مجلس الأمن يعتمد قرارا يدعو طالبان لضمان ممر آمن وعدم إيواء إرهابيين

مجلس الأمن - جلسة بشأن أفغانستان
مجلس الأمن طالب حركة طالبان بالوفاء بالتزاماتها والسماح للأفغان والرعايا الأجانب بمغادرة أفغانستان عبر أي منفذ (الجزيرة)

طالب مجلس الأمن الدولي حركة طالبان بالالتزام بالسماح للأفغان والرعايا الأجانب بمغادرة أفغانستان بشكل آمن، وذلك بالتزامن مع دخول اليوم الأخير للموعد النهائي لانسحاب القوات الأميركية من البلاد بعد 20 عاما من غزوها.

واعتمد مجلس الأمن في وقت متأخر من مساء الاثنين مشروع قرار بريطاني فرنسي بشأن التطورات في أفغانستان بموافقة 13 عضوا وامتناع كل من روسيا والصين عن التصويت.

وطالب مجلس الأمن الدولي حركة طالبان الوفاء بالتزاماتها والسماح للأفغان والرعايا الأجانب بمغادرة أفغانستان عبر أي معبر حدودي بما في ذلك مطار كابل عند إعادة فتحه وتأمينه.

كما طالب بعدم استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أي بلد أو مهاجمته أو لإيواء الإرهابيين أو تدريبهم أو للتخطيط لأعمال إرهابية أو تمويلها.

جنود من مشاة البحرية الأميركية في أثناء نقل نعوش زملاء لهم قتلوا في تفجيري مطار كابل (رويترز)

ويأتي قرار مجلس الأمن في وقت بدء فيه العد التنازلي الليلة لاستكمال انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بعد 20 عاما على غزوها، وفي وقت تتكثف فيه الاتصالات واللقاءات الدولية لضمان مستقبل البلاد.

بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مساء الاثنين أن أكثر من 122 ألفا -بينهم 5 آلاف أميركي- تم إجلاؤهم من أفغانستان، مشيرة إلى أن عملياتها هناك ستنتهي قريبا، لكن جهودها مستمرة لدعم الإغاثة الإنسانية.

وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي -خلال مؤتمر صحفي في واشنطن- إن التهديد في أفغانستان لا يزال نشطا، مشددا على ضرورة الاستعداد لمواجهته.

وأضاف أن لدى القوات الأميركية القدرات الكافية لمواجهة التهديدات مع استمرار الانسحاب من البلاد.

ووصف كيربي عملية الإجلاء الحالية من مطار كابل بالخطيرة، رافضا الخوض في تفاصيل الوضع أمام بوابات المطار، فيما نقلت شبكة "فوكس نيوز" (Fox News) الأميركية عن البنتاغون أن الساعة 23:59 غدا الثلاثاء بتوقيت كابل ستكون الموعد النهائي لخروج قواتها والدبلوماسيين من أفغانستان.

ويأتي إعلان البنتاغون بعد ساعات من هجوم صاروخي استهدف مطار كابل، وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنه اليوم الاثنين، من دون أن ترد معلومات عن سقوط ضحايا.

وكان مصدر في طالبان قد قال للجزيرة إن 5 صواريخ أطلقت باتجاه المطار اليوم الاثنين، وقال مسؤول أميركي إن منظومة أميركية مضادة للصواريخ اعترضت الصواريخ من دون سقوط ضحايا من الأميركيين وفق المعلومات الأولية، في حين أوضح البيت الأبيض أن عملية الإجلاء لم تتأثر نتيجة الهجوم.

تأمين مطار كابل

في سياق متصل، قال مسؤول في طالبان للجزيرة إن الحركة مستعدة لتأمين مطار كابل بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

وأضاف المسؤول أن الحركة نشرت قوات خاصة في المطار أول أمس السبت، مؤكدا أن طالبان ليست بحاجة لمساعدة عسكرية من أي جهة فيما يتعلق بتأمين المطار، وأنه إذا طرأت حاجة لمثل هذا الدعم في مكان آخر فسينظر في ذلك.

عنصر من طالبان يقف بالقرب من سيارة محترقة يفترض أنها استخدمت منصة لإطلاق الصواريخ على مطار كابل (الأناضول)

وكان مصدر في طالبان قال إن الحركة ستتولى الإشراف الأمني على المطار بعد اكتمال الانسحاب الأميركي، وإنها تجري مشاورات مع تركيا وقطر بشأن الدعم الفني.

اجتماعات مكثفة

من جهته، دعا وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إلى إنشاء ممر آمن لإجلاء الأجانب والمواطنين الأفغان.

وفي ختام اجتماع لمجموعة السبع (أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان) وبمشاركة كل من قطر وتركيا وحلف الناتو أكد وزير الخارجية البريطاني أن حركة طالبان تعهدت بضمان خروج آمن للرعايا الأجانب والأفغان الراغبين في مغادرة البلاد.

