العراق.. تضارب في التصريحات الرسمية بشأن عدد قتلى حريق الناصرية والقضاء يأمر بالقبض على 13 مسؤولا

تضاربت التصريحات الرسمية في العراق بشأن أعداد القتلى جراء الحريق الذي شب في مستشفى الحسين بمدينة الناصرية، بينما أصدر القضاء أوامر اعتقال لـ13 مسؤولا في مديرية صحة محافظة ذي قار على خلفية الفاجعة.

وقالت وزارة الصحة العراقية، اليوم الأربعاء، إن حصيلة قتلى الحريق الذي شب الاثنين بمستشفى الحسين في مدينة الناصرية ارتفع إلى 60 قتيلا، بينهم 21 جثة مجهولة الهوية. وكانت وكالة الأنباء العراقية نقلت أمس الثلاثاء عن دائرة صحة الناصرية أن عدد القتلى وصل إلى 92 شخصا.

وعُرضت صور لعشرات الجثث مسجاة في المستشفى، في وقت تحاول فيه السلطات التعرف على هويات أصحابها قبل تسليمها إلى ذويها الذين تجمعوا في المكان منذ اندلاع الحريق، وقد سُلّمت بعض الجثث بالفعل، وسط أجواء طغى عليها الحزن والغضب.

وعند مشرحة المدينة، انتشرت مشاعر الغضب بين المواطنين الذين تجمعوا في انتظار تسلم جثث ذويهم.

وقال محمد فاضل الذي كان ينتظر أمام المشرحة لتسلم جثة شقيقه "لم تكن هناك استجابة سريعة للحريق، ولم يكن هناك عدد كاف من رجال الإطفاء. والمرضى ماتوا حرقا، إنها كارثة".

وقالت الشرطة وسلطات الدفاع المدني إن تحقيقا كشف أن الحريق بدأ عندما تسبب شرر متطاير من أسلاك تالفة في انفجار خزان أكسجين في المستشفى.

أسباب الحريق

وقال عمار الزاملي الناطق باسم مديرية صحة ذي قار (جنوب) للجزيرة، إن "سبب الحريق استخدام خاطئ لأسطوانات الأكسجين".

بدوره، قال الدفاع المدني في ذي قار إنه نبه إلى تسرب في الأكسجين بمستشفى العزل في الناصرية قبل الحريق.

من جهته، أعلن مدير الدفاع المدني العراقي كاظم بوهان أن السبب الرئيسي للانتشار السريع لحريق مستشفى الحسين بمدينة الناصرية هو المادة المستخدمة في العزل الحراري وتسمى "ساندوتش بانل" (Sandwich panel).

وقال بوهان إن هذه المادة سريعة الاشتعال وتنبعث منها غازات سامة، مشيرا إلى أن وزارة الصحة لم تستجب لنداء عدم استخدامها في بناء مراكز العزل.

وأكد مدير الدفاع المدني العراقي أن معدات السلامة والأمان لم تكن متوفرة في مركز العزل بالناصرية لحظة وقوع الحريق.

يذكر أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي كانت قد أصدرت تعميما قبل عدة أسابيع يحظر استخدام هذه المادة لبناء المراكز الصحية.

وقد كشفت مصادر في وزارة الصحة العراقية للجزيرة عن بدء إغلاق كافة المراكز الصحية التي أنشئت مؤخرا من المادة المذكورة ونقل المرضى الموجودين في هذه المراكز إلى المستشفيات.

محاكمات واحتجاجات

في الأثناء، أصدرت محكمة استئناف محافظة ذي قار جنوبي العراق، أمس الثلاثاء، أوامر اعتقال بحق 13 مسؤولا في مديرية صحة المحافظة، بينهم مدير الدائرة العام.

ووفق بيان صادر عن محكمة تحقيق النزاهة في ذي قار‎ (تتبع مجلس القضاء الأعلى)، فقد صدر 13 أمر قبض على مسؤولين في دائرة صحة المحافظة، بينهم مدير الدائرة صدام الطويل، وذلك على خلفية الحريق الذي اندلع في مستشفى الحسين التعليمي، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (واع).

ولم يذكر البيان تفاصيل إضافية عن أسماء ومناصب المسؤولين الذين صدرت أوامر القبض عليهم.

وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس الثلاثاء، إن بلاده بحاجة ملحة إلى إطلاق عملية إصلاح إداري شامل، على خلفية مصرع العشرات في حريق مستشفى الحسين بالناصرية.

هذا، وتظاهر مواطنون في محافظة ذي قار احتجاجا على سوء الخدمات وللمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن التقصير الذي تسبب بمقتل العشرات في حريق مستشفى الحسين.

وتجمع المحتجون وسط الناصرية، رافعين شعارات منددة بالفساد، ومطالبة بمحاسبة المقصرين في القطاع الصحي بالمحافظة، كما طالبوا بسرعة الإعلان عن نتائج التحقيق الذي أوعزت به الحكومة.

وأغلق محتجون مستشفيات ومراكز صحية خاصة في مدينة الناصرية جنوبي العراق، احتجاجا على حريق مستشفى الحسين الذي خلّف عشرات القتلى والجرحى.

ومنع المحتجون الفرق العاملة في هذه المراكز الصحية من مزاولة أعمالهم، كما رددوا هتافات تندد بسوء الخدمات الصحية، وعدم تأمين تلك المستشفيات، بحسب وصفهم.

وهذه ثاني مأساة من نوعها في العراق في 3 أشهر، ففي أبريل/نيسان أودى انفجار مماثل في مستشفى ببغداد لعلاج مصابي "كوفيد-19" بحياة 82 على الأقل، وأصاب 110 آخرين.

ولدى العراق بنى تحتية محدودة ومتهالكة في مختلف القطاعات بينها قطاع الصحة جراء عقود من الحروب المتتالية وعدم استقرار الأوضاع الأمنية والفساد المستشري في البلاد.

المصدر : الجزيرة + وكالات