سد النهضة.. مشروع قرار عربي بمجلس الأمن وتحركات مصرية سودانية قبيل جلسة الخميس

مشروع القرار الذي وزعته تونس في مجلس الأمن بشأن سد النهضة يحث إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار في التعبئة الثانية ويدعو الدول الثلاث لوضع نص اتفاق ملزم بشأن السد خلال ستة أشهر

حصلت الجزيرة على نسخة من مشروع قرار بشأن سد النهضة وزعته تونس على أعضاء مجلس الأمن بصفتها ممثلا للمجموعة العربية في المجلس، في وقت تكثفت الاتصالات الدبلوماسية قبيل جلسة منتظرة للمجلس يوم غد الخميس لبحث أزمة السد الإثيوبي.

ويحث مشروع القرار إثيوبيا، على الامتناع عن الاستمرار في تعبئة خزان سد النهضة من جانب واحد، ويطالب مصر والسودان وإثيوبيا باستئناف مفاوضات السد بدعوة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.

كما يدعو الدول الثلاث إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراء يعرّض عملية التفاوض للخطر، ووضع نص اتفاق ملزم بشأن سد النهضة خلال 6 أشهر.

تحضيرات الساعات الأخيرة

ويعقد مجلس الأمن جلسة يوم غد الخميس بناء على طلب دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، وستكون الثانية من نوعها بعد جلسة عُقدت قبل عام، وانتهت بحثّ أطراف الأزمة على الحوار، تحت قيادة الاتحاد الأفريقي.

واستبقت مصر والسودان ذلك بتحركات دبلوماسية بهدف حشد الدعم لموقفيهما في الجلسة المنتظرة التي أعربت أديس أبابا عن رفضها للجوء الدولتين لمجلس الأمن وتمسكها بالوساطة الأفريقية.

والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري في نيويورك مندوبِي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تمتلك حق النقض (الفيتو). وقال المتحدث باسم الخارجية في تغريدة إن شكري أكد ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته إزاء قضية سد النهضة. كما أكد موقف مصر الثابت بشأن ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن تعبئة وتشغيل السد.

وقالت الوزارة، في بيان لاحق، إن شكري التقى أيضا مندوبي ‫فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الدائمين بالأمم المتحدة وذلك ضمن تحركات مكثفة لعرض أبعاد الموقف المصري في ملف السد.

ومنذ الاثنين، تشهد نيويورك اجتماعات واتصالات مصرية وسودانية مكثفة حول السد، حيث التقى وزير الخارجية المصري نظيرته السودانية مريم الصادق المهدي، وأصدرا بيانا مشتركا قالا فيه إن بدء إثيوبيا في الملء الثاني للسد "تصعيد خطير يكشف سوء نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع". وأضاف الوزيران أن بدء التعبئة الثانية يعد انتهاكا للقوانين الحاكمة لاستغلال موارد عابرة للحدود.

مواقف دولية

في سياق متصل، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في تصريحات صحفية الثلاثاء إن بدء إثيوبيا ملء خزان سد النهضة "سيزيد التوتر على الأرجح"، وحث جميع الأطراف على الإحجام عن التحركات الأحادية إزاء السد.

Ned Price
المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس اعتبر أن بدء إثيوبيا ملء سد النهضة قد يزيد من التوتر (رويترز)

وفي السياق نفسه، دعا ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إلى تجنب أي إجراء أحادي بشأن سد النهضة يقوض فرص الحل.

كما جدد دوجاريك دعم الأمين العام لوساطة الاتحاد الأفريقي، مضيفا أن أي حل يجب أن يعتمد على مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، والالتزام بعدم التسبب في ضرر كبير.

بدورها، قالت وكالة الأنباء السعودية إن المملكة أكدت دعمها ومساندتها لمصر والسودان في المحافظة على حقوقهما المائية المشروعة.

وجددت المملكة تأكيدها أهمية استقرار الأمن المائي لكل من مصر والسودان والعالم العربي والقارة الأفريقية.

وعبرت المملكة عن دعمها للتحركات الدولية الرامية إلى إيجاد حل ملزم لإنهاء الأزمة، داعية المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لإيجاد آلية واضحة لبدء التفاوض بين الدول الثلاث لإيجاد مخرج.

وكانت إثيوبيا أخطرت مصر والسودان الاثنين ببدء عملية الملء الثاني للسد من دون إبرام اتفاق ثلاثي ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، وقد عبرت القاهرة والخرطوم عن رفضهما القاطع لبدء الملء، واعتبرتاه "مخالفة صريحة" لاتفاق المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة عام 2015.

ووضعت الخطوة الإثيوبية دولتي المصب -مصر والسودان- أمام الأمر الواقع، وذلك رغم تفاوض مصر والسودان وإثيوبيا منذ عام 2011 للوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وهو الأكبر في القارة الأفريقية، إذ تصل قدرته على توليد الكهرباء إلى 6500 ميغاوات.

وتُصر أديس أبابا على ملء ثان للسد، بعد نحو عام على ملء أول، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق مسبق. بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي ملزم بشأن الملء والتشغيل، لضمان سلامة منشآتهما المائية، واستمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل. وكانت إثيوبيا أعلنت الأحد الماضي رفع مستوى تأهب قواتها المنتشرة في منطقة السد، لتأمين المرحلة الثانية من عملية ملئه.

مواقف الشركاء الثلاثة

وقال عضو الوفد المصري في مفاوضات سد النهضة عارف غريب للجزيرة، إن اتفاق إعلان المبادئ لم ينص على قواعد التعبئة والتشغيل للسد، مضيفا أن إثيوبيا لم تشارك مصر والسودان دراسات السد.

من جانبه، قال وزير الري السوداني السابق عثمان التوم في مقابلة مع الجزيرة إن الدفع السياسي لقضية سد النهضة عقّد الأزمة، مؤكدا أن مواطني السودان ومصر وإثيوبيا يعانون جراء أزمة السد، حسب تعبيره.

في المقابل، قال عضو الوفد الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة يلما سيليشي إن تعبئة وتشغيل السد أمر تم الاتفاق عليه في إعلان المبادئ، وأضاف، في مقابلة مع الجزيرة، أن إثيوبيا تقوم بتعبئة وتشغيل سد النهضة بشكل متزامن.

وذكر المسؤول الإثيوبي أن إشعار بلاده لمصر والسودان ببدء عملية التعبئة الثانية هدفه إتاحة الفرصة للبلدين لترتيب أوضاعهما.

وترى مصر أن السد تهديد خطير لحصتها من مياه النيل التي تعتمد عليها بالكامل تقريبا، كما عبر السودان عن قلقه إزاء السلامة الإنشائية للسد وأثره على السدود ومحطات المياه السودانية، ولا سيما ما يتعلق بفيضان مياه النيل.

بالمقابل، تقول إثيوبيا إن السد، الذي أقيم على النيل الأزرق فيها، أساسي لتنميتها الاقتصادية وتزويد شعبها بالكهرباء، وإنها لا تهدف إلى الإضرار بمصر والسودان، وتؤكد إثيوبيا أنها تمارس أخيرا حقوقها في مياه النيل التي يسيطر عليها جيرانها عند المصب منذ فترة طويلة.

وقد دعا رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد أول أمس الاثنين مختلف دول العالم إلى تفهم النية الحقيقية من بناء سد النهضة، وأن بلاده لا تعتزم إلحاق الضرر بدول المصب، وقال إن هدف بلاده من بناء سد النهضة هو تلبية حاجاتها من الكهرباء فحسب.

يشار إلى أنه رغم إصرار مصر والسودان على تأجيل ملء خزان السد حتى التوصل إلى اتفاق شامل، فقد أعلنت أديس أبابا في 21 يوليو/تموز 2020 إنجاز مرحلة الملء الأولى بسعة 4.9 مليارات متر مكعب، كما كررت أديس أبابا في الفترة القليلة الماضية أنها ماضية في مرحلة الملء الثانية التي تتطلب 13.5 مليار متر مكعب من الماء.

المصدر : الجزيرة + وكالات