السياسي العراقي البارز عبد الحسين عبطان للجزيرة نت: لا تأجيل للانتخابات لكننا مقبلون على مصائب كبيرة

عبطان أكد وجود قوى خارجية تعمل بمساعدة جهات داخلية على تأجيل الانتخابات لبقاء حكومة الكاظمي لأطول فترة ممكنة

عبد الحسين عبطان / وزير الشباب والرياضة العراقي الأسبق و رئيس تيار اقتدار وطن
عبطان يرى أن هيبة الدولة لا تنحصر بتعزيز الأمن بل بإيجاد تنمية وتوفير عيش كريم للمواطن (الجزيرة)

بغداد- ارتبط اسمه بالنهضة الرياضية التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية، وشهدت فترة توليه حقيبة الرياضة والشباب افتتاح عدد من المنشآت والملاعب الرياضية الحديثة، فضلا عن رفع الحظر الجزئي عن الملاعب العراقية.

أجرت الجزيرة نت حوارا مع عبد الحسين عبطان وزير الشباب والرياضة الأسبق ورئيس تيار "اقتدار وطن"، تحدث فيه عن أسباب تشكيله حراكا سياسيا مستقلا من الشباب، مبتعدا بذلك عن صقور السياسة في العراق، وتناولت معه ملفات عدة، أبرزها الانتخابات المبكرة المقررة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وانسحاب القوات الأميركية من العراق، وعلاقة بغداد مع المحيط العربي في ظل الصراع الإيراني الأميركي ووساطتها للتقريب بين الرياض وطهران.

ويقول عبطان -المولود في 1964 بمدينة النجف جنوب بغداد- إن تجربة أفغانستان أو اليمن لن تتكرر في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية، عازيا ذلك إلى اختلاف الجغرافيا وطبيعة النظام السياسي بين العراق وتلك البلدان. ويرى أن استقرار بلاد الرافدين لن يتحقق إلا بسحب الإدارة الأميركية لجنودها من العراق.

وأشار إلى أن التكهنات ترجح إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، رغم إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقاطعة الاقتراع، وشدد على وجود قوى خارجية تعمل بمساعدة جهات داخلية على تأجيل الانتخابات لبقاء الحكومة الحالية لأطول فترة ممكنة.

عبد الحسين عبطان / وزير الشباب والرياضة العراقي الأسبق و رئيس تيار اقتدار وطن
عبطان متحدثا إلى مراسل الجزيرة نت عن ملفات سياسية عدة (الجزيرة)

وفيما يلي نص الحوار:-

  • ما سبب استقالتكم من البرلمان الحالي، وخروجكم من تيار الحكمة وتشكيل كيان سياسي جديد؟

بعد إعلان نتائج الانتخابات عام 2018 ومع انعقاد الجلسات الأولى لمجلس النواب في دورته الرابعة وجدت هناك تغييرا في الخارطة السياسية بعد تلك النتائج، علما أن التغييرات التي كنا مقبلين عليها خطيرة جدا، إذ سيتمخض عن ذلك فيما بعد من تردٍّ للأوضاع الأمنية واحتجاجات واسعة وما شابه ذلك، لذلك كتبتُ رسالة مطولة إلى القادة السياسيين ورئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي، شرحت فيها وحذرت من خطورة تلك المتغيرات التي ستطرأ على الميدان السياسي العراقي والتي ستدخل البلاد لاحقاً بمتاهات قد يصعب الخروج منها، علما أن تلك المتغيرات كانت هي مظاهرات عام 2019، وحقيقة أقول إن القادة السياسيين في العراق، لم يتعاطوا مع هذه المتغيرات، هذا الأمر من عدم التعاطي دفعني إلى تقديم استقالتي من مجلس النواب العراقي، والاتجاه نحو تشكيل تجمع سياسي مستقل يعتمد على الثمار التي جنيناها من النجاحات خلال أعمالنا في وزارة الشباب والرياضة.

  • المطالبات بإخراج الأميركيين من العراق قد تعيد سيناريو اليمن وأفغانستان في البلاد.. كيف يمكن الخروج من عنق الزجاجة التي وضع البلد فيها؟

    هيبة الدولة العراقية، لا تنحصر بتعزيز الأمن وحصر السلاح فقط، تعزيز هيبة الدولة يتطلب من الحكومة إيجاد تنمية وتوفير عيش كريم للمواطن، على اعتبار أن التغلب على البطالة وتنمية الاقتصاد سيبني مجتمعا متماسكا مساعدا للحكومة في تجاوز أزماتها، ومساعدا للدولة كذلك في المحافظة عليها من أي أخطار، خصوصا أن انسحاب القوات الأميركية من العراق لن يكرر تجربة أفغانستان أو اليمن في الميدان العراقي، لعدة أسباب من بينها اختلاف الجغرافيا وطبيعة النظام السياسي بين العراق وتلك البلدان، والأهم من ذلك أن السبب الذي جاءت من أجله تلك القوات هو وجود الإرهاب الذي كان يهدد المنطقة. الآن العراق تجاوز تلك المشكلة وزمن الإرهاب انتهى فلم يعد هناك سبب لاستمرار بقائها، أضف إلى ذلك القرار الصادر عن مجلس النواب العراقي الذي يلزم واشنطن بسحب قواتها العسكرية من الأراضي العراقية، فإذا كانت تحترم سيادة العراق وهيبة الدولة عليها تنفيذ ذلك القرار.

