبير".

المصدر : الجزيرة