ورحب وزير الخارجية البريطاني بوحدة مواقف الدول المشاركة في الاجتماع وتعاونها الوثيق تجاه التعامل مع الوضع في أفغانستان، مشيرا إلى أن الأولوية الإستراتيجية حاليا هي منع تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للإرهاب، وضمان دخول المساعدات الإغاثية وحماية حقوق الإنسان.

وشدد راب على أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والتنسيق مع الشركاء الدوليين من أجل ممارسة أقصى تأثير على طالبان لحثها على اتخاذ مواقف معتدلة.

من جانبه، دعا وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال الاجتماع إلى تضافر الجهود الدولية لتجنب أي أزمة إنسانية أو سياسية في أفغانستان.

وفي تغريدة على تويتر في ختام مشاركته في الاجتماع الوزاري لمجموعة الدول السبع، حذر وزير الخارجية القطري من أن أي أزمات في الداخل الأفغاني ستكون لها تداعيات كبيرة على استقرار المنطقة.

تعامل بريطانيا مع طالبان

وكانت مصادر دبلوماسية أكدت أن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب سيضع خلال اجتماعات اليوم بعض الخطوط العريضة بشأن كيفية التعامل مع حركة طالبان، وذلك على أساس عملي، حيث يتعين على الحركة أن تثبت أنها ستنفذ التزاماتها بمكافحة الإرهاب التي تم التعهد بها في الدوحة.

وأشارت صحيفة "تايمز" (Times) البريطانية إلى أن رئيس الوزراء بوريس جونسون تلقى تحذيرات من عسكريين ونواب ودبلوماسيين من أن البلاد ستواجه أكبر تهديد إرهابي منذ سنوات، بالتزامن مع عرضه الاعتراف الدبلوماسي بحركة طالبان شرط منعها أفغانستان من أن تصبح حاضنة للإرهاب العالمي مرة أخرى، حسب قوله.

وقالت الصحيفة إن جونسون أثار احتمال إنشاء سفارة لطالبان في لندن، الأمر الذي قال عنه مسؤولون إنه يجب أن يحدث في إطار مشترك مع مجموعة السبع وبعد تشكيل حكومة جديدة.

وأكدت الصحيفة أن تنظيم الدولة يعارض طالبان ويعاديها، وليست هناك أدلة على أن لديه القدرة على شن هجمات من أفغانستان.

لا حديث مباشرا مع الحركة

من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إنه لا يريد التحدث شخصيا مع حركة طالبان بشأن رحيل الأفغان الذين يبحثون عن الحماية.

وأضاف ماس -في تصريحات له في أوزبكستان- أن هناك مبعوثا ألمانيا يتفاوض مع ممثلين لحركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة، وهذه هي القناة التي تستخدمها برلين، وسوف تستمر على هذا النحو.

يذكر أن وزير الخارجية الألماني يقوم حاليا بجولة في 5 دول ذات صلة بالأوضاع الإنسانية في أفغانستان، ويتوقع أن يصل إلى الدوحة غدا.

German Foreign Minister Heiko Maas delivers a statement after talks with EU Foreign Ministers in Berlin
وزير الخارجية الألماني سيبحث في الدوحة ملفات رئيسية بشأن أفغانستان وعلى رأسها التعامل الدولي مع طالبان (رويترز)

من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية كريستوفر برغر إن دولة قطر تعتبر إحدى نقاط الاتصال الرئيسية لألمانيا في جميع القضايا المتعلقة بأفغانستان.

وأضاف برغر في مؤتمر صحفي ببرلين -ردا على سؤال للجزيرة عن الموضوعات التي يعتزم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بحثها في الدوحة- أن بلاده ستبحث مع قطر عددا من الملفات الرئيسية بشأن أفغانستان، وعلى رأسها تعامل المجتمع الدولي سياسيا مع حركة طالبان، وتشغيل المطار المدني في كابل، وقضايا أخرى.

اللاجئون الأفغان

في سياق آخر، طالبت منظمة مجلس أوروبا أعضاءها الـ47 باستقبال اللاجئين الأفغان، لافتة إلى قدرة الدول الأوروبية فرديا وجماعيا على ضمان حمايتهم.

وأكدت المنظمة في بيان لها أن وصول اللاجئين الأفغان قد يمثل تحديا، لكن يجب التعامل معهم وفقا لمبادئ حقوق الإنسان، كما اعتبرت أن مكافحة الهجرة غير النظامية لا تأتي على حساب حقوق الإنسان.

وحذرت المنظمة من استغلال المصاعب التي قد تواجهها بعض الدول لإضعاف نظام الحماية في أوروبا، داعية الدول الأعضاء إلى تسريع استعداداتها لاستقبال اللاجئين الأفغان.

المصدر : الجزيرة + وكالات