حاصرت بنجشير واستعادت 3 مديريات.. طالبان: لا تمديد للقوات الأجنبية ولا تشكيل للحكومة قبل مغادرة آخر جندي أميركي

كثفت طالبان مشاوراتها الداخلية بشأن النظام السياسي المستقبلي في أفغانستان، ورفضت التمديد للقوات الأجنبية في البلاد، وسط تلويح غربي بإمكانية ذلك، في حين فرضت حصارا على ولاية بنجشير المنيعة التي يتحصن بها خصوم للحركة.

وقال المتحدث الرسمي باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إن النظام المستقبلي في أفغانستان سيضم كل أطياف المجتمع، ومسؤولين شاركوا في الحكومات السابقة.

وأضاف مجاهد -خلال مؤتمر صحفي في كابل- أن الحركة تتحمل مسؤولية تحقيق الأمن والأمان في أفغانستان.

وقال إن الشعب الأفغاني عاش حياة تفتقر إلى الحرية طوال الـ20 عاما الماضية، مؤكدا أن طالبان لا يهمها الماضي وإنما تنظر إلى المستقبل، وتفتح صفحة جديدة، ولا تريد الانتقام من أي شخص.

3 لاءات.. الحكومة والقوات الأجنبية ووادي بنجشير

وبخصوص الحكومة المرتقبة، أفاد مصدران في طالبان لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم الاثنين بأن الحركة لن تعلن عن تشكيلتها الحكومية قبل استكمال الولايات المتحدة عملية سحب جنودها.

وقال مصدر في طالبان "اتُّخذ قرار بأنه لن يتم الإعلان عن تشكيلة الحكومة في ظل وجود جندي أميركي واحد في أفغانستان"، في تصريحات أكّد مصدر آخر في الحركة صحتها.

لا تمديد للقوات الأجنبية

وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت حركة طالبان اليوم الاثنين أنها لن تقبل تمديد مهلة انسحاب القوات الأميركية في أفغانستان التي تنتهي في 31 أغسطس/آب الجاري، وذلك بعد تلويح الرئيس الأميركي جو بايدن بالتمديد مع ضغط بريطاني.

وحذر المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان سهيل شاهين من أنه ستكون هناك عواقب إذا أخّرت إدارة بايدن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

وقال إن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى تمديد احتلالها العسكري لأفغانستان، حسب قوله.

وأضاف أن هذا التمديد سيخلق عدم ثقة بين الحركة والأميركيين، مشيرا إلى أنه إذا كان الأميركيون عازمين على استمرار ما وصفه بالاحتلال، فسيؤدي ذلك إلى رد فعل، وفق تعبيره.

وقال مسؤول في الحركة لرويترز اليوم الاثنين إن القوات الأجنبية في أفغانستان لم تسع لتمديد المهلة التي حددتها لمغادرة البلاد، التي تنتهي في 31 أغسطس/آب الجاري.

وكان بايدن قال إن القوات الأميركية قد تبقى في أفغانستان بعد الموعد النهائي المحدد للانسحاب في 31 أغسطس/آب لإجلاء الأميركيين.

وأضاف أن ثمة مناقشات جارية مع الجيش الأميركي بشأن التمديد، ولكنه أعرب عن أمله ألا تضطر بلاده إلى التمديد، مشيرا إلى أن الأمر منوط بمدى التقدم في عملية الإجلاء.

كما صدرت مواقف غربية تضغط في اتجاه تمديد بقاء القوات إلى ما بعد نهاية الشهر الجاري.

لا سكوت عما يجري في بنجشير

وضمن المواقف المعلنة اليوم الاثنين لطالبان، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لها محمد نعيم "إن منطقة بنجشير جزء من بلدنا ولا يمكن السكوت على ما يحدث فيها".

وأضاف للجزيرة أن الحركة تريد حل المشاكل في أفغانستان من خلال الحوار وبطريقة سلمية.

وقال إن الشعب لن يسمح لفرد أو فردين برفع نعرات فارغة لإثارة المشاكل وتفريق الشعب، مشيرا إلى أن من يريد إثارة المشاكل في البلد ويستجدي الخارج فهذا لن يفيد ولن يقبله الشعب الأفغاني، حسب قوله.

من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن الحركة استعادت السيطرة على 3 مديريات في ولاية بغلان كانت قوات موالية للحكومة المنصرفة قد استعادتها قبل أسبوع.

وأضاف ذبيح الله -في تغريدة على تويتر- أن مسلحي الحركة يحاصرون ولاية بنجشير شمال شرقي البلاد بعد رفض عدد من القيادات العسكرية المناوئة لطالبان تسليمها، وأوضح أن طالبان تحاول حل الوضع بالولاية عبر التفاوض، حسب قوله.

