هل هي "متواطئة في جرائم ضد الإنسانية"؟.. التحقيق حول أنشطة شركة لافارج في سوريا أمام أعلى هيئة قضائية بفرنسا

يشتبه بأن مجموعة "لافارج" دفعت في 2013 و2014 عبر فرعها بسوريا حوالي 13 مليون يورو إلى جماعات مسلحة -بينها تنظيم الدولة الإسلامية- وإلى وسطاء؛ لضمان استمرار عمل فرعها في ظل الحرب الجارية بالبلاد.

Lafarge plant in Paris
محكمة النقض ستناقش ما إذا كانت التوصيفات الجنائية البالغة الخطورة التي اتُّهمت بها "لافارج" مناسبة (رويترز)

هل يمكن اعتبار شركة "متواطئة في جرائم ضد الإنسانية"؟ تنظر محكمة النقض الفرنسية -وهي الهيئة القضائية العليا في فرنسا- بعد غد الثلاثاء في النقاط الأساسية من التحقيق حول أنشطة شركة الإسمنت "لافارج" (Lafarge) في سوريا حتى العام 2014.

فبعد حوالي عام ونصف العام على إسقاط محكمة الاستئناف في باريس تهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" عن شركة "لافارج"؛ تنظر محكمة النقض في 6 طعون قدمت في هذه القضية الأولى من نوعها، والتي تبقى الشركة ملاحقة فيها بتهمة "تمويل الإرهاب".

وتنقض المجموعة ومسؤولان سابقان فيها -هما مدير الأمن السابق جان كلود فييار والمدير السابق لفرعها في سوريا فريديرك جوليبوا- هذه الملاحقات.

في المقابل، تدافع جمعيات عن حقها في أن تكون طرفا مدنيا في الملف، كما يكافح موظفون سابقون في لافارج بسوريا ضد إسقاط تهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" عن الشركة.

وفي سياق التحقيق القضائي -الذي فتح في يونيو/حزيران 2017 بعد شكاوى تقدمت بها وزارة الاقتصاد والمال الفرنسية والمنظمة غير الحكومية "شيربا" والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان- يشتبه بأن مجموعة "لافارج" دفعت في 2013 و2014 -عبر فرعها في سوريا "لافارج سيمنت سيريا"- حوالي 13 مليون يورو إلى جماعات مسلحة -بينها تنظيم الدولة الإسلامية- وإلى وسطاء؛ لضمان استمرار عمل فرعها في ظل الحرب الجارية في هذه البلاد.

كما يشتبه بأن المجموعة باعت إسمنتا لمصلحة تنظيم الدولة الإسلامية ودفعت لوسطاء من أجل الحصول على مواد أولية من فصائل مسلحة.

A picture taken on March 9, 2017, in Paris, shows the French headquarters of LafargeHolcim, a group created in 2015 by the merger of French cement manufacturer Lafarge and its Swiss counterpart Holcim.French-Swiss group LafargeHolcim is ready to sell its cement to build US President Donald Trump's controversial border wall, the company's CEO said in an interview. The wall Trump promised to erect along the US-Mexico border, valued at tens of billions of dollars, is at the center of a diplomatic crisis between Mexico City and Washington and is provoking criticism around the world. / AFP PHOTO / Thomas SAMSON (Photo credit should read THOMAS SAMSON/AFP/Getty Images)
"لافارج" تواجه تهما تتعلق بتمويل الإرهاب والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية (غيتي)

نوايا الشركة

وكشف تقرير داخلي طلبته "لافارج هولسيم" (LafargeHolcim) -الناجمة عن الاندماج بين الفرنسية "لافارج" والسويسرية "هولسيم" عام 2015- عن تسليم الشركة أموالا إلى وسطاء للتفاوض مع "مجموعات مسلحة"؛ غير أن المجموعة طالما نفت أي مسؤولية لها فيما يتعلق بالجهة التي تلقت هذه الأموال.

وفي يونيو/حزيران 2018 -بوقت كانت ملاحقات جارية بحق 8 كوادر ومسؤولين من المجموعة- وجّه قضاة تحقيق في باريس إلى المجموعة -بصفتها شخصا معنويا- تهم "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" و"تمويل الإرهاب" و"انتهاك حظر" و"تعريض للخطر" حياة عاملين سابقين بمصنعها في "الجلابية" شمال سوريا.

غير أن غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف بباريس أسقطت في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 تهمة "التواطؤ في جرائم بحق الإنسانية" عن الشركة بعدما تلقت التماسا منها، غير أنها أبقت على تهم "تمويل مخطط إرهابي" بحقها وبحق 3 مسؤولين سابقين فيها.

كما رفضت غرفة التحقيق انضمام 4 جمعيات بصفة "أطراف مدنيين" إلى الدعوى، وهي "شيربا" و"المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان" و"تنسيقية مسيحيي الشرق المهددين" و"لايف فور باريس" التي تضم عددا من ضحايا اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 في العاصمة الفرنسية.

وستناقش محكمة النقض -التي لا تنظر سوى في الشكل بدون الخوض في الوقائع- ما إذا كانت التوصيفات الجنائية البالغة الخطورة مناسبة في هذا الملف.

ومن بين المواضيع التي ستكون في صلب المداولات؛ الخيار ما بين "تمويل مشروع إرهابي"، وهو الجرم الذي يفترض الإثبات بأن الشركة مولت أعمالا إرهابية عن سابق معرفة بدون أن تكون لها بالضرورة دوافع محددة، وبين "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" الذي يستوجب إثبات نية خاصة بشكل ملموس أكثر، مع المعرفة المسبقة بمخطط إجرامي أكثر وضوحا والانضمام إليه.

كما سينظر قضاة محكمة النقض في مفهوم "الإثباتات الخطيرة والمتقاطعة" الضرورية لتبرير توجيه التهم الأخرى.

المصدر : الفرنسية