وسط إشادات وتحفظات.. تعيين المرأة المصرية في النيابة العامة لأول مرة

دار القضاء العالي في مصر (الفرنسية)

القاهرة ـ وافق مجلس القضاء الأعلى بمصر في جلسة أمس الأحد على طلب النائب العام حمادة الصاوي بنقل 11 قاضية للعمل بالنيابة العامة بدرجاتهن الوظيفية المقابلة بالقضاء، خلال العام القضائي الجاري.

وتباينت تقديرات المعنيين بالشأن القضائي لهذه الخطوة، حيث عدّ حقوقيون القرار "حقا منقوصا" للمصريات حرمن منه منذ إنشاء النيابة العامة، إذ سيتبوأن مناصبهن لأول مرة بالنيابة العامة المصرية -منذ إنشائها عام 1881- بالنقل المؤقت وليس عبر التعيين بالطريق المباشر والدائم.

وتولي مؤسسات حقوقية -من بينها مبادرة "المنصة حقها"- اهتماما بقضية حق المرأة المصرية في تولي القضاء، وتنشط المبادرة منذ عام 2014.

وانتقد بيان للمبادرة -في تعليق على القرار الأخير- منع المصريات تماما من التقديم لمجلس الدولة "القضاء الإداري" والنيابة العامة، أولي درجات القضاء العادي، وذلك منذ إنشائهما، وقال البيان إن المنع يتم حتى وإن كانت المتقدمات هن "الأحق لأنهن الأكثر تفوقا أحيانا".

وطالب البيان بتكاتف الجميع رجالا ونساء لدعم حق المرأة في تولي مختلف المواقع بالقضاء، وتقلد الأكفاء المناصب بغض النظر عن الجنس وإنهاء صورة من صور "التمييز" في المجتمع المصري.

في المقابل، أشادت جهات رسمية بالقرار واعتبرته خطوة "هائلة" في سبيل تمكين المرأة من منصة القضاء.

ووجه بيان للمجلس القومي للمرأة الشكر للمجلس الأعلى للقضاء على نقل 11 قاضية للعمل بالنيابة العامة، مشيرا إلى أنها خطوة تاريخية ترسم الطريق للمرأة المصرية فى النيابة العامة.

خلل بين أعداد الجنسين

وتشير البيانات الرسمية إلى أن هناك 66 قاضية فقط تم تعيينهن بغير الطريق الطبيعي للتعيين بالقضاء، كان قد جرى اختيارهن من بين المستشارات المعينات بالفعل في النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وهذا العدد الضئيل 66 مقابل 16 ألف قاض يمثل نسبة 0.5% ممن يعملون بسلك القضاء.

وصدرت قرارات عن مجلس القضاء الأعلى في يونيو/حزيران الماضي بإتاحة الفرصة أمام النساء للعمل في القضاء بالتساوي مع الرجال، غير أن مراقبين رأوا في التفاصيل الخاصة بالعمل في النيابة العامة استثناء يقلل من قيمة القرار.

واقتصر عمل النساء على النيابة الإدارية، مع الحرمان من العمل في مجلس الدولة الذي يمثل القضاء الإداري أو النيابة العامة.

وتؤكد مصادر قضائية أن المقاومة لعمل النساء بهذه الجهات جاءت من داخل الهيئات القضائية ومجتمع القضاة طوال السنوات السابقة التي سبقت تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، الذي سرعان ما كسر هذه المقاومة.

ويقول متابعون للشأن القضائي أن اكتساب النساء لحق العمل بالنيابة العامة لا يحقق العدالة الكاملة، إذ سيكون مبدأ "الأقربون أولى بالتعيين" هو المعمول به في حالة النساء، لتحصل بنات المستشارين والقضاة على الفرص الكاملة، كما هو معمول به في حالة الرجال، حيث يتم تعيين الخريجين من أبناء المستشارين والنافذين بالدولة.

وتقدَّم النائب العام بمذكرة إلى المجلس بمناسبة إعداد الحركة القضائية للعام القضائي المذكور، طلب فيها نقل 11 قاضية للعمل بالنيابة العامة لمدة تبدأ من أول سبتمبر/أيلول 2021 حتى 30 سبتمبر/أيلول 2022، وإلحاقهن بدورات تدريبية لإعدادهن للعمل بالنيابة العامة.

وذكر الصاوي أن الطلب يأتي تنفيذا لما أقره المجلس الأعلى للهيئات القضائية في جلسته المنعقدة بالثاني من شهر يونيو/حزيران الماضي برئاسة السيسي بشأن إلحاق سيدات بالنيابة اعتبارا من أول أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

مسيرة قرن

وتمتد مسيرة النساء في السلك القضائي المصري لنحو قرن من الزمان، وكانت منيرة ثابت أول مصرية تدرس القانون في كلية القانون الفرنسية بالقاهرة عام 1924.

وبعدها جاءت نعيمة الأيوبي لتكون أول مصرية تدرس القانون بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) حاليا عام 1929، ولتقف بعدها في ساحات المحاكم باعتبارها أول محامية مصرية عام 1933.

وسجل فيلم "الأستاذة فاطمة" (إنتاج عام 1952) احتفاء أسرة مصرية بدراسة ابنتها للقانون، وجسدت الفنانة الراحلة فاتن حمامة دور تلك الفتاة.

أما مفيدة عبد الرحمن فهي أول محامية مصرية تقيد أمام محكمة النقض وتترافع أمام المحاكم العسكرية وفي صعيد مصر.

وتعد عائشة راتب أول أستاذة حصلت على درجة الدكتوراه بالقانون من كلية الحقوق بجامعة القاهرة وفي جامعات مصر قاطبة وكان ذلك عام 1955، كما كانت أول سفيرة وثاني وزيرة مصرية.

وتبوأت حفيظة الحداد منصب أول عميدة لكلية حقوق غير حكومية بمصر، في حين تولت فاطمة الرزاز -ابنة وزير مالية سابق- عمادة كلية الحقوق بجامعة حلوان الحكومية عام 2019.

وتعد تهاني الجبالي أول قاضية مصرية في المحكمة الدستورية العليا عام 2003، وتردد أن صعودها السريع قبيل ثورة يناير/كانون الثاني 2011 جاء لقربها من سوزان مبارك زوجة الرئيس الراحل حسني مبارك، ولعبت الجبالي دورا بارزا في استخدام القوانين الموجودة في التمهيد لتدخل الجيش في يوليو/تموز 2013 لعزل الرئيس الراحل محمد مرسي الذي كان أول رئيس مدني منتخب لمصر الحديثة.

أما سالي الصعيدي فهي أول قاضية بالمحاكم الجنائية عام 2009، في حين تولت داليا النمكي منصب أول قاضية رئيسة بمحكمة الأسرة عام 2010.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي