الانتخابات البرلمانية والمحلية بالمغرب.. هل أثرت كورونا على برامج الأحزاب؟

يقلل المحللون والخبراء من فعالية البرامج الانتخابية أمام التحالف وراء البرنامج الحكومي بعد الانتخابات.

قرابة 18 مليون مغربي دعوا للتصويت بالانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية في 8 سبتمبر/أيلول (الأوروبية)

الرباط- لم تبتعد البرامج الانتخابية للأحزاب المغربية، المتبارية في الانتخابات، عن أولويات مواطنيها في إنعاش الاقتصاد وتوفير الرعاية الاجتماعية والخدمات الصحية وتحسين العمل والتعليم، بالنظر لتأثيرات جائحة كورونا الكبيرة على البلاد.

ويقول مراقبون إن برامج الأحزاب المتنافسة بالانتخابات التشريعية والجهوية، المقررة في 8 سبتمبر/أيلول المقبل، تشابهت في عرضها الانتخابي حول أولويات المواطن، واختلفت جزئيا في إجراءات تحقيقها.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية إسماعيل الحمودي أن البرامج الانتخابية للأحزاب اهتمت بمعالجة الآثار السلبية لجائحة كورونا، واتفقت على أولويات كبرى مثل إنعاش الاقتصاد الوطني، والحماية الاجتماعية.

ويذهب الحمودي إلى أن هناك اتفاقا في عدة قضايا هي من ضمن أولويات الدولة، وتستجيب لحاجات المجتمع، وإن اختلفت الإجراءات.

ومن جانبه يؤكد المحلل السياسي عمر الشرقاوي أن ظروف الجائحة قدمت للمواطن والأحزاب الواقع الحقيقي لخدمات التعليم والصحة، وكذلك واقع البطالة والاقتصاد غير المهيكل (الاقتصاد الموازي غير الرسمي) مما انعكس على برامج الأحزاب وشعاراتها.

 

 

32 حزبا متنافسا

وفي ظل استمرار انتشار وباء كوفيد-19، وإكراهاته على الحملة الانتخابية في شكلها التقليدي، يتنافس 32 حزبا في الانتخابات العامة، والتي تشمل انتخابات مجلس النواب ومجالس الجماعات والمقاطعات ومجالس الجهات والمقرر إجراؤها في الثامن من سبتمبر/أيلول، ومن بينها 11 حزبا تقدمت ببرامج انتخابية.

وفي برنامج "التجمع الوطني للأحرار" مثلا، تصدرت الوعود بالعناية بفئة المتقاعدين ممن تجاوزت أعمارهم 65 سنة، ولا مدخول لهم، واقترحت تخصيص تعويض شهري لهم. إلى جانب التخطيط لتوفير مليون فرصة عمل.

وركز برنامج حزب "الحركة الشعبية" على إرساء "أسس العدالة الترابية" من أجل النهوض بالقرى، ومكافحة الفوارق الاجتماعية، وإدماج الأبعاد الثقافية والبيئية في المسار التنموي، ومعالجة البطالة وتوظيف الشباب، واستخدام التكنولوجيات الحديثة، وتحسين أوضاع ذوي الإعاقة.

من جانبه، دعا برنامج "الاتحاد الاشتراكي" إلى ضمان الحق في خدمة صحية عمومية ذات جودة عالية، وفي سكن مناسب، وتعزيز تكافؤ الفرص، وتوسيع الطبقة الوسطى، واعتماد نظام جباية عادل، وتطوير الاستثمار الوطني بما يمكن من رفع نسبة النمو ويزيد فرص التشغيل.

وأعلن حزب "الأصالة والمعاصرة" عن 9 أولويات للعمل خلال السنة الأولى للحكومة المقبلة، منها ضمان حق الجميع في الولوج إلى مدارس عمومية، والحصول على الرعاية الصحية، والسكن، وصون كرامة المسنين.

