اتهامات لرئيس الوزراء بالمراوغة لتجنب ثقة البرلمان.. مناكفة غير معهودة بين الحكومة والملك في ماليزيا

مئات السباب الماليزي تحدى إجراءات حظر التجمع وتظاهروا وسط كوالالمبور للمطالبة بإقالة الحكومة
مئات الماليزيين تحدوا إجراءات حظر التجمع وتظاهروا بكوالالمبور للمطالبة بإقالة الحكومة (الجزيرة)

كوالالمبورـ تعيش ماليزيا على وقع دراما صاخبة في البرلمان لم تعهدها من قبل، إذ تعالت فيها أصوات المعارضة للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء محيي الدين ياسين، واتهام الحكومة بالخيانة الوطنية.

وجاءت تلك التطورات إثر انتقاد الملك عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه قرار الحكومة إلغاء 6 مراسيم تنفيذية من دون العودة للملك أو استشارة البرلمان، وكانت اتخذت استنادا إلى حالة الطوارئ المعلنة منذ يناير/كانون الأول الماضي حتى الأول من أغسطس/آب القادم.

وأجج بيان للبلاط الملكي الموقف الشعبي والبرلماني ضد الحكومة، الذي اعتبر قرارها مخالفة دستورية، ووصف إحاطة وزير الشؤون القانونية والبرلمانية تقي الدين حسن للبرلمان بشأن إلغاء المراسيم بأنه غير دقيق وتضليل للبرلمان. في حين ذهب أنور إبراهيم زعيم المعارضة في البرلمان إلى اعتبار تجاوز الحكومة إرادة الملك خيانة وطنية.

الحكومة تعقب

أما الحكومة فقد أصدرت بيانا أكدت فيه دستورية قراراتها، وهو ما اعتبره مراقبون تحديا غير مسبوق لإدارة الملك، وكان الأجدر بها عدم الرد علانية والاكتفاء بطلب لقاء الملك للتوضيح.

كما تجنب وزير الشؤون القانونية والبرلمانية الإجابة عن أسئلة النواب المتعلقة بعدم الحصول على موافقة الملك على إلغاء المراسيم المبنية على قانون الطوارئ.

ويرى مراقبون أن الجلسة الاستثنائية للبرلمان كان يمكن أن تمر من دون إثارة لولا ما اعتبروه مناكفة غير مسبوقة من الحكومة للملك.

متظاهرون يطالبون بانتخابات مبكرة يحملون لافتات كتبوا عليها لقد ماتت الديموقراطية
متظاهرون يطالبون بانتخابات مبكرة ويحملون لافتات كتبوا عليها "لقد ماتت الديمقراطية" (الجزيرة)

ويرى رئيس معهد دراسات بيت الأمانة عبد الرزاق أحمد أن ردّ الحكومة على الملك لم يكن موفقا، وكان الأجدر برئيس الوزراء طلب لقاء الملك وإطلاعه على حيثيات قراراته.

الجائحة والانتخابات

وفي تصريحات خاصة بالجزيرة نت، رأى وزير الدفاع السابق محمد سابو أن عقد جلسة استثنائية للبرلمان تحايل من قبل الحكومة على إرادة الملك، الذي وجّه بعقد جلسة عادية، وذلك تجنبا لفراغ دستوري، حيث يرى خبراء في القانون الدستوري أن البرلمان يحل تلقائيا إذا تجاوزت المدة بين جلستين 6 أشهر.

وتحدى سابو كغيره من قادة المعارضة رئيس الوزراء بعقد دورة عادية للبرلمان يسمح فيها بالتصويت على الثقة فيها، وذلك وفق النظام الديمقراطي البرلماني المتبع في ماليزيا، ورفض التذرع بالجائحة لتجنب التوجه للانتخابات، أسوة بكثير من الدول التي أجرت الانتخابات، مثل بريطانيا وأميركا وإيران.

وأضاف سابو أن سحب أكبر الأحزاب المشاركة في السلطة دعمه لرئيس الوزراء يعني أن الحاجة لإجراءات سحب الثقة من الحكومة في البرلمان لم تعد ضرورية لإسقاطها.

وقال إنه من الناحية الأخلاقية "ينبغي لرئيس الوزراء الاستقالة بعد إعلان حزب أمنو سحب ثقته منه، أو أن يصدر الملك مرسوما يقيل فيه الحكومة"، فهي -في رأي سابو رئيس حزب الأمانة الوطنية- لا تحظى بشعبية، ولم تأت بتفويض شعبي عبر الانتخابات، بل من خلال ترتيبات الأبواب الخلفية.

ورغم أن الحكومة جعلت جلسة مجلس النواب الاستثنائية 5 أيام لإطلاعه على خطة التعافي من جائحة كورونا، فقد أوقفت المداولات قبل يوم واحد من ختامها بذريعة إصابة نواب وموظفين في البرلمان بالفيروس، وهو ما لم يجد قبولا من قبل قطاعات شعبية واسعة تطالب بانتخابات مبكرة للخروج من الأزمة الدستورية والسياسية التي تعيشها البلاد.

وتحدى مئات من الشباب قرارات الحكومة بمنع التجمهر، وتظاهروا السبت الماضي في العاصمة كوالالمبور للمطالبة بإسقاط الحكومة، وذلك بعد حملة واسعة على وسائل التواصل تنعتها بالفاشلة وتطالب بانتخابات مبكرة.

وزير الدفاع الماليزي السابق محمد سابو تحدى الحكومة بأن تعرض نفسها على البرلمان لكسب ثقته وإلا فلا مجال أمامها سوى أن تقدم استقالتها أو أن يقيلها
وزير الدفاع الماليزي السابق محمد سابو تحدى الحكومة بأن تعرض نفسها على البرلمان لكسب ثقته (الجزيرة)

العودة للملك

ونظرا لعدم انعقاد جلسة عادية للبرلمان، يستبعد عبد الرزاق أحمد إمكانية الإطاحة بحكومة محيي الدين ياسين عبر البرلمان، ويرى في حديث للجزيرة نت أنها أثبتت قدرتها على المراوغة أمام الضغوط المتصاعدة، ورجّح أن تلجأ أحزاب معارضة ومشاركة في السلطة إلى طرق خارج نطاق البرلمان المعلق للخروج من المأزق السياسي.

ويعتقد عبد الرزاق أن أحد الوسائل التي يمكن أن تلجأ إليها بعض الأحزاب رفع عريضة للملك يوقع عليها أغلب أعضاء البرلمان تؤكد سحبهم الثقة من الحكومة، وتكون دليلا كافيا باعتبارها فاقدة للأهلية، استنادا إلى سوابق دستورية.

ويرى خالد نور الدين نائب رئيس حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو) أن البديل عن حكومة ضعيفة هو حكومة مؤقتة تكون مهمتها إخراج البلاد من أزماتها الصحية والاقتصادية والتحضير للانتخابات المقبلة.

وخيّر في بيانه قيادة الحزب بين الولاء للملك والانحياز للشعب والدستور أو الاستمرار في دعم حكومة محيي الدين ياسين.

المصدر : الجزيرة