ونقل مراسل الجزيرة في أفغانستان عن مصدر في حركة طالبان أن مسلحيها تمكنوا من دخول وادي بنجشير، وينتظرون توجيهات قادة عسكريين لشن الهجوم على مقر الولاية.

وكان المراسل قد نقل عن مصدر في الحركة أنها فتحت قنوات اتصال مع أحمد مسعود (نجل القائد أحمد شاه مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة عام 2001) لتسليم بنجشير سلميا، وأن المفاوضات ما تزال مستمرة.

وقال المصدر إن طالبان سترسل قريبا وفدا لبحث الأمر عن قرب، وتقديم الضمانات اللازمة التي طلبها أحمد مسعود.

وقد تشكل جيب مقاومة في وادي بنجشير شمال شرقي كابل، حيث تجمعت فلول القوات الحكومية وجماعات من مليشيات أخرى.

وولاية بنجشير معقل لمعارضي طالبان في الأساس، ويقود "جبهة المقاومة الوطنية" هذه أحمد مسعود.

ولم تسيطر حركة طالبان على بنجشير خلال فترة حكمها السابقة للبلاد بين عامي 1996 و2001.

وصرح الناطق باسم الجبهة علي ميسم نظري لوكالة الأنباء الفرنسية بأن "جبهة المقاومة الوطنية مستعدة لصراع طويل الأمد" لكنها ما زالت تسعى للتفاوض مع طالبان من أجل حكومة شاملة.

ويقول مقربون من أحمد مسعود إن ما يزيد على 6 آلاف مقاتل، من فلول وحدات الجيش والقوات الخاصة وكذلك مجموعات من المليشيات المحلية تجمعوا في الوادي، ومعهم بعض المروحيات والمركبات العسكرية، وإنهم أصلحوا بعض المركبات المدرعة التي خلفها السوفيات.

وعبّر دبلوماسيون غربيون وآخرون عن شكوكهم في قدرة الجماعات المتجمعة هناك على شن مقاومة فعالة، في ظل الافتقار إلى الدعم الخارجي والحاجة إلى إصلاح الأسلحة وصيانتها.

اشتباكات بمحيط المطار

من جهة أخرى، قال الجيش الألماني إن جنديًّا أفغانيًّا قتل، وجرح 3 آخرون، في اشتباكات مع مسلحين مجهولين قرب مطار كابل صباح اليوم الاثنين.

وأضاف -في تغريدة له على تويتر- أن معركة بالأسلحة النارية اندلعت بين قوات الأمن الحكومية الموجودة بالمطار مدعومة بقوات أميركية وألمانية، ومسلحين مجهولين عند بوابة المطار الشمالية.

وأكد وزير القوات المسلحة البريطانية وقوع الاشتباكات، وقال إنها وقعت في الجانب الآخر من المطار وإن قواته لم تشارك فيها.

وكان الملا فاتح -مسؤول الأمن عن حركة طالبان في مطار حامد كرزاي الدولي في كابل- قال إنه يتوقع "فتح المطار أمام الملاحة المدنية في غضون أيام".

وأضاف في تصريح للجزيرة أن الأميركيين "هم من يمنعون الناس من دخول المطار، وهم الذين يقولون لنا دوما: لا تسمحوا لأحد بالدخول حتى من يحمل جوازات وتأشيرة عبور".

وأكد الملا فاتح أنه يتألم عندما يرى نساء وأطفالا يفترشون الأرض ويسقطون في التدافع.

تعيين قائم بأعمال محافظ البنك المركزي

وفي تطور آخر، ذكر بيان اليوم الاثنين أن طالبان عينت قائما بأعمال محافظ البنك المركزي للمشاركة في تخفيف حدة الاضطرابات الاقتصادية بعد أكثر من أسبوع من اجتياح الحركة العاصمة كابل.

وعينت طالبان حاجي محمد إدريس قائما بأعمال محافظ البنك المركزي للمساعدة على إعادة النظام للاقتصاد الذي دمرته الحرب إذ أغلقت البنوك أبوابها منذ أكثر من أسبوع وخلت المكاتب الحكومية من الموظفين.

وقال ذبيح الله مجاهد إن من المتوقع أن يعمل إدريس على تنظيم أوضاع المؤسسات، ومعالجة القضايا الاقتصادية التي يعاني منها السكان.

وتعيش العاصمة كابل خارج محيط المطار حالة من الهدوء النسبي، ويواصل مقاتلو طالبان المسلحون تسيير دوريات في الشوارع وإقامة حواجز.

المصدر : الجزيرة + وكالات