  • هجمات الفصائل على المصالح الأميركية تقوض سلطة الدولة وتصب في صالح إيران في صراعها مع أميركا على حساب العراق.. كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟

الفصائل في العراق أعلنت أنها ستزيد من هجماتها الصاروخية على المصالح الأميركية في حال إصرار واشنطن الإبقاء على قواتها، وامتناعها عن تنفيذ القرار البرلماني الصادر في يناير/كانون الثاني عام 2020، وهذا الأمر سيعطي الفصائل الدافع لاستمرار الهجمات والتي ستكون بشكل متصاعد كلما أصرت واشنطن على البقاء، خصوصا أن تلك الهجمات لا تصب في صالح الصراع الأميركي-الإيراني، لأن المتضرر من وجودالأميركيين هو الشعب العراقي أولا وأخيرا، وحل مشكلة الصراع هو بسيط جدا يكمن في تطبيق قرار إلزام القوات الأميركية بمغادرة أرض العراق، وعندها ستسقط جميع الذرائع حول استهداف مصالحهم داخل البلاد.

  • ما السبيل إلى خلق توازن في ملف السياسة الخارجية بما يخدم مصالح العراق أولا؟

السياسة الخارجية لأي بلد يجب أن تحكم مصلحته أولاً، إذ لا يمكن تفضيل مصلحة بلد جار على حساب بلدك، وهذا يحتاج إلى حكومة قوية قادرة على إدارة ملف العلاقات الخارجية بطريقة تخدم مصلحة العراق أولاً وتخدم مصالح المواطنين والمجتمع وتطور مؤسساته ثانيا، وتجنب البلد أشكال الصراع في المنطقة، لأنه لا يمكن فرض هيبة الدولة في الداخل وعلاقاتك الخارجية يشوبها الكثير من الإخفاقات، كما أنه لا يمكن تفضيل طرف على طرف آخر في التوازن الدولي، برأيي أن الحكومة الحالية تدير ملف العلاقات الخارجية بشكل جيد نوعا ما ولكن ليس بالمستوى المطلوب.

  • متى يشعر المواطن العراقي أنه يعيش ببلد غني على غرار الدول النفطية الأخرى؟

تجمع "اقتدار وطن" يضم شبابا وأشخاصا من الذين خاضوا تجارب إدارة الدولة ويسعون مستقبلا إلى إدارة البلاد بطريقة غير كلاسيكية خلال المرحلة المقبلة، لذلك عندما يتصدون للمسؤولية التنفيذية والتشريعية سيشعر عندها المواطن العراقي أنه يعيش في وطن غني بالنفط قادر على مواجهة الأزمات كبقية البلدان المجاورة، على اعتبار أن التصدي لهذه المواقع يحتاج إلى فريق واحد منسجم غير خاضع إلى ضغوط سياسية ويمتلك القدرة ويتحمل المسؤولية الكاملة في محاربة الفساد ومعالجة المشاكل والأزمات المتراكمة والتي تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة واحتواء الشباب ومنعهم من الهجرة خارج بلدهم.

  • ما خططكم لمواجهة ظاهرة هجرة العقول؟

لدينا مشروع وخطة عمل متكاملة لتوظيف وتأهيل الشباب، لأنني كما ذكرت هيبة الدولة تكمن في إيجاد فرص للتنمية واستيعاب الشباب واستغلال الحس الوطني وتوظيفه لمصلحة البلد، لأنه متى ما استشعر الشاب أو صاحب العقلية العملية بأن بلده بحاجة إليه، ومتى ما توفرت له الظروف فإنه سيعمل على تلبية متطلبات بلده وسيكون حاضرا متى ما كان هناك احتواء لشريحة الشباب، وبطبيعة الحال فإن ذلك يعتمد على الحكومة صاحبة البرنامج الصحيح في منع هجرة أصحاب العقول والكفاءات العلمية وغيرها.

  • ‏ هناك حديث عن تصعيد أمني من شأنه تأجيل الانتخابات المبكرة؟

أقولها بصراحة الانتخابات المبكرة لن تتأجل وستقام في موعدها المحدد هو العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكن هناك قوى خارجية تعمل بمساعدة جهات داخلية على تأجيل الانتخابات لبقاء حكومة مصطفى الكاظمي لأطول فترة ممكنة.

