احتجاجات وقطع للطرقات بلبنان بعد قرار المركزي رفع الدعم عن المحروقات

أعلن المصرف المركزي اللبناني توقفه كليا عن دعم استيراد المحروقات؛ ما يعني ارتفاعا حادا بأسعارها.

تحولت محطات وقود في لبنان إلى ساحات نزاع بعد إغلاق بعضها بانتظار إعلان التسعيرة الرسمية للوقود عقب قرار المصرف المركزي رفع الدعم عن استيراد المحروقات؛ الأمر الذي لاقى رفضا حكوميا وشعبيا واسعا.

وعاد مشهد اصطفاف السيارات في طوابير طويلة مجددا أمام محطات الوقود بالبلد الذي يعاني من أزمات سياسية واقتصادية مستمرة منذ أكثر من عامين.

ووفق مراسلة الأناضول، أغلقت معظم محطات الوقود أبوابها اليوم الجمعة، في انتظار إعلان التسعيرة الرسمية من وزارة الطاقة والمياه. فيما شهدت محطات الوقود القليلة التي استمرت بالعمل اصطفاف مئات السيارات في طوابير امتدت لعدة كيلومترات.

وبالتزامن مع الفوضى في محطات الوقود تواصلت الاحتجاجات الشعبية بمناطق متفرقة من البلاد اعتراضا على رفع الدعم عن المحروقات. وقطع عشرات المحتجين -صباح اليوم- طرقا رئيسية عدة في شمالي وجنوبي لبنان وبمنطقة البقاع (وسط)، رفضا للقرار والأوضاع المعيشية الصعبة.

متظاهرون وعناصر أمن بالقرب من منزل حاكم البنك المركزي رياض سلامة عقب قرار رفع الدعم عن المحروقات (رويترز)

بدورها، قالت وكالة الأنباء اللبنانية إن مجموعة من الشبان اقتحموا ظهر اليوم مبنى بلدية النبطية (جنوب)، مطالبين بتوفير الكهرباء للمنازل بعد توقف مولدات الاشتراك عن التغذية (بالكهرباء) بحجة نفاد مادة المازوت.

كما أشارت الوكالة إلى أن شبانا غاضبون عند مثلث كفررمان النبطية صادروا صهريج مازوت كان متوجها إلى إحدى المحطات ومنعوه من إكمال طريقه، مطالبين بمصادرة المازوت فيه وإفراغها في مولدات الاشتراك.

وأول أمس الأربعاء، أعلن المصرف المركزي توقفه كليا عن دعم استيراد المحروقات، وقال إنه سيشرع بدءا من أمس الخميس بتأمين الاعتمادات اللازمة لاستيراده وفق سعر الدولار بالسوق.

ويعني هذا القرار أن أسعار الوقود ستزيد بشكل حاد، وهو ما من شأنه أن يفاقم الأوضاع المعيشية في هذا البلد الذي يشهد أزمات متعددة.

ووفق دراسة أعدتها شركة خاصة، فإنه في ضوء هذا القرار سيرتفع سعر صفيحة البنزين (20 ليترا) من نحو 75 ألف ليرة إلى 336 ألفا، في وقت يبلغ الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة (نحو 32 دولارا).

متظاهرون يغلقون المدخل الجنوبي لبيروت في منطقة الأوزاعي احتجاجا على رفع الدعم عن المحروقات (الأوروبية)

وحتى الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش من صباح اليوم لم تصدر أية تسعيرة رسمية للمحروقات في لبنان بعد قرار رفع الدعم.

وفي يونيو/حزيران الماضي، بدأ مصرف لبنان بإصدار اعتمادات لاستيراد الوقود بسعر 3 آلاف و900 ليرة للدولار. فيما يصرف الدولار في السوق الموازية بنحو 20 ألف ليرة، مقابل 1510 ليرات وهو السعر الرسمي.

رفض حكومي

من جانبها، أعلنت حكومة تصريف الأعمال في لبنان برئاسة حسان دياب -أمس الخميس- رفضها قرار المصرف المركزي وقف دعم استيراد الوقود، والذي أثار احتجاجات بعدة مناطق، في حين أجل البرلمان جلسة عامة كانت مخصصة للنظر في القرار الاتهامي بقضية انفجار مرفأ بيروت.

وطلب دياب من وزير المالية إبلاغ حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بأن قراره رفع الدعم عن الوقود مخالف للقانون الصادر عن البرلمان، ومخالف لسياسة الحكومة.

وترأس دياب اجتماعا وزاريا مصغرا عقد بشكل طارئ بعد ظهر أمس لبحث قرار حاكم المصرف المركزي.

وقال وزير الصناعة عماد حب الله -في مؤتمر صحفي- إن الاجتماع خلص إلى ضرورة استمرار دعم استيراد المحروقات والبدء بترشيده فور وضع البطاقة التمويلية للأسر الأشد فقرا موضع التنفيذ.

لقاء بين الرئيس اللبناني ميشال عون (يسار) وحاكم المركزي رياض سلامة في مارس/آذار الماضي بالقصر الرئاسي (رويترز)

وأعلنت رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون استدعى سلامة أمس الخميس؛ وذلك بعد ساعات من إعلان المصرف عن قرار ينهي فعليا دعم استيراد الوقود، وحذرت الرئاسة من التداعيات "الخطيرة" لهذا القرار.

في المقابل، دافع المصرف المركزي عن قراره، وقال -في بيان- إنه يجب الانتقال من سياسة دعم السلع التي يستفيد منها المحتكرون إلى دعم المواطنين مباشرة.

وأضاف أنه دفع 800 مليون دولار خلال يوليو/تموز الماضي لدعم المحروقات، وأن المواد لا تزال رغم ذلك مفقودة، مشيرا إلى أنه أكد للحكومة مرارا عدم إمكانية المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية.

أزمة مستمرة

ومنذ أسابيع، ينتظر اللبنانيون في طوابير طويلة لعدة ساعات من أجل التزود بالوقود، في وقت تسجل البلاد انقطاعات للكهرباء في فترات تصل إلى 20 ساعة يوميا.

وكان "المركزي" يدعم استيراد الوقود عبر آلية يوفر بموجبها 85% من القيمة الإجمالية لكلفة الاستيراد، وفق سعر الصرف الرسمي، في حين يدفع المستوردون المبلغ المتبقي وفق سعر الصرف بالسوق السوداء.

يذكر أن دعم الوقود -الذي تبلغ كلفته 3 مليارات دولار سنويا- أسهم من بين أمور أخرى في استنزاف احتياطات النقد الأجنبي لدى "المركزي" والتي تراجعت من أكثر من 40 مليار دولار عام 2016 إلى 15 مليارا في مارس/آذار الماضي.

وكانت العملة المحلية فقدت أكثر من 90% من قيمتها بأقل من عامين، في حين قفز التضخم السنوي إلى نحو 158% في مارس/آذار الماضي من 10% في يناير/كانون الثاني 2020.

المصدر : الجزيرة + وكالات