ويقوم البرنامج الانتخابي لحزب "العدالة والتنمية" على "تعزيز الموقع السياسي والإستراتيجي والإشعاعي للمغرب في محيطه الإقليمي والجهوي والدولي" إضافة إلى "تحسين المناخ الديمقراطي والسياسي والحقوقي، وتعزيز كرامة المواطن" واستحداث "جيل جديد من الإصلاحات من أجل العدالة الاجتماعية".

تعاقد وتفاوض

ورغم ما تحمله البرامج الانتخابية من توجهات ومقترحات، فالزمن الانتخابي يجعل منها مجرد ورقة تسويقية تذوب عند التحالف وراء البرنامج الحكومي.

يقول المحلل الشرقاوي، للجزيرة نت، إن البرنامج الانتخابي بمثابة مرجعية للتعاقد تربط الأحزاب بالناخبين، وبعد اطلاعه على برامج الأحزاب الكبرى المتنافسة والممثلة في البرلمان، شكك في إمكانية تطبيقها، وقال "رغم أهميتها، ليس لها وزن في الدستور والقوانين، على خلاف البرنامج الحكومي".

من جانبه، يعتقد أستاذ القانون الدستوري رشيد لزرق، في حديث للجزيرة نت، أن الجديد في الانتخابات الحالية أنها جاءت مجتمعة في نفس اليوم (انتخابات عامة).

في ظل هذا، يقول لزرق "الأحزاب كلها اتخذت النموذج التنموي الجديد مرجعا، بحيث يشكل برنامجا إستراتيجيا، بينما تبقى البرامج الانتخابية برامج مرحلة انتدابية (أثناء تمثيلهم لناخبين في الأحزاب والمجالس) لذا جاءت متشابهة عند معظم الأحزاب".

في السياق ذاته، يقول أستاذ العلوم السياسية إسماعيل الحمودي إن البرامج الانتخابية أرضية للتفاوض أكثر منها للتطبيق الكلي على أرض الواقع، ولفت إلى الفجوة التي يلاحظها المواطن بين البرامج المعلن عنها بالانتخابات والبرنامج الحكومي.

ويعود لزرق ويؤكد أن العرض السياسي لا يقوم على البرنامج فقط بل الترشيح، لافتا إلى أن جزءا كبيرا من الأحزاب ما زال يرتكز على الأشخاص ولم يرق لعمل المؤسسات.

 

براغماتية

وعلى عكس سياق الانتخابات السابقة الذي كان مطبوعا بمفاهيم محاربة الفساد والاستبداد، يرى الشرقاوي أن السياق الحالي الذي فرضته ظروف الأزمة جعل البرامج أكثر دقة، والشعارات أكثر براغماتية.

ويسجل المحلل السياسي تطورا بالبرامج الانتخابية للأحزاب، بشكل يتماشى مع مهلة الانتداب (التمثيل النيابي) وبشعارات يمكن تحقيقها في 5 سنوات، ويقول إن الإستراتيجيات الكبرى المتمثلة في النموذج التنموي الجديد، والإقلاع الاقتصادي، جعلت البرامج أكثر دقة وبأجندات وكلفة مالية محددة.

والملاحظة ذاتها يسجلها الحمودي الذي قال "يظهر أن هناك تطورا عن الانتخابات الماضية، يسير تدريجيا نحو تدقيق الوعود والتهرب من الشعارات الحالمة".

بلا نكهة سياسية

وفي حين يعبر البرنامج الانتخابي غالبا عن المشروع السياسي الذي يشكل مرجعية الحزب، فإن الملاحظة تُظهر أن برامج الأحزاب تكاد تكون متشابهة في عمومها.

ويقول لزرق إن النماذج الانتخابية تبدو دون غاية أو نكهة سياسة "وبعكس التعددية الحزبية الموجودة، لا توجد تعددية سياسية" واعتبر أن البرامج تشمل شعارات للتسويق السياسي بدون فحوى أيديولوجي.

المصدر : الجزيرة