  • لماذا وما الغاية من بقاء الحكومة الحالية لأطول فترة ممكنة؟

تلك الجهات الداخلية والخارجية تعتبر حكومة الكاظمي قريبة منها سياسيا وتتقارب معها في الرؤى على صعيد ملفات عديدة، فلا بد من مواصلة دعمها لأطول وقت ممكن، بالتالي إجراء الانتخابات ليست من مصلحة تلك الجهات، لكن بمقابل ذلك توجد تيارات سياسية وشخصيات وحتى المرجعيات الدينية في مدينة النجف تصر على إجراء الانتخابات في موعدها المتفق عليه لأنها تمثل المخرج وطوق النجاة للعراق من أزماته الراهنة سواء أكانت تلك الأزمات سياسية أم أمنية أم خدمية.

  • إذن ما الذي ينتظر العراق خلال الأشهر المقبلة حتى يوم الاقتراع؟

العراق مقبلٌ على مصائب كبيرة، وهذه المصائب ستكون على هيئة ضربات توجه إلى قطاعات حساسة، وسيبدأ هذا التصعيد منذ هذه الأيام وصولاً إلى يوم الاقتراع، المشاكل ستتركز في زعزعة الوضع الأمني وتهديدات تؤثر على الاقتصاد مع وجود مخاوف من انهيار منظومة الخدمات، لقد لاحظ الجميع ما شهده العراق في الأيام الماضية من تردي ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية وخروج الشبكة الوطنية عن الخدمة، فضلاً عن الحرائق التي طالت مؤسسات حكومية وغير حكومية، إضافة إلى المستشفيات، كل تلك التصرفات تدخل ضمن أوراق الضغط لتأجيل الانتخابات، لكنني أكرر لا تأجيل للانتخابات وستقام في موعدها المحدد.

  • ‏ماذا عن صراع القوى التقليدية والقوى الجديدة في الانتخابات المرتقبة؟

نحن نصر على خوض الانتخابات المبكرة بمفردنا كون التحالفات الانتخابية التي أعلنت عنها مفوضية الانتخابات لا جديد فيها، وتلقينا طلبات من كتل مستقلة جديدة وزعامات سياسية مؤثرة في المشهد العراقي، للدخول في ائتلاف موحدة لخوض الانتخابات، لكننا رفضنا ذلك وفضلنا خوض الانتخابات بمفردنا، وأستطيع القول إن قانون الانتخابات الحالي، واعتماد الدائرة الواحدة سيغيران الكثير من الخارطة السياسية العراقية التي اعتاد عليها المواطن سابقا.

  • ‏كيف سيؤثر الفاعل الدولي في شكل الحكومة المقبلة، من ناحية الموالاة والمعارضة؟

الفاعل الدولي كان موجودا في رسم ملامح الحكومات السابقة، وسيكون له وجود أيضا في التشكيلة المقبلة، أنا لديّ قراءاتي الخاصة ومعلوماتي التي لا أستطيع ذكرها عن شكل الحكومة المقبلة، لكن بطبيعة الحال ستكون مرضية للعراقيين.

يتجه العراق في ظل حكومة الكاظمي نحو التحالفات مع الأردن ومصر والعودة إلى الحضن العربي، هل تدعمون هذه الخطوات؟

الاتفاقية الموقعة مع مصر والأردن والتي تمخض عنها مشروع "المشرق الجديد" خطوة جيدة في حال نُفذت بنودها وتوصياتها، لكن الحكومات السابقة إضافة للحالية أبقت اتفاقياتها مع الدول الأخرى حبرا على ورق، ولم ينفذ منها شيء، لكن ذلك لا يمنع من تقارب العراق مع المحيط العربي بما يخدم المصالح المشتركة.

  • كانت هناك دعوة قطرية لفتح حوار بين السعودية وإيران، والعراق أول المرحبين بهذه الدعوة.. كيف سيسهم هذا الحوار في إرساء الاستقرار؟

دعوة دولة قطر لقيادة حوار بين السعودية وإيران مهمة وخطوة جيدة، ستسهم في إرساء الاستقرار على الصعيدين العربي والمحلي، هذا الاستقرار سيسهم في تعزيز أمن العراق وسيدفع بالمخاطر عنه، خصوصا أن الطرف العراقي قادر أيضا على التوسط بين الرياض وطهران لتخفيف التوتر بين الطرفين، والعراق الآن يقود أطراف الحوار، لكن ليس بالمستوى المطلوب، غير أن إنهاء التصعيد بين الرياض وطهران يحتاج إلى حكومة عراقية قادرة على تجاوز العقبات، بما يسهم في خلق حالة من الاستقرار الداخلي والخارجي.

المصدر : الجزيرة