تدير 7 من أصل 10.. لهذه الأسباب سيطرت طالبان على المعابر الحدودية

تعمل حركة طالبان بإستراتيجية جديدة تتمثل بالسيطرة على المعابر ومراكز الولايات الحدودية، بشكل خاص، وتتجنب خوض معارك للسيطرة على كبريات المدن في البلاد، لا سيما العاصمة كابل.

جنود باكستانيون على الحدود مع أفغانستان التي أغلقتها طالبان بعد سيطرتها على ولاية شامان (الأوروبية)

كابل – شكل الانسحاب الأميركي وقوات الناتو من أفغانستان فرصة أمام طالبان لاختبار قوة وقدرات القوات الحكومية التي أمضت القوات الأجنبية 20 سنة في تدريبها وتأهيلها.

ويعتقد مراقبون أن التقدم السريع الذي حققته حركة طالبان على الأرض، وسيطرتها على مناطق واسعة في فترة زمنية قصيرة، مؤشر على قدرة الحركة على السيطرة على كامل أفغانستان في حال التزمت الولايات المتحدة ببنود الاتفاقية التي وقعتها مع الحركة في فبراير/شباط 2020 في الدوحة، والتي تنص على انسحاب كامل ووقف شامل لجميع المهام القتالية التي كانت الولايات المتحدة تنفذها في أفغانستان.

أما إذا استمرت الولايات المتحدة بقصف مواقع طالبان، وتقديم الدعم الجوي للقوات الأفغانية، فإن ذلك سيطيل أمد الحرب في أفغانستان دون أن يحسم الصراع الدائر، حسب مراقبين.

ومع تعثر المفاوضات الأفغانية الأفغانية، اعتمدت حركة طالبان إستراتيجية التفوق في الميدان باستيلائها على مديريات كثيرة في مختلف الولايات، واتجهت مؤخرا إلى الاستيلاء على مراكز الولايات في الشمال والغرب، كما تمكنت من السيطرة على معابر أفغانستان مع دول الجوار، وبهذا أحكمت سيطرتها على شرايين الاقتصاد في أفغانستان، وهذا ما شكل العنصر الجديد في إستراتيجية حركة طالبان.

ففي الأسابيع القليلة الماضية بلغ إجمالي المعابر الحدودية التي تسيطر عليها طالبان ثلثي المعابر التجارية (7 من أصل 10)، بينما تسيطر الحكومة على معبرين، هما طورخم وغلام خان مع باكستان، ومعبر حيرتان مع أوزبكستان.

وعن ذلك يقول جانخان الكوزي مستشار الغرف التجارية الأفغانية للجزيرة نت إن "الحكومة تتكبد شهريا خسائر بحوالي 3 مليارات روبية أفغانية (حوالي 4 ملايين دولار). ويعتبر هذا مبلغا كبيرا خاصة في ظل الظروف الراهنة، حيث تسيطر عصابات المال على معظم المناجم، وتدني حجم التبادل التجاري مع دول المنطقة".

وبالإضافة إلى المعابر، فقد تمكنت الحركة من السيطرة على 9 عواصم إقليمية حدودية، خلال الأيام الخمسة الأخيرة، هي "نيمروز" و"فراه" غربا، وكل من "جوزجان" و"ساربول" و"سمنجان" و"تخار" و"قندوز" و"بغلان" و"بدخشان" في الشمال.

مهاجر فراهي نائب رئيس اللجنة الاقتصادية والجمارك التابعة لطالبان في غرب أفغانستان (الجزيرة)

شريان الاقتصاد بيد طالبان

نائب رئيس اللجنة الاقتصادية والجمارك في غرب أفغانستان التابع لحركة طالبان، مهاجر فراهي قال إن "الحكومة الأفغانية كانت تفرض جمارك باهظة على البضائع المستوردة، وكانت تستخدم جزءا من هذه الأموال في حربها ضد طالبان، وجزء منها كان يجرفه تيار الفساد".

ويواصل حديثه "بالتأكيد ستكون لسيطرة الحركة على المعابر انعكاسات سلبية على أداء الحكومة التي عجزت عن دفع الرواتب لجنودها، لأنها تعاني من عجز حاد في الميزانية".

وأضاف فراهي متحدثا للجزيرة نت "إن حكومة كابل قد لا تدفع رواتب الموظفين المدنيين في المناطق التي انتزعتها طالبان مؤخرا، وما نجمعه من أموال الجمارك سنستفيد منه في تقديم الخدمات المدنية للمواطنين وفي العمليات الحربية بشفافية".

ويؤكد فراهي أن عائدات الجمارك بمثابة العمود الفقري لاقتصاد أفغانستان، "وسنقدم نموذجا جديدا في إدارة الجمارك تقوم على الشفافية ومحاربة الفساد".

وعن مخاوف دول الجوار من سيطرة طالبان على المعابر الحدودية معها، بدد فراهي مخاوف هذه الدول بقوله "تواصلنا وأجرينا محادثات مع دول الجوار والمنطقة، وأكدنا لهم أن مصالحهم لن تمس، ولن تهددها أية مخاطر".

وأضاف "المعابر الحدودية بمثابة بوابة أفغانستان إلى العالم، خاصة دول الجوار، ونحن نحاول أن نقدم صورة صحيحة عن البلد والحكم، وحريصون على تحسين العلاقات الثنائية مع هذه الدول، على قاعدة الاحترام المتبادل لسيادة الدول".

طالبان بإستراتيجية جديدة

يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد سعيدي "الجمارك كانت تغطي 30% من إيرادات الدولة، في حين كانت تأتي 70% من موازنة الدولة من أموال المساعدات المقدمة للحكومة الأفغانية، وباستيلاء طالبان على المعابر الحدودية أصبحت طالبان في وضع مادي متفوق على الحكومة الأفغانية".

ويرى سعيدي في حديثه للجزيرة نت أنه إلى جانب ما تدره المعابر من أموال على حركة طالبان، تستفيد الحركة من هذه المعابر في تحسين علاقاتها بدول الجوار التي لا تخفي تخوفها من سيطرة طالبان على أفغانستان، وتخشى من تسلل مقاتلي آسيا الوسطى إلى تلك الدول.

ويضيف "لطمأنة هذه الدول فتحت معها طالبان قنوات اتصال مباشر لتحسين صورتها، وتأكيدها على أن الحركة لا تنوي الإضرار بأي جهة، خاصه جيران أفغانستان".

وعن انعكاسات الواقع الجديد على المفاوضات السياسية بين طالبان وحكومة كابل، قال سعيدي " تقدم طالبان على الأرض يفرض واقعا جديدا ينعكس حتما على سير المفاوضات، وربما تخلق مواقف أكثر تشددا تجاه طالبان التي تسعى لخطب ود العالم، فسياسة الحركة لم تعد تلك التي مارستها في تسعينيات القرن الماضي، وهي تخشى العزلة السياسية التي عاشتها في تلك الفترة".

لذلك يختم المحلل السياسي حديثه بالقول "تعمل حركة طالبان بإستراتيجية جديدة تتمثل بالسيطرة على المعابر ومراكز الولايات الحدودية، بشكل خاص، وتتجنب خوض معارك للسيطرة على كبريات المدن في البلاد، لا سيما العاصمة كابل".

المصدر : الجزيرة