هل عادت عقوبة التجريس؟ وزير التعليم يعلن قائمة الطلبة الغشاشين بمصر

blogs الثانوية العامة
مرحلة الثانوية العامة تحظى باهتمام بالغ في مصر من الطلاب وأولياء أمورهم (رويترز)

القاهرة- لم يعد الغش داخل المدارس المصرية مجرد وقائع تنحصر تفاصيلها وعقوبتها داخل الساحة التعليمية فقط؛ إذ إن الطالب المضبوط بالغش لم يصبح عرضة للحرمان من أداء الامتحانات فحسب، بل بات معرضا كذلك لعقوبة "التجريس" أو الفضح، بنشر اسمه في بيانات وزارة التربية والتعليم التي تتداولها مختلف وسائل الإعلام.

وفي بيانات متتالية شملت أسماء الطلاب -بالأحرف الأولى- والعقوبات المقررة عليهم، كشف وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، عن حالات الغش التي تم رصدها منذ بدء امتحانات الثانوية العامة، مطلع الأسبوع الجاري.

ونشر الوزير المثير للجدل -الذي طالما أغضب الطلاب وأولياء أمورهم- قائمة مفصلة بأسماء طلاب الثانوية العامة الذين قاموا بالغش، وأرقام القضايا التي تم تقديمها ضدهم، والعقوبات التي وقعت عليهم من جانب الوزارة.

وقالت غرفة العمليات المركزية بوزارة التربية والتعليم، إنها رصدت 8 حالات غش في اليوم الأول للامتحانات، و15 حالة في اليوم الثاني، و23 حالة في اليوم الثالث، و27 حالة في اليوم الرابع.

ويبلغ عدد الطلاب الذين يؤدون امتحانات الثانوية العامة ٦٤٩٣٨٧ طالبا وطالبة، منهم ٢٩٢٨٥٢ طالبا وطالبة في شعبة علمي علوم، و١٠٠١٦٩ طالبا وطالبة في شعبة علمي رياضيات، و٢٥٦٣٦٦ طالبا وطالبة في الشعبة الأدبية.

ويصل عدد لجان الامتحان إلى 2189 لجنة، منها 1794 لجنة إلكترونية و395 لجنة ورقية، وفق ما أعلن عنه نائب وزير التعليم في تصريحات صحفية.

الغش جريمة

واعتبارا من العام الدراسي الحالي، بدأ تطبيق قانون مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات، الذي غلظ عقوبة الغش في الامتحانات، بعد أن وافق عليه مجلس النواب في أغسطس/آب الماضي.

وبموجب القانون يعاقب كل من طبع أو نشر أو أذاع أو روج -بأي وسيلة- أسئلة الامتحانات وأجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية، بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات، بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 7 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه.

كذلك يُحرم الطالب الذي يرتكب الغش أو الشروع فيه من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام الدراسي ذاته، ويعتبر راسبا في جميع المواد.

رقابة مشددة

وتحدث وزير التعليم عما وصفها بـ"إجراءات صارمة" تطبق هذا العام لأول مرة في تاريخ امتحانات الثانوية العامة؛ من أجل مكافحة الغش في الامتحانات الذي اعتبره آفة مجتمعية لا بد من التخلص منها.

وأوضح خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «الحكاية» المذاع عبر فضائية "إم بي سي مصر" (MBC مصر)، المملوكة للسعودية، وجود كاميرات داخل لجان الامتحان وعناصر أمن لمراقبة سير اللجان، لافتا إلى دور مباحث الإنترنت في متابعة سير الامتحانات ورصد أي مخالفة مثل دخول اللجان بهواتف محمولة.

وقال إن الوزارة تفادت الغش وتسريب الامتحانات بعدم إدراجها منصة الامتحان على أجهزة التابلت التي كانت الوزارة قد اعتمدتها في وقت سابق وسيلة تعليمية وأثارت جدلا كبيرا بالنظر إلى أسباب عدة، من بينها ضعف البنية الإلكترونية في مصر.

خطوة مربكة

من جانبه، اعتبر الخبير بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، الدكتور محمد فتح الله، نشر أسماء الطلبة الغشاشين خلال الامتحانات خطوة جانبها الكثير من الصواب.

وقال -في حديثه للجزيرة نت- إن نشر أسماء الطلبة المضبوطين بالغش ليس قرارا رادعا بقدر ما هو مقلق ومربك لباقي الطلاب وكذلك أولياء الأمور.

وأضاف فتح الله أن نشر أسماء الطلبة الغشاشين يؤدي إلى تعاطف زملائهم الممتحنين معهم كونهم تعرضوا لأذى نفسي بسبب التشهير بهم، مؤكدا أن الأصوب هو تأجيل إعلان حالات الغش -من دون ذكر الأسماء- لحين انتهاء جميع الطلاب من أداء الامتحانات.

واستطرد "حتى في الحروب لا تعلن الدول خسائرها خلال المعارك، فلماذا يتم الإعلان عن حالات الغش خلال الامتحانات؟"

وأبدى الخبير التربوي تعجبه من سرعة الانتهاء من التحقيقات الخاصة بوقائع الغش ونشرها في اليوم التالي مباشرة من جانب وزارة التعليم، موضحا وجود آليات ومراحل عدة تخص عملية التحقيق في حالة الغش المضبوطة قد تمتد لعدة أشهر لإثبات أو نفي الواقعة.

تاريخ التجريس

يذكر أن مصطلح التجريس، له تاريخ قديم في مصر، حيث ظهر قبل أكثر من ألف سنة بحق معارضي السلطة وانتهى به في الألفية الثالثة إلى طلبة الثانوية العامة.

وارتبط المصطلح في مصر ببداية حكم الفاطميين للبلاد سنة 968 ميلادية، وفق دراسات تاريخية قالت إن من كان يضبط بمعارضة السلطة أو بارتكاب جريمة كالسرقة كان يجبر على السير في شوارع القاهرة وبجواره شخص آخر يحمل جرسا، وكان الشخص المراد التشهير به يلبس خِرقًا ملونة وطرطورا فوق رأسه، أو يركب حمارا بالمقلوب، أو يتم وضعه داخل قفص حديدي مكبل اليدين كي يكون عبرة لمن يفكر في سلوك نفس الطريق.

وكان فريق مكافحة الغش الإلكتروني التابع لغرفة عمليات وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، قد أعلن خلال امتحانات الثانوية العامة العام الماضي عن ضبط 84 حالة غش بين الطلاب، إلا أنهم لم يتعرضوا للتجريس الذي بدأت الوزارة في استخدامه بداية من العام الجاري باعتباره عقوبة جديدة.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي