بعد قرارات الرئيس سعيّد.. لماذا أُغلقت المؤسسات العمومية بتونس؟

شكك محللون تونسيون في نية الرئيس سعيّد مكافحة الفساد، مستندين إلى تصريحاته التي أعطت الأمان لرجال الأعمال، ولعدم تنفيذه اعتقالات بحق من وصفوا بـ"عصابات المال الكبرى"

A military vehicle is pictured in front of the parliament building in Tunis
قوة عسكرية تتمركز أمام مقر البرلمان المغلق في العاصمة التونسية (رويترز)

تونس- لأول مرة من دون عطلة رسمية، استيقظ التونسيون اليوم الثلاثاء على انغلاق العديد من المؤسسات العمومية بأمر رئاسي، وجاء ذلك بعد قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد حلّ الحكومة وتجميد البرلمان التونسي ليل الاثنين.

وقضى الأمر الرئاسي الجديد بتعطيل العمل بالإدارات المركزية، والمصالح الخارجية، والجماعات المحلية، والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، مدة يومين، مع إمكانية تمديد التعطيل، واستثنيت من ذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية والصحية.

وجاء قرار الغلق في بيان عاجل، نُشر على صفحة الرئاسة التونسية مساء الاثنين، دون توضيح الأسباب أو ذكر الهدف منه، بخاصة أنه يصدر أول مرة بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، إذ لم تغلق المؤسسات العمومية إلا في الأعياد والعطل الرسمية.

تعطيل أم كشف عن ملفات فساد؟

ورأى المحلل السياسي بولبابة سالم أن غلق المؤسسات العمومية يعدّ تعطيلا لمصالح المواطنين والسير الاعتيادي لمؤسسات الدولة، وقال إن "المواطن لديه مصالح إدارية مربوطة بآجال معينة، وهذه القرارات أتت فجأة، ولا علاقة لها بإقالة الحكومة".

وعن أسباب اتخاذ هذه القرارات، يرجح سالم أن الرئيس سعيّد "ربما أراد فرض رقابة ما، أو إحداث تغييرات معينة لا نعلمها".

وقال سالم للجزيرة نت "حتى لو فرضنا أن الرئيس أراد الكشف عن ملفات فساد، فمصلحة المواطن تقتضي الاحترام أيضا.. ثم إن الفساد ليس فقط في الإدارات العمومية، بل كان الأجدر به البدء بالحيتان الكبيرة ولوبيات الفساد وكبار اللصوص، بمن فيهم من ينهب البنوك العمومية التونسية التي أصبحت مفلسة مقارنة بالبنوك الخاصة".

مبنى رئاسة الحكومة بتونس
مبنى رئاسة الحكومة بتونس (مواقع التواصل)

إغلاق مكلف

وأرجع الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي الغاية من قرار غلق المؤسسات العمومية إلى التثبت من ملفات الفساد، ولكنه قال "إذا لم ينجح الأمر، فإن النتيجة ستكون عكسية وستعود الأضرار على مؤسسات الدولة لأن إغلاقها مكلف ومضيعة للوقت".

وقال الشكندالي في تصريح للجزيرة نت "حسب اعتقادي إذا لم يستطع هذا الإغلاق الكشف عن ملفات وازنة ضمن جهود مكافحة الفساد، فالأفضل أن لا نخسر أياما أخرى مكلفة للاقتصاد التونسي".

وأضاف "لا نستطيع أن نثمن هذا القرار إلا إذا تحقق الهدف المرجو منه. ثم إن البنوك العمومية يجب أن يشملها القرار أيضا، فهي أهم من الإدارات باعتبارها ركيزة الاقتصاد، وإذا لم تغلق البنوك فالغاية لم تتحقق".

مكافحة فساد أم تمويه؟

ويرى المحلل السياسي الأمين البوعزيزي أن ما قام به رئيس الجمهورية من غلق للمؤسسات العمومية لا يُعد مكافحة للفساد، "بخاصة بعد أن صرح الاثنين أن رجال الأعمال في أمان، في حين لم نره أوقف أحدا من المتهمين بالفساد الذين يتحدث عنهم دائما".

و"مثلما وضع يده على المؤسسات الديمقراطية وجمدها"، يقول البوعزيزي "وضع سعيّد يده اليوم على المؤسسات العمومية، حتى يعتقد الناس أنه سيكافح الفساد".

وبرأي المحلل، إذا أراد الرئيس ذلك فعلا، "عليه أن يعتقل عصابات المال الكبرى في البلاد، أو المتواطئين معهم من السياسيين خاصة، بعد أن أصبحت في يده جميع السلطات".

لذا، عدّ البوعزيزي غلق المؤسسات "تمويهًا لمناصري سعيّد، بأنه شرع في مكافحة الفساد التي توعد بها منذ توليه المنصب، لا غير".

المصدر : الجزيرة