قرارات منع السفر والحد من التنقل بتونس.. حقوقيون ينتقدونها والرئيس يعتبرها تستهدف المطلوبين للعدالة

نشر النائب عن التيار الديمقراطي أنور بالشاهد تدوينة أكد فيها منعه من السفر لفرنسا بمجرد وصوله مطار تونس قرطاج، واصفا القرار بالتعسفي في حقه والاعتداء الصارخ على حقوق الإنسان.

الرئيس التونسي قيس سعيد شدد على أن حرية التنقل مضمونة باستثناء المطلوبين للعدالة (موقع الرئاسة)

أعاد قرار السلطات في تونس، وضع مجموعة من نواب البرلمان قيد الإقامة الجبرية ومنع آخرين من السفر، جدلا حقوقيا، حول دستورية هذا الإجراء في ظل غياب أي سند قضائي، في حين بارك آخرون الخطوة مذكرين بأن البلاد تحت حكم الإجراءات الاستثنائية التي أقرها الرئيس قيس سعيد.

وأعلن عدد من النواب المجمدين، عبر تدوينات على حساباتهم الشخصية على فيسبوك، عن تفاجئهم بصدور قرارات تمنع بعضهم من السفر خارج البلاد ولزملاء لهم باتوا قيد الإقامة الجبرية.

وكان الرئيس قد أعلن في 25 يوليو/تموز الماضي عن تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة رئيس الحكومة وتوليه السلطة التنفيذية، في إجراء اعتبره خصومه "انقلابا على الدستور" وسماه أنصاره "تصحيح للمسار".

 

ونشر النائب عن التيار الديمقراطي أنور بالشاهد تدوينة أكد فيها منعه من السفر لفرنسا بمجرد وصوله مطار تونس قرطاج، واصفا قرار المنع بالتعسفي في حقه والاعتداء الصارخ على حقوق الإنسان.

بدوره، أكد النائب زهير مخلوف، عبر صفحته على فيسبوك، عن وضعه وزميله محمد صالح اللطيفي قيد الإقامة الجبرية، لمدة 40 يوما قابلة للتمديد.

وسبق أن أعلنت حركة النهضة، في بيان رسمي، عن وضع قياديها الوزير السابق أنور معروف قيد الإقامة الجبرية، وإعلامه بالأمر من قبل عناصر أمنية دون مده بأي نسخة مكتوبة أو قرار معلل.

وعبرت الحركة، في السياق ذاته، عن رفضها لهذا الإجراء الذي وصفته بغير القانوني والتعسفي، مؤكدة توجهها للمحكمة الإدارية قصد الطعن فيه.

وأعلنت كتلة النهضة في البرلمان عن تضامنها مع أعضاء مجلس نوّاب الشّعب وعائلاتهم، معتبرة أنّ ما يتعرّضون له من منع للسّفر مسّ بالحقوق الفردية والعامة التّي ضمنها الدستور وجاءت بها قيم الثّورة، وفق نص البيان.

بدوره، أكد النائب عن ائتلاف الكرامة الحبيب بن سيدهم وضع زميله في الكتلة يسري الدالي قيد الإقامة الجبرية، وذلك في تدوينة عبر حسابه الشخصي اليوم.

 

 

وفي حديثه للجزيرة نت، عبر النائب بالشاهد عن تفهمه للقرار "بحق الأشخاص الذين أجرموا في حق البلاد" لكنه دعا ألا تكون العقوبة جماعية وألا يأخذ نواب وسياسيون شرفاء بذنب آخرين.

وطالب النائب السلطات بتحديد وتوضيح المعايير التي تم على إثرها صدور قرارات منع السفر، وبإخطاره حال وجود قرار قضائي يمنعه من السفر، واصفا الأمر بغير الدستوري.

وكان بيان صادر عن حزب التيار الديمقراطي أدان خلاله منع قياديه بالشاهد من السفر، واصفا إياه بالإجراء التعسفي الذي تم دون قرار قضائي أو إداري.

وحذر الحزب من "تحويل الحرب على الفساد من هدف مشترك إلى أداة انتقائية للتشفي وتصفية الحسابات السياسية بمنطق شعبوي" داعيا إلى احترام استقلالية القضاء والقوانين.

 

إجراء ظرفي

من جانبه، قلل النائب عن حركة الشعب بدر الدين القمودي، في حديثه للجزيرة نت، المخاوف التي طرحها بعض زملائه في علاقة بإجراءات تحجير السفر والإقامة الجبرية، مؤكدا أنها تبقى مجرد قرارات ظرفية اتخذت في ظروف بعينها ووجب تفهم أهدافها، حسب قوله.

وتابع "هو إجراء فيه تقييد من حرية التنقل لكن علينا في الظرف الراهن إعطاء أولوية للاعتبارات الأمنية وتغليب مصلحة البلاد، وأنا شخصيا لا أرى فيه أي استهداف لجهة أو خصم سياسي بعينه، والدليل أنه شمل الجميع دون انتقاء".

لكن القمودي دعا السلطات إلى التعجيل في إحالة ملفات الممنوعين من السفر والمشمولين بقرارات الإقامة الجبرية إلى القضاء، وفسح المجال لأي متضرر في الطعن لدى الجهات القضائية.

وكان الرئيس قد تحول أمس إلى مطار تونس قرطاج بشكل فجائي، وأكد خلال لقائه بمجموعة من الإطارات الأمنية والديوانية بالمطار أن "حرّية التنقل مضمونة ولا نيّة للمساس بها".

وتابع "لو كانت النية تتجه فعليا لحرمان التونسيين من السفر إلى الخارج لتم إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية، لكنه لم يتم اللجوء لذلك لأن الأمر يتعلق بتطبيق القانون".

وشدد سعيد على أن "حرية التنقل مضمونة بنص الدستور" وأنه لم يتم المساس بها إطلاقا باستثناء "بعض التدابير الاستثنائية لأشخاص مطلوبين للعدالة" داعيا إياهم لتسوية وضعيتهم لدى القضاء.

بالشاهد أكد منعه من السفر دون حكم قضائي (مواقع التواصل)

وفي قراءة دستورية لإجراءات منع السفر وتقييد حرية بعض النواب عبر وضعهم قيد الإقامة الجبرية، قال الباحث بالقانون الدستوري رابح الخرايفي إن الأمر يتعلق بـ "تقييد وقتي ومحدود في الزمن للحريات والحقوق الأساسية ومنها حرية التنقل داخل تونس وخارجها فترة الاستثناء".

واستنتج الخرايفي في تدوينة شخصية أن النخب السياسية والقانونية والحزبية لم تستوعب ما معنى الاستثناء المتخذ وفق الفصل 80 من الدستور، وما يترتب عنه من آثار قانونية على الحقوق والحريات الأساسية، ومنها حرية التنقل داخل تونس وخارجها.

وشدد على أن قرار وضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية إداري شخصي وقتي محدود في الزمن، يمكن للمتضرر منه أن يطعن أمام القضاء الإداري.

المصدر : الجزيرة