قرب اكتمال الانسحاب الأميركي.. هدوء في جبهات القتال بأفغانستان وطالبان تطلق العشرات من قوات الحكومة

Rockets hit near the presidential palace in Kabul
عدة صواريخ سقطت في محيط القصر الرئاسي بأفغانستان في أول أيام عيد الأضحى (الأناضول)

ساد الهدوء مختلفَ جبهات القتال أول أيام عيد الأضحى، في حين قال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن الحركة قررت إطلاق سراح عشرات من قوات الحكومة في مختلف ولايات البلاد بمناسبة العيد.

وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان لشبكة "سي إن إن" (CNN) "سياستنا قائمة على التوصل إلى حل سلمي في أفغانستان" مشيرا إلى أن سيطرة الحركة على بعض المديريات تمت "بعد أن انضمت قوات الأمن فيها إلى صفوفنا".

وفي تصريحات سابقة قال ذبيح الله مجاهد إن الحركة قررت إطلاق سراح العشرات من قوات الحكومة الأفغانية في مختلف ولايات البلاد بمناسبة عيد الأضحى.

وكانت طالبان تعلن في عطلات الأعياد السابقة وقفا مؤقتا لإطلاق النار، وتقول إنها تريد أن تترك المواطنين الأفغان يقضونها في سلام.

وكانت 6 قذائف هاون سقطت قرب القصر الرئاسي في العاصمة الأفغانية كابل، ولم ترد بعد تقارير عن سقوط ضحايا، بحسب مصدر أمني في أفغانستان.

وتظهر مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي لحظة سقوط الصواريخ.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر لحظة سقوط الصواريخ قرب القصر الرئاسي وأثناء صلاة العيد، قبيل وقت وجيز من إلقاء الرئيس الأفغاني أشرف غني خطابا بمناسبة عيد الأضحى، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية.

وسمع دوي الصواريخ التي أطلقت حوالي الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي في أنحاء المنطقة الخضراء المحصنة أمنيا، والتي تضم قصر الرئاسة إلى جانب عدد من السفارات، من بينها السفارة الأميركية.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية ميرويس ستانكزاي "أطلق أعداء أفغانستان اليوم هجمات صاروخية في أنحاء مختلفة من مدينة كابل".

وأضاف "أصابت جميع الصواريخ 3 أجزاء مختلفة (من العاصمة)، وبناء على معلوماتنا الأولية لم يسقط أي ضحايا".

وقال مراسل الجزيرة محمود الزيبق إن الصواريخ أطلقت أثناء إقامة صلاة العيد التي أمّ فيها المصلين رجل ببدلة عسكرية وبحضور الرئيس غني وكبار المسؤولين.

وذكر أن الرئيس أشرف غني قال في كلمة له بعد صلاة العيد "أرادونا أن نغادر، هل رأيتم أحدا غادر من هنا؟".

وأكد غني في كلمته أن طالبان فقدت شرعيتها الوطنية والدينية، كما وجّه انتقادات لاذعة لباكستان، وقال إن حركة طالبان تجد ملاذا آمنا هناك.

وأضاف أن وسائل الإعلام الدولية تصور الوضع في أفغانستان بشكل يوحي بأن الحكومة ستسقط، وهذا مناف للواقع، حسب قوله.

وسبق أن استهدفت صواريخ القصر الرئاسي مرات عديدة كان آخرها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وتتزامن العملية مع هجوم واسع تشنه طالبان في أنحاء البلاد، في وقت تمضي القوات الأجنبية قدما بانسحابها المقرر استكماله بنهاية أغسطس/آب المقبل.

وأعلنت القيادة الوسطى الأميركية تسليم 7 منشآت لوزارة الدفاع الأفغانية، واكتمال عملية الانسحاب بنسبة 95%.

رؤية روسيا للأزمة

من جانبها، قالت الخارجية الروسية إن من السابق لأوانه الحديث عن انهيار حكومة الرئيس أشرف غني وإعادة تشكيل ميزان القوى في أفغانستان.

وأضافت الوزارة أن قيادة طالبان سئمت الحرب، وتدرك أن من الضروري البحث عن مخرج سياسي من المأزق في أفغانستان.

بدوره، قال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان، زامير كابولوف، إن حركة طالبان قد تستحوذ على السلطة بالقوة، في حال عدم تحقيق أي تقدم في المسار السياسي في البلاد.

وأضاف كابولوف أنه لا يستبعد أن تسيطر الحركة على مركزين إداريين أو 3 قريبا، لافتا إلى أنها تستطيع السيطرة على أكثر من ذلك.

شروط تركية لتأمين مطار كابل

وفي سياق آخر، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تدرس إمكانية تشغيل مطار كابل في أفغانستان في حال تلبية شروطها.

وذكر أن شروط بلاده لإدارة مطار كابل "هي وقوف واشنطن إلى جانبنا دبلوماسيا وتقديم الدعم اللوجستي".

وأضاف أن طالبان يمكن أن تجري لقاءات مع تركيا بشكل أسلس من لقاءاتها مع الأميركيين، لأنها تشترك معها في عقيدة واحدة، مشيرا إلى أن أنقرة ستناقش مع حركة طالبان المستاءة من بعض الأمور ملف أفغانستان والمسيرة المتعلقة بتشغيل مطار كابل.

وأكد أردوغان أن الشعب الأفغاني ناضل طويلا ضد القوى الإمبريالية، وأن تركيا وقفت دائما إلى جانب نضال الأفغانيين.

وأضاف "الآن هناك حقبة جديدة، الولايات المتحدة قررت الانسحاب من أفغانستان، وتركيا كانت تقوم بتشغيل مطار كابل بالفعل منذ 20 عاما، والآن هناك رغبة لمواصلة تولينا هذه المهمة، ونحن ننظر بإيجابية لهذا الأمر".

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها تضع اللمسات الأخيرة مع الجانب التركي بشأن تأمين مطار كابل الدولي.

وكان الرئيسان التركي والأميركي جو بايدن بحثا هذه المسألة في لقاء ثنائي جمعهما على هامش قمة حلف الناتو التي عقدت الشهر الماضي.

ترحيب بمحادثات الدوحة

ورحبت الأمم المتحدة وواشنطن بنتائج المحادثات التي عقدت في الدوحة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.

وفي وقت مبكر من فجر اليوم الثلاثاء، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش يرحب بالإعلان المشترك بين طالبان والحكومة الأفغانية بالدوحة، ويحثهما على الوفاء بالتزامهما بتسريع المفاوضات.

وأضاف أن غوتيريش يشدد على أهمية التوصل إلى تسوية تلبي احتياجات الأفغان، كما يدعو المجتمع الدولي لتوحيد جهوده لدعم السلام بأفغانستان.

من جهة أخرى، أفاد بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس بأن واشنطن ترحب بنتائج المحادثات الأفغانية في الدوحة، وتطالب حركة طالبان بالالتزام بالإعلان المشترك لحماية المدنيين والبنية التحتية في أفغانستان.

بدوره، اعتبر المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد أن اجتماع الدوحة كان "خطوة إيجابية" نحو إنهاء الحرب في البلاد، وأضاف عبر حسابه بموقع تويتر "ولكن يجب القيام بالمزيد بشكل عاجل".

وأضاف خليل زاد أن "هناك تقارير موثوقة عن الفظائع آخذة في الظهور، التزام الأطراف بمنع وقوع إصابات في صفوف المدنيين هو بداية، لكن التسوية السياسية عن طريق التفاوض هي وحدها القادرة على إنهاء هذا العنف".

وخلال لقاء مع الجزيرة قال محمد نعيم الناطق باسم المكتب السياسي لحركة طالبان وعضو وفد الحركة إلى مفاوضات الدوحة إن المحادثات كانت فرصة جيدة لتقريب وجهات النظر، مؤكدا أن لقاءات وفد الحركة مع الوفد الحكومي ستستمر.

وفي السياق ذاته، دعا رئيس لجنة المصالحة الوطنية في أفغانستان عبد الله عبد الله طرفي المفاوضات إلى التحلي بالمرونة، وقال للجزيرة إن الطرفين لم يتفقا بعد على خريطة طريق محددة لوقف القتال.

يأتي ذلك بعد اختتام جولة جديدة من مفاوضات الدوحة بين طالبان والحكومة الأفغانية، حيث أعلن الطرفان الاتفاق على الإسراع بالمفاوضات من أجل التوصل إلى حل عادل، وإلى تسوية تلبي مصالح الأفغان وفق المبادئ الإسلامية.

ووقّعت أميركا أمس الاثنين -إلى جانب 14 بعثة دبلوماسية أجنبية في كابل- بيانا مشتركا يحث طالبان على وقف الهجمات العسكرية المستمرة في أنحاء البلاد، وقالت فيه "في عيد الأضحى يجب أن تضع طالبان أسلحتها للأبد، وأن تظهر للعالم التزامها بعملية السلام".

وحذر القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني الجنرال باسم الله محمدي من أنه لن يسمح لطالبان بفرض أهدافها على الشعب بالقوة من خلال مواصلة حملتها العسكرية.

وقال محمدي إن "دعم الشعب كما يتضح من انضمام قوى الانتفاضة الشعبية إلى القوات الأفغانية، رفع الروح المعنوية للقوات الأمنية، وفي بعض الحالات قلل مستوى التهديد".

من جانبها، قالت الحكومة إن مراكز منطقة دارا إي سوف في سمنغان وجارمسير في هلمند قد استعادتها قوات الدفاع الوطني الأفغانية، في حين أفادت مصادر بأن مناطق مالستان في غزنة، ونجراب في كابيسا، ودهرود في أوروزجان قد سقطت في أيدي طالبان.

المصدر : الجزيرة